بعد ليلة دامية شهدتها مدينة الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار، جنوبي العراق، إثر احتجاجات شعبية شهدت إصابة 32 متظاهرا بنيران عناصر الأمن، تشهد المدينة، اليوم الخميس، هدوءا حذرا وانتشارا أمنيا مكثفا، وسط وعود من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتنفيذ مطلب المتظاهرين بإقالة المحافظ ناظم الوائلي.
وخلال الأيام الثلاثة الأخيرة، شهدت المدينة مقتل 3 متظاهرين وإصابة أكثر من 73آخرين وفقا لإحصاءات غير رسمية، بسبب موجة احتجاجات طالبت بإقالة المحافظ ومساعديه، لتورطهم بملفات فساد، فضلا عن مطالباتهم بالكشف عن قتلة الناشطين ومحاسبتهم قانونيا، فيما عمدت أجهزة الأمن إلى أسلوب القمع لإنهاء التظاهرات.
وعقب تظاهرات الأمس، أجرى مسؤولون حكوميون اتصالات مع مسؤولين في المحافظة، وناشطين بارزين فيها، نقلوا لهم وعودا من رئيس الوزراء بإقالة المحافظ خلال اليومين المقبلين، وقال مسؤول محلي لـ"العربي الجديد": "أجرى ممثلون عن رئيس الوزراء اتصالات مكثفة لأجل تهدئة الشارع في المحافظة، وإنهاء أزمة المطالبة بإقالة المحافظ".
وأكد أن "الكاظمي وعد المتظاهرين بحسم هذا الملف خلال يومين فقط، وطلب منهم عبر وسطاء تخفيف حدة التظاهرات، حرصا على حياة المواطنين"، مشيرا إلى أن "وفدا حكوميا رفيعا سيصل اليوم إلى المحافظة، وسيجري لقاءات وحوارات مكثفة لحسم الملف"، مشددا أن "وعود الكاظمي نهائية وغير قابلة للتراجع".
من جهته، قال عضو تنسيقية تظاهرات ذي قار، فالح العلي، إن "المتظاهرين لا يقبلون بتجزئة المطالب، وتنفيذ جزء على حساب آخر، يجب تنفيذ مطالبنا دفعة واحدة، وهي إقالة المحافظ ومحاسبته على الفساد، والكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم قانونيا"، مبينا لـ"العربي الجديد"، "عدم وجود ثقة بوعود الحكومة، والتي سبق وأن أطلقت وعودا ولم تنفذها".
وأشار العلي إلى أن "تظاهراتنا لن تتوقف ولن ننتظر وعود الكاظمي، ننتظر التنفيذ وتطبيق القانون في المحافظة".
النائب عن ذي قار وليد السهلاني، رجّح أن تشهد الأيام القريبة تعديلا على الواقع الإداري في المحافظة من قبل رئيس الوزراء، منتقدا في تصريح لإذاعة محلية "تعاطي المحافظ الحالي ناظم الوائلي مع الأحداث".
وأكد أن "ذي قار تدار من قبل أشخاص هم ليسوا فيها، بل من خارجها، وأن إدارتهم ليست بمستوى الطموح، وأن المشكلة تكمن في شخص المحافظ الحالي، الذي يتعامل وفق ما تقتضيه مصلحته".
وعززت القوات الأمنية منذ ليل أمس، انتشارها وسط المدينة، وسط قطع لعدد من الطرق فيها، ما تسبب بحالة من الهدوء والترقب، ووفقا لمسؤول أمني، فإن "توجيهات من بغداد صدرت بتجنب أي صدام مع المتظاهرين"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "حالة من الحذر الشديد تسود في المدينة، وسط مخاوف من تجدد التظاهرات".
وأشار إلى أن "الانتشار الأمني يهدف إلى السيطرة على الوضع وبسط الأمن في المدينة".
الناشط كرار عجرش، أكد في تغريدة له، أن "التهديد مستمر والقمع مستمر والمليشيات مستمرة .. إلى متى نبقى ضحية ومستهدفين؟ من واجب الدولة حماية الناشطين".
أما الباحث في الشأن العراقي، شاهو القرداغي، فقال في تغريدة، "يجب أن تعيش في أزمة كهرباء وخدمات ورواتب ومياه وصحة، حتى لا يكون لديك المساحة للتفكير في حقوقك وتحسين ظروفك، وإذا رفعت صوتك قليلا وحاولت كسر القيود أعادوا لك الإرهاب والفوضى والكواتم، لتخويفك وإعادتك الى بيت الطاعة، حتى لا تزعج راحتهم مرة أخرى".