العراق: لا اتفاق سياسياً على قانون العفو العام

17 يناير 2025
أمام مقر البرلمان العراقي في بغداد، 27 فبراير 2020 (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تكثف الأحزاب العربية السنية في العراق جهودها لإقرار قانون العفو العام، الذي يشمل التدقيق الأمني وإلغاء هيئات مثيرة للقلق، في ظل اعتقالات سابقة خلال حكومتي نوري المالكي.
- كتلة "تقدم" بقيادة محمد الحلبوسي تقاطع جلسات البرلمان احتجاجاً على عدم إقرار القانون، بينما يطالب "ائتلاف القيادة السنية الموحدة" بإنجاز الملفات الإنسانية والسياسية، بما في ذلك تشريع القانون وعودة النازحين.
- رغم المطالبات الشعبية، يواجه القانون عقبات بسبب الخلافات السياسية، لكن مقاطعة "تقدم" تضغط لإقراره كحاجة مجتمعية ملحة.

تكثّف الأحزاب العربية السنّية في العراق نشاطها السياسي والإعلامي لإقرار مشروع قانون العفو العام، الذي طال انتظاره في البلاد، ويعد أحد أبرز مطالب هذه القوى التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل ائتلاف "إدارة الدولة" الذي ضم كلاً من "الإطار التنسيقي" والكتل الكردية والعربية السنّية وتمخض عن تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، حيث تضمّن البرنامج الحكومي إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم أو إيقاف العمل بها.

وكانت فترة حكومتي نوري المالكي (2006 - 2014)، قد شهدت موجة اعتقالات كبيرة، طاولت آلاف العراقيين، وسط اتهامات بانتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب والإكراه، وأدين الآلاف منهم بالإعدام. كما برز خلالها ما يُعرف بالمخبر السرّي، بوصفه أحد أبرز المصادر في الإيقاع بالمدنيين من الأبرياء والمتهمين والمتورطين في أعمال العنف. وارتبط عمل المخبر السرّي بالوشايات والبلاغات الكاذبة التي قادت آلاف العراقيين إلى الاعتقال والسجن والإعدام، وتحديداً من المحافظات ذات الأغلبية العربية السنّية.

كتلة "تقدم" تصعّد

وأعلنت كتلة "تقدم" في مجلس النواب العراقي، بزعامة محمد الحلبوسي، مقاطعة جلسات البرلمان التي ستعقد خلال هذا الفصل التشريعي لحين التصويت على قانون العفو العام. وذكرت الكتلة، في بيان، أن "حزبنا سيقاطع جلسات البرلمان المقبلة احتجاجاً على عدم إقرار القانون"، مضيفة أن "عدم إقرار قانون العفو العام كما هو متفق عليه بين الكتل السياسية، سيتسبب بمقاطعتنا الجلسات المقبلة".

إبراهيم الدليمي: الاتفاقات السياسية تمضي باتجاه إقرار قانون العفو العام

أما "ائتلاف القيادة السنّية الموحدة"، الذي يضم رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري، ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي، فقد أكد على ضرورة "المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السنّي في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد"، بالإضافة إلى "تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، والتي نصّت على حقوق المدن والمحافظات المحررة، لا سيما المتعلقة بتشريع قانون العفو العام، وعودة النازحين إلى مدنهم، وإنهاء ملف المساءلة والعدالة، وتحقيق مبدأ التوازن في مؤسسات الدولة".

وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بالمطالبات بإقرار قانون العفو العام، الذي يؤكد سياسيون وبرلمانيون أنه لا يشمل المتورطين بالإرهاب، فيما طالب رجال دين كثيرون بضرورة إقراره وإيقاف الظلم، من ضمنهم الشيخ عبد الرزاق السعدي، الذي ذكر في بيان أن "التلكؤ في إقرار قانون يطلق الأبرياء من سجونهم تجاوز على حقوق المظلومين، أما المذنبون بجريمة قتل أو سرقة أو مخدرات أو غيرها فيأخذون نصيبهم من العقوبة العادلة، ونحن نشهد ونعلم أن آلافاً من المسجونين غير مذنبين وإنما ساقهم القدر إلى السجون إما باتهام وإما بعداء وإما بشبهة لا حقيقة لها".

قانون العفو العام ينتظر التوافق

في السياق، قال عضو تحالف السيادة إبراهيم الدليمي إن "إقرار قانون العفو العام ليس مطلباً سياسياً أو برلمانياً إنما يمثل حاجة مجتمعية، خصوصاً مع التأكيدات الكثيرة على الظلم الذي وقع على شريحة واسعة من العراقيين، وبالتالي فإن الاتفاقات السياسية تمضي باتجاه إقراره". وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب والكتل السنّية جميعها على موقف واحد، وأن المخاوف التي تشيعها بعض الأحزاب والتكتلات الحزبية السياسية غير حقيقية، لأن محتوى مشروع قانون العفو العام لا يتضمن خروج الإرهابيين أو من تورط بالدم العراقي".

محمد عنوز: مقاطعة كتلة تقدم لجلسات مجلس النواب، للضغط من أجل إقرار القانون، تعتبر تطوراً لافتاً

وأوضح الدليمي أنه "في العقدين الماضيين كان المخبر السرّي مجرماً بحق العراقيين، وقد زُجّ بالآلاف في السجون من دون جرائم أو أدلة تفيد بارتكابهم جرائم، ناهيك عن التعذيب والاحتقار والابتزاز الذي يتعرّض له السجناء"، مستكملاً بأن "البرلمان العراقي مطالب حالياً بالمضي في إقرار قانون العفو العام وتنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، وإلا ما فائدة الاتفاقات السابقة إذا لم تنتج ثماراً".

وفي يوليو/ تموز 2024، أدرج مجلس النواب العراقي مشروع قانون العفو العام على جدول أعماله، وهي المرة الأولى التي يُفتح فيها هذا الملف في البرلمان، على الرغم من مرور سنوات على المطالبة به من شرائح مجتمعية واسعة وأحزاب سياسية، وسط مخاوف من عرقلته.

لكن عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز أقرّ بأن "المطالبات الكثيرة لإقرار قانون العفو العام لا تعني أنه سيمر، طالما أن الاتفاق السياسي بين جميع القوى السياسية لم يحصل لغاية الآن، إذ لا تزال قوى سياسية وأحزاب ترفض تمريره، مع استمرار الخلاف حوله، ومن دون أن يطرأ أي جديد، لكن مقاطعة كتلة تقدم لجلسات مجلس النواب، للضغط من أجل إقراره، تعتبر تطوراً لافتاً".
ولفت عنوز، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "القوانين الخلافية لا تزال حبيسة المفاوضات ولم تصل إلى مرحلة التوجه نحو التصويت لصالحها"، مشيراً إلى أن "قانون العفو العام وتعديل الأحوال الشخصية حظيا بقراءات في مجلس النواب، وقد توصلنا إلى مرحلة جيدة، لكن التصويت يحتاج إلى اتفاق سياسي بين الأحزاب".

المساهمون