العراق يرجئ خططاً لشراء أسلحة روسية بسبب العقوبات الغربية

العراق يرجئ خططاً لشراء أسلحة روسية بسبب العقوبات الغربية

23 مارس 2022
أعاد العراق تأهيل السلاح الروسي القديم لديه (كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤول عسكري عراقي، لـ"العربي الجديد"، إن بغداد أرجأت خططاً لشراء أسلحة ومعدات تسليحية روسية، تشمل مروحيات "مي 35" وأسلحة دفاعية وذخيرة، على خلفية العقوبات الغربية المالية والاقتصادية المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

الأسلحة الروسية في ترسانة الجيش العراقي

وتشكل الأسلحة الروسية نحو 30 في المائة من ترسانة الجيش العراقي في الوقت الحالي، غالبيتها من السلاح القديم قبل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، والذي أعيد تأهيله. كما تمّ إبرام صفقات عدة مع موسكو بعد عام 2012 إبان حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لشراء عربات مدرعة وأسلحة قتالية ومروحيات هجومية.

مسؤول عسكري عراقي: ليس هناك اتفاقيات مبرمة مع موسكو بشأن عقود تسليح

ويستخدم العراق بشكل واسع اليوم أنواعا مختلفة ومتعددة من الأسلحة الروسية، أبرزها مروحيات "مي 28" و"مي 35" الهجومية، إلى جانب دبابات روسية متنوعة مثل "تي 72"، و"تي 90"، و"تي 55"، ومدافع متوسطة المدى من طراز "أم 46"، و"هاوتزر 122 ملم". ويأتي ذلك إلى جانب استخدام الجيش العراقي مدرعات "أم تي"، و"بي تي"، ومنظومات صواريخ "بانتسير أس 1"، بالإضافة إلى صواريخ غراد وكاتيوشا ومدافع المورتر متعددة المديات، وصواريخ الكورنت المضادة للدروع، إضافة إلى السلاحين المتوسط والخفيف.

بغداد ترجئ خططاً للتسلح من روسيا

ووفقاً للمسؤول العسكري الذي يعمل في وزارة الدفاع العراقية، فإن الوزارة أرجأت فعلياً خططاً مسبقة لشراء أسلحة ومعدات وقطع غيار عسكرية مختلفة من روسيا، إضافة إلى طائرات مروحية من طراز "مي 35" الهجومية الليلية التي أثبتت كفاءة في العمليات الخاصة بتتبع مسلحي تنظيم "داعش".

ولفت المسؤول إلى أن "الخطوة جاءت بسبب العقوبات الغربية على موسكو، وتفاصيل آليات السداد المالي، وليس لها أي جوانب سياسية أخرى"، مشدّداً على أنه "ليس هناك أي اتفاقيات مبرمة مع موسكو في هذا الشأن". وأوضح أن خطط العراق "كانت بالتوجه للحصول على أسلحة ومعدات عسكرية روسية ضمن خطط تسليح الجيش العراقي، وضمن موازنة العام الحالي، وحالياً تمّ تأجيلها بسبب العقوبات على موسكو".

وامتنع المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة تحسين الخفاجي عن التعليق على تلك المعلومات خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد".

وتأتي هذه التطورات بعد نحو ثلاثة أسابيع على صدور وثيقة عن المصرف المركزي العراقي موجهة إلى الحكومة، تداولتها وسائل إعلام محلية، ويقترح فيها المصرف المركزي على الحكومة عدم إبرام أي عقود جديدة وتعليق التعاملات المالية مع روسيا، إثر فرض الخزانة الأميركية عقوبات على موسكو بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

وجاء في الوثيقة المتداولة، والتي لم يصدر أي تعليق حكومي بشأنها حتى اليوم، أنه "لغرض حماية النظام المالي العراقي، فإننا نقترح التريث في الوقت الحاضر في إبرام أي عقود حكومية مع الجانب الروسي، والتريث في تحويل أي مدفوعات مالية من خلال النظام المالي في روسيا".

النائب هادي السلامي: يحتاج العراق حالياً بشدة إلى منظومات دفاع جوي

وكان العراق قد وقّع في عام 2012 أولى صفقات التسليح الضخمة مع موسكو (بعد الغزو)، بقيمة تجاوزت ملياراً و300 مليون دولار، لشراء 30 طائرة مروحية هجومية من طراز "مي 28"، و42 منظومة صواريخ أرض جو من طراز "بانتسير أس1" المتطورة، إضافة إلى مدرعات وأسلحة ثقيلة وآليات عسكرية أخرى، قبل أن يعقد صفقات تسليح أخرى لشراء مروحيات ومدافع ومنظومات صواريخ مختلفة، فضلاً عن شحنات ذخيرة بلغت ذروتها عام 2015 و2016.

ونهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت موسكو عن استعدادها لتلبية مطالب العراق في مجال تسليح قواته. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حينها خلال مؤتمر صحافي مشترك في موسكو مع نظيره العراقي فؤاد حسين، إن "روسيا والعراق يتعاونان في مجالات مختلفة، بما في ذلك التعاون العسكري". وأضاف لافروف أن بلاده "كانت ولا تزال تؤدي دوراً مهماً في ضمان القدرات الدفاعية للعراق وتسليح جيشه وأجهزته الأمنية، لاسيما في ضوء التهديدات الإرهابية القائمة في البلاد، ونحن مستعدون لتلبية كافة احتياجات العراق من المنتجات العسكرية روسية الصنع".

من جهته، كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال المؤتمر الصحافي، أنه بحث مع نظيره الروسي تفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين على مختلف الأصعدة، لافتاً حينها إلى أن وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، سيزور موسكو لبحث التعاون العسكري بين البلدين. وزار عناد موسكو في أغسطس/آب 2021، مترئساً وفد بلاده لزيارة المعرض التقني العسكري في موسكو، حيث رجّح متابعون حينها أن تتضمن الزيارة مباحثات حول التعاون العسكري. 

العقوبات تخفّف الضغط على الكاظمي

وتعليقاً على المعلومات الجديدة، قال النائب العراقي هادي السلامي، لـ"العربي الجديد"، إن موسكو أعربت في وقت سابق عن استعدادها لإبرام صفقات سلاح مع بغداد، ضمن توجهات العراق لتنويع مصادر سلاحه، لكن ذلك لن يكون ممكناً مع العقوبات الأميركية والأوروبية الأخيرة المفروضة على روسيا، خصوصاً مع احتمال تعرض العراق لبعض العقوبات أو وقف بعض الدعم الدولي له.

وتحدث السلامي عن "وجود حذر في التعامل مع هذا الملف خلال الفترة الراهنة، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية".
وإذ لفت النائب العراقي إلى "حاجة البلاد الشديدة لمنظومات الدفاع الجوي، مع وجود توجه برلماني داعم لذلك"، إلا أن "التوجه نحو الأسلحة الروسية في الوقت الحالي، ومع استمرار الحرب والعقوبات على روسيا، بات أمراً مستبعداً"، مشدداً على عدم إمكانية أن يقدم العراق على خطوة من هذا النوع من شأنها استفزاز المجتمع الدولي، على حدّ تعبيره.

بدوره، ذكّر الخبير في الشأن العراقي، أحمد الحمداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن العراق شهد بعد عام 2020 دعوات للتوجه إلى التسلح من روسيا، ضمن التصعيد السياسي داخل البلاد، والمعادي للوجود الأميركي. كما ذكّر بزيارة رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض إلى موسكو، وبزيارات مسؤولين آخرين، على الرغم من تحفظ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عليها، حيث أجروا لقاءات ترتبط ببحث صفقات أسلحة، لكنه أكد أن الموضوع بقي فعلياً من دون إبرام صفقات جديدة بين البلدين. وبحسب الحمداني، فإن العقوبات الأخيرة "ساعدت على ما يبدو حكومة الكاظمي في وقف دعوات التسلّح من روسيا، والتي تتبناها كتل سياسية وفصائل مسلحة".


 

المساهمون