"العربي الجديد" يتتبع حقيقة وصول صواريخ إيرانية عبر العراق إلى سورية

"العربي الجديد" يتتبع حقيقة وصول صواريخ إيرانية عبر العراق إلى شرق سورية

30 يناير 2021
فصائل عراقية تقيم داخل الأراضي السورية المجاورة (الأناضول)
+ الخط -

أثارت تقارير إخبارية سورية تحدثت عن تسلّم مليشيات حليفة لطهران، صواريخ إيرانية قصيرة ومتوسطة المدى في مناطق سورية مجاورة للعراق ضمن محافظة دير الزور (أثارت) لغطاً جديداً في العراق. 

وفيما تؤكد مصادر سياسية وحكومية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن الحدث يجري بشكل متكرر، وأن العراق محطة عبور للسلاح والمقاتلين والدعم الإيراني لنظام الأسد، نفى المعسكر القريب من طهران ذلك، معتبراً أنها "كذبة".

ووفقاً لمعلومات نقلها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية تسلّمت شحنة صواريخ إيرانية الصنع من نوع "أرض – أرض" قصيرة ومتوسطة المدى، غربي محافظة دير الزور السورية. وذكر المرصد أن المليشيا المتمركزة في محيط بلدة التبني الخاضعة لسيطرة قوات النظام غربي دير الزور، تسلمت شحنة الصواريخ، و أنها أُدخِلَت عبر معابر غير رسمية بين سورية والعراق عبر شاحنات مدنية، وبلغ عدد الصواريخ 56 صاروخاً.

تقارير عربية
التحديثات الحية

ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن "الشاحنات كانت محمّلة صواريخ إيرانية الصنع جاءت من طريق العراق، وأُفرغت تلك الشحنات بمستودعات تجارية استأجرتها من مدنيين بمنطقة كوع ابن أسود الواقعة بين مدينة الميادين وبلدة محكان بريف دير الزور الشرقي".

ونقل موقع "عين الفرات" عن مصادره أن شحنة من الصواريخ المتوسطة وصلت إلى مقارّ مليشيات "حزب الله العراقي" في بادية "التبني" غرب دير الزور، موضحاً أن الشحنة مكونة من 40 صاروخاً خُزِّنَت في مستودعات تلك المليشيا.

وأوضح مسؤول عراقي في بغداد ضمن قيادة العمليات المشتركة لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، أن "خطة ضبط الحدود العراقية السورية لا تشمل تحركات الفصائل المسلحة"، في إشارة إلى المليشيات الحليفة لإيران التي تنتشر على جانبي الحدود بين البلدين.

وأضاف أن هناك "أكثر من 600 كيلومتر من الحدود المشتركة، وهناك أجزاء منها تتشارك وحدات وألوية الحشد مع حرس الحدود فيها، فضلاً عن وجود فصائل عراقية داخل الأراضي السورية المجاورة، وهناك تنقل يجري باستمرار، ولا يمكن الجزم بعدم عبور سلاح أو شحنات صواريخ. 

وتابع: "لكن الحديث بهذه الدقة عن عدد الصواريخ ونوعها يتطلب التأكد منه"، مشيراً إلى أن "مثل هذه المعلومات لا تتوافر إلا على نطاق محدود، وتحاط بسرية عالية بين المسلِّم والمتسلِّم"، على حد تعبيره. 

وأقر المسؤول العراقي بوجود ما وصفها بـ"عمليات تهريب للسلاح والبضائع في ذات المناطق التي تشهد بين وقت وآخر زيارات مسؤولين عسكريين إيرانيين في الحرس الثوري الإيراني مثل محور البو كمال القائم ومحور مكر الذيب ـ ميادين.

و أشار  إلى أن حكومة مصطفى الكاظمي سبق أن حذرت من أنّ مثل هذه العمليات ستدخل العراق في مشاكل كبيرة، لافتاً إلى أن البلاد  ستكون عرضة لهجمات تنفذها طائرات الكيان الصهيوني أو الأميركية.

وألمح إلى وجود طرق أخرى غير العراق لإيصال الصواريخ، ويجب عدم إغفالها، لافتاً إلى "التقارير  التي تشير  إلى وجود مواقع تصنيع وتجميع أسلحة داخل مناطق سورية في حماة وقرب دمشق أيضاً، وأن الصواريخ التي تذكرها التقرير لا تشكل خطراً، لبعدها عن أول مناطق التماس مع الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري".

وأوضح عضو التيار المدني العراقي حسام الصفار، أن حقيقة تحول العراق إلى محطة عبور السلاح والمسلحين الإيرانيين إلى سورية باتت لا تحتاج كثيراً من التفصيل، مضيفاً أن محافظة الأنبار باتت معبراً رئيساً إلى البو كمال، والدولة العراقية على دراية، لكن هناك ملفات لا يمكن حكومة الكاظمي التعامل معها، مثل ملف سورية والدعم الإيراني المقدم عبر العراق لنظام الأسد. 

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة تتغاضى عن عبور انتقال قيادات الحرس الثوري من إيران إلى سورية براً"، قبل أن يضيف ساخراً: "من المؤكد أنهم لا يصطحبون معهم علب حليب للأطفال أو شحنات خبز لمعالجة الأزمة الإنسانية في سورية". 

وكانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قد شنت في 13 يناير/كانون الثاني الحالي، واحداً من أوسع الاعتداءات على الأراضي السورية، طاول مواقع ومعسكرات في دير الزور والبوكمال، تتبع جهات مسلحة مرتبطة بإيران داعمة لنظام الأسد. وأوقعت الغارات الإسرائيلية أكثر من 57 قتيلاً من قوات النظام ومجموعات موالية لإيران. 

وفي أغسطس/ آب 2019، سقط عدد من عناصر "الحشد الشعبي" في العراق، بين قتيل وجريح، بقصف استهدف موقعاً لهم في بلدة القائم على الحدود العراقية السورية، بطائرة مسيَّرة يرجَّح أنها تابعة للاحتلال الإسرائيلي.

يُشار إلى أن اللواء الـ"45" في الحشد الشعبي، تمثله "كتائب حزب الله العراقية"، وفق قانون هيكلة "الحشد الشعبي"، التي لا تتراجع كما يبدو عن خطابها المعارض لإسرائيل وخططها المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في استمرار تسليح نفسها بالصواريخ والمعدات الإيرانية، إضافة إلى استهداف مبنى السفارة الأميركية ببغداد، بالهجمات الصاروخية.

من جهته، وصف القيادي بمليشيا "أنصار الله الأوفياء"، عادل الكرعاوي، تقارير نقل الصواريخ الإيرانية عبر العراق إلى مناطق سورية مجاورة بـ"الكاذبة"، مبيناً في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن ما وصفها بـ"فصائل المقاومة لا تحتاج للصواريخ الإيرانية، وهناك جهات إعلامية وصحافية تسعى إلى إشاعة الأخبار الكاذبة في سبيل خدمة الكيان الصهيوني، الذي يستغل هذا التزييف واستهداف المقاتلين العراقيين".

 الخبير الأمني المقرب من أجهزة الأمن العراقية، فاضل أبو رغيف، يلفت إلى أن "عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود، أمر شائع في جميع بلدان العالم، ويحدث في فنزويلا والولايات المتحدة، فكيف بالحدود بين العراق وسورية، ولا سيما أن الأوضاع الأمنية لا تزال هشة في بعض مناطق البلدين".

وأوضح لـ"العربي الجديد"، في سياق استبعاده صحة الأخبار، أن الحدود العراقية مراقبة من قبل التحالف الدولي، ومن الصعب تمرير مثل هذه الصواريخ دون معرفة عراقية، وكذلك دون معرفة التحالف الدولي. 

يُشار إلى أن أكثر من 10 مليشيات عراقية موالية لإيران تنتشر في الجانب السوري المحاذي للعراق، إلى جانب مليشيات أخرى من جنسيات أفغانية وإيرانية مختلفة، وأبرزها كتائب حزب الله والنجباء والأوفياء والطفوف والعصائب وجند الإمام وسرايا الخراساني والإمام علي، وأخرى إلى جانبها، وتتعرض بين وقت وآخر لقصف جوي، عادة ما يُتهَم الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف خلفه.