العراق: مشاركة الفصائل المسلحة تهدد نزاهة الانتخابات البرلمانية

15 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 10:15 (توقيت القدس)
موظفو مفوضية الانتخابات في مركز اقتراع في السليمانية، أكتوبر 2024 (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يترقب العراقيون الانتخابات البرلمانية المقبلة وسط آمال بتحسين الأوضاع، لكن تهديدات الفصائل المسلحة تثير القلق بشأن نزاهة العملية واستقرار الدولة.
- تدخل الفصائل المسلحة في الانتخابات يشكل خطراً مزدوجاً على نزاهة العملية واستقرار النظام السياسي، مما يهدد ثقة المواطن بالمؤسسات الديمقراطية.
- يؤكد الخبراء أن مشاركة الفصائل المسلحة تنتهك قانون الأحزاب السياسية، داعين إلى التزام الأحزاب بالقانون الانتخابي لضمان نزاهة الانتخابات وحماية الديمقراطية.

تنعقد آمال الشارع في العراق على مخرجات الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من جهة تحقيق اختراق جدي في الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، في سادس انتخابات تشهدها البلاد منذ الغزو الأميركي سنة 2003. إلا أن هذا المسار الحيوي يواجه تهديدات متصاعدة، جراء قيام الفصائل المسلحة باختراق العملية السياسية والانتخابية، سواء بشكل مباشر من خلال المشاركة عبر قوائم انتخابية، أو بشكل غير مباشر، عبر دعم كتل سياسية محددة وتوجيهها لخدمة أجندتها الخاصة.

ويرى مراقبون أن هذا الأمر ليس مجرد تجاوز قانوني، بل يمثل خطراً مزدوجاً، إذ يقوض نزاهة العملية الانتخابية، ويفتح الباب أمام تأثير السلاح على القرار السياسي، ما يهدد استقرار الدولة ويضع الديمقراطية برمتها تحت ضغط غير مسبوق. وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن "أبرز الفصائل المسلحة التي ستشارك في انتخابات مجلس النواب المرتقبة هي عصائب أهل الحق، كتائب حزب الله، كتائب سيد الشهداء، كتائب جند الإمام، كتائب الإمام علي، حركة أنصار الله الـوفياء، وسرايا عاشوراء، إلى جانب منظمة بدر، بينما تقف فصائل ضمن دعم أطراف سياسية داخل الإطار التنسيقي، أو بكتل وشخصيات سياسية جديدة، لتكون ضمن بعض التحالفات السياسية الكبيرة.

وفي السياق، قال عضو مجلس النواب العراقي رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك خطورة حقيقية من دخول الفصائل المسلحة بالعملية الانتخابية المقبلة، وبشكل أوسع من أي انتخابات سابقة، مشيراً إلى أن هذا الأمر يمثل تهديداً مباشراً لنزاهة الانتخابات وعدالتها، ويهدد استقرار النظام السياسي وثقة المواطن بالمؤسسات الديمقراطية. وبين الدهلكي أن "الفصائل المسلحة دخلت خط الانتخابات عبر طريقتين، إما بشكل مباشر من خلال ترشيح عناصرها ضمن القوائم الانتخابية، أو بشكل غير مباشر عبر دعم كتل سياسية معينة وفرض أجندات غير قانونية، وهذه الممارسات تتعارض صراحة مع قانون الأحزاب السياسية، الذي يضمن حيادية العملية السياسية، ويمنع أي تدخل مسلح في فيها".

وحذر من أن "السماح لمثل هذه التدخلات سيؤدي إلى نتائج كارثية على العملية الانتخابية، خاصة وأن التزوير بنفوذ السلاح، أو التأثير غير القانوني على الناخبين، لن يؤدي إلا إلى تفاقم الانقسامات المجتمعية وزعزعة الاستقرار السياسي". وطالب عضو مجلس النواب العراقي "الجهات الرقابية والقضائية باتخاذ إجراءات صارمة وشفافة لمنع أي تأثير مسلح على الانتخابات، وحماية إرادة الناخبين من أي محاولات للضغط أو الترهيب". وختم الدهلكي قوله إن "أي محاولة لتوظيف القوة المسلحة في العملية السياسية ليست مجرد مخالفة قانونية، بل تهديد مباشر لمستقبل الديمقراطية في العراق، ويجب أن نقف جميعاً صفاً واحداً ضد هذه المخاطر".

بدوره، رأى الناشط السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "دخول الفصائل المسلحة إلى المعترك الانتخابي يمثل تهديداً حقيقياً لأسس الديمقراطية، ونزاهة العملية الانتخابية، ويشكل عاملاً معرقلاً لأي جهود تهدف إلى بناء دولة مدنية وقانونية، فوجود هذه الفصائل في الانتخابات لا يقتصر تأثيره على المناخ السياسي فحسب، بل يمتد ليشمل الثقة العامة للمواطنين في المؤسسات الديمقراطية وقراراتهم الانتخابية".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وبين التميمي أن "مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات ستؤدي إلى عدة نتائج خطيرة، من أبرزها، تأثير القوة والنفوذ المسلح على الناخبين، حيث قد يلجأ بعض المرشحين المسلحين إلى استخدام وسائل الترهيب أو الضغط المباشر على الناخبين، ما يقلل من حرية التعبير ويحد من الاختيار الحر للمواطنين، إضافة الى تقويض مبدأ تكافؤ الفرص، فالمرشح الذي يمتلك قوة مسلحة يتمتع بميزة غير عادلة على منافسيه المدنيين، مما يضع العملية الانتخابية برمتها تحت ضغط عدم المساواة".

وشدد على أن "أي عملية انتخابية في بيئة تشهد تدخل فصائل مسلحة، ستكون معرضة للتشكيك من قبل المجتمع المحلي والدولي، وقد تحرم العراق من فرصة بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، قادرة على حماية حقوق المواطنين، وتحقيق الاستقرار السياسي، ولهذا يجب تعزيز بيئة انتخابية آمنة وشفافة خالية من تأثير الفصائل المسلحة شرطا أساسيا لتحقيق انتخابات نزيهة وعادلة".

من جهته، قال الخبير في الشأن القانوني والانتخابي محمد السامرائي، لـ"العربي الجديد"، إن "مشاركة الفصائل المسلحة في العملية الانتخابية تشكل انتهاكاً صريحاً لقانون الأحزاب السياسية، الذي يمنع أي كيان مسلح من التدخل في النشاط السياسي، أو دعم أي حزب، أو مرشح بالتهديد، أو القوة". وبين السامرائي أن "أبرز المخالفات القانونية تتمثل في أن تمويل، أو دعم الأحزاب، أو المرشحين بالقوة، أو التهديد، يُعدّ مخالفة صريحة للقانون الذي يحظر أي تدخل خارجي أو مسلح في الشؤون السياسية، كما الإكراه على التصويت أو التأثير على حرية الناخبين، ما تترتب عليه مسؤولية جنائية خاصة بالعقوبات على التزوير والتهديد في الانتخابات".

وأضاف أن "استخدام القوة أو النفوذ المسلح لفرض سيطرة على الهيئات الحزبية أو المنظمات السياسية، يتعارض مع الكثير من المواد القانونية التي تؤكد على استقلالية الأحزاب ومبادئ الديمقراطية، مؤكداً أن "قانون الأحزاب المشرّعـ يعطي الجهات القضائية والهيئات الانتخابية الحق في إلغاء أي نشاط حزبي أو انتخابي مشوب بتدخلات مسلحة، وفرض عقوبات صارمة على المخالفين، بما في ذلك الحبس والغرامات، وإلغاء الترخيص الحزبي إذا ثبت التدخل المسلح". وختم الخبير في الشأن القانوني والانتخابي بالقول، إن "التزام الأحزاب بالقانون الانتخابي، وعدم السماح للفصائل المسلحة بالتأثير على العملية السياسية، هو ضمان أساسي لنزاهة الانتخابات وحماية الديمقراطية".

وكان البرلمان العراقي قد أقرّ عام 2015، "قانون تنظيم الأحزاب"، المعروف بقانون رقم 36، وهو أول قانون جرت صياغته لتنظيم عملية تشكيل الأحزاب في البلاد وعملها. وتضمّن القانون بنوداً عدة، من بينها حظر تأسيس الأحزاب على نطاق طائفي أو عنصري، وكذلك الارتباط بالخارج، وحظر مشاركة الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة في العملية السياسية، لكن القانون انضمّ إلى باقي القوانين العراقية المعطلة، إذ شاركت كثير من الفصائل المسلحة في الانتخابات السابقة، سواء كانت البرلمانية أو المحلية، لمجالس المحافظات.

وحددت الحكومة العراقية، في وقت سابق، الحادي عشر من نوفمبر المقبل موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فيما أكد مراقبون أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوطات تعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من قبل بعض قادة تحالف الإطار التنسيقي. وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003، خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولاها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقلّ من عام)، فيما كانت الأخيرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وجرى اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكلّ محافظة في النسخ الأربع الأولى، فيما أُجريت الانتخابات الأخيرة في عام 2021وفق الدوائر المتعدّدة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه "الإطار التنسيقي". وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.

المساهمون