العراق: مبادرة جديدة من أربيل تنتظر موافقة الصدر

العراق: مبادرة جديدة من أربيل تنتظر موافقة الصدر

06 يونيو 2022
مبادرة البارزاني لن تُعلن قبل موافقة الصدر عليها (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد وأربيل، لـ"العربي الجديد"، عن مبادرة سياسية جديدة لإنهاء حالة الانسداد السياسي في البلاد، يجري التحضير لها من قبل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، ثاني حلفاء زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في تحالفه الثلاثي الذي شكله في الثالث والعشرين من مارس/آذار الماضي، وضم كذلك تحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر، باسم تحالف "إنقاذ وطن".

ولم تتضح تفاصيل المبادرة التي يجري التحضير للإعلان عنها الأسبوع المقبل، وفقاً لقيادي كردي بارز تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، واعتبر أنها "مبادرة الفرصة الأخيرة التي يجب القبول بها، قبل الذهاب إلى خيارات سيئة مثل حل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة".

ودخلت الأزمة السياسية في العراق شهرها السابع على التوالي، منذ إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. وتعثّرت عدة مبادرات سياسية ووساطات قادتها إيران لتقريب المسافة بين الطرفين السياسيين الشيعيين الأساسيين في الأزمة؛ التيار الصدري والإطار التنسيقي المدعوم من طهران.

مسؤول كردي: إنها مبادرة الفرصة الأخيرة التي يجب القبول بها

ويواصل الصدر الفائز بالانتخابات بفارق كبير عن أقرب منافسيه، رفضه تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السبع الماضية التي تشكلت بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 والقائمة على أساس المحاصصة الطائفية والحزبية، ويرفع شعار حكومة الأغلبية الوطنية التي تعتمد على مخرجات الانتخابات وما حققه كل فريق سياسي.

هذا الطرح يرفضه تحالف "الإطار التنسيقي"، المدعوم من إيران، والذي يضم عدة كتل وقوى سياسية، أبرزها "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح"، الجناح السياسي لفصائل "الحشد الشعبي" المسلحة بزعامة هادي العامري.

ملامح مبادرة أربيل السياسية الجديدة لحل الأزمة العراقية

شرح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو أحد أعضاء لجنة التفاوض للحزب في بغداد، لـ"العربي الجديد"، ملامح المبادرة الجديدة، موضحاً أنها لا تقتصر على حل معضلة رئاسة الوزراء، بل تهدف إلى حل الخلاف الكردي-الكردي على منصب رئاسة الجمهورية.

ولفت إلى أن "المبادرة لن تنطلق رسمياً إلا بعد موافقة مقتدى الصدر عليها، وهناك اتصالات جارية في الوقت الحالي بهذا الشأن، إذ إن المبادرات السابقة والوساطات الإيرانية كلها فشلت بسبب رفض الصدر لها".

وذكر القيادي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "المبادرة لن تغيّر حق الصدر في تشكيل الحكومة بوصفه فائزاً في الانتخابات، من دون إجباره على الدخول تحت عنوان الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان".

أما التفاصيل الأخرى للمبادرة فـ"من المبكر الكشف عنها حالياً، لوجود أطراف تعمل على تشويه أي مبادرة حل أو جهود لترطيب الأجواء السياسية، سواء في أزمة رئاسة الحكومة أو في ما يتعلق بالخلاف الكردي ـ الكردي على منصب رئاسة الجمهورية".

المبادرة لا تقتصر على حل معضلة رئاسة الوزراء، بل تهدف إلى حل الخلاف الكردي-الكردي على منصب رئاسة الجمهورية

موقف ثابت لـ"الإطار التنسيقي"

من جهته، قال القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن لديهم معلومات أولية حيال المبادرة التي يستعد البارزاني للإعلان عنها، لكنه أكد عدم معرفته بتفاصيلها إلى الآن.

وأضاف الهلالي: "نحن ندعم ونؤيد أي مبادرة تهدف إلى تحريك الأزمة السياسية ودفعها إلى باب حل حقيقي، ونأمل أن تكون هذه المبادرة كذلك، ويمكن القول نحن نرحب بها من الآن، وبأي مبادرة سياسية أخرى قادرة على حل الأزمة".

لكنه شدد على أن "موقف الإطار التنسيقي ثابت من الأزمة لناحية الدخول في الحكومة الجديدة ككيان واحد من دون إقصاء أي طرف من أطرافه، وهذا الأمر لا تفاوض عليه إطلاقاً، إضافة إلى مسألة حق المكون السياسي الشيعي في تشكيل الحكومة من خلاله حصراً، ورفضنا الكثير من العروض خلال الأشهر الماضية لتنافيها مع مبادئنا".

وأشار الهلالي إلى أن "جميع القوى تدرك خطورة بقاء الانسداد السياسي من دون حلول، ولهذا يجب أن تكون الأيام المقبلة بداية لحل الخلافات الشيعية ـ الشيعية والكردية ـ الكردية، للمضي في استحقاقي رئاسة الجمهورية والحكومة".

ولفت إلى أنه "خلال الأشهر السبعة الماضية، وصل عدد المبادرات إلى 10، عدا تلك المرتقبة من البارزاني، لكنها لم تنتج أي حلول حتى هذه اللحظة لإنهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، بسبب وجود تباين كبير في المواقف".

بدوره، أكد العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مهدي عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك مبادرة جديدة مرتقبة سيطلقها مسعود البارزاني "ستختلف عن المبادرات السابقة، لكن على القوى السياسية تقديم تنازلات من أجل إنجاح المبادرة وإنهاء الأزمة والمضي في تشكيل الحكومة الجديدة".

وشدد على أن شراكة الحزب مع التيار الصدري وتحالف "السيادة"، "قائمة ومتماسكة، ولن نقدم على أي خطوة بخلاف ما يتم الاتفاق عليه داخل تحالف إنقاذ وطن، والتواصل بين الأطراف الثلاثة مستمر، وهناك إطلاع للحلفاء على ما سيتم الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة".

الهلالي: موقف الإطار التنسيقي ثابت لناحية الدخول في الحكومة الجديدة ككيان واحد

غياب الثقة بين أطراف الأزمة العراقية

لكن الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد الشريفي، اعتبر أن "استمرار غياب الثقة بين مختلف الأطراف، وغياب الضامن لتنفيذ الاتفاقات، من شأنه إفشال أي مبادرة جديدة".

وأضاف الشريفي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الوساطات الإيرانية أخفقت في حل الأزمة، لعدم وجود مراعاة للواقع السياسي الجديد في العراق الذي أفرزته الانتخابات، ولا نعتقد أن هناك مبادرة قادرة على حل الخلافات من دون تنازل الصدر عن حكومة الأغلبية، أو تنازل قوى الإطار التنسيقي عن حكومة التوافق، ومن دون ذلك لا حلول قريبة أو بعيدة".

وأشار الشريفي إلى أن "العامل الخارجي ما زال فاعلاً في مسألة جهود تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، لكن لم يستطع إيجاد حلول مع إصرار الصدر على رفض كل المبادرات والتمسك بحكومة الأغلبية، ولا نعتقد أنه سيتنازل عن هذا المطلب، وربما يتنازل عنه لكي يكون في جبهة المعارضة من دون المشاركة في الحكومة الجديدة".