العراق: قلق متزايد بشأن أمن السفارة الأميركية مع تصاعد التوتر

21 يونيو 2025
مركبات مدرعة تحيط بالسفارة الأميركية، بغداد 12 يونيو 2025 (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتزايد المخاوف في العراق بشأن حماية السفارة الأميركية في بغداد وسط تصاعد التوترات العسكرية والسياسية، خاصة مع احتمالية اصطفاف واشنطن مع إسرائيل ضد إيران، مما يضع الحكومة العراقية أمام تحديات كبيرة لتأمين السفارة والمصالح الأميركية.
- نفت السفارة الأميركية في بغداد شائعات مغادرة موظفيها، مؤكدة التزام الولايات المتحدة بتعزيز سياساتها في العراق والتواصل مع قادته وشعبه.
- اتخذت السلطات العراقية إجراءات أمنية مشددة لحماية السفارة، وسط ضغوط على الفصائل الحليفة لطهران، محذرة من أي تحرك خارج عن القانون.

تتصاعد حدة المخاوف في العراق بشأن إمكانية توفير الحماية اللازمة للسفارة الأميركية في بغداد، إثر سلسلة التطوّرات العسكرية والسياسية في المنطقة، وإمكانية اصطفاف واشنطن عسكرياً مع إسرائيل ودخولها على خط المواجهة ضد إيران. ووسط تصعيد ملحوظ بتهديدات الفصائل العراقية الحليفة لطهران، تتجلّى المسؤولية الكبيرة التي تتحملها الحكومة العراقية بالإيفاء بتعهداتها بتأمين السفارة والمصالح الأميركية في البلاد والنأي بالنفس عن أحداث المنطقة.

وتبرز الأهمية الكبيرة لوجود السفارة ونشاطها في بغداد عاملاً يؤشر إلى حالة الاستقرار النسبي في العراق، الذي يقف على شفير الحرب، وتسعى حكومته لضبط الجهات السياسية والمسلّحة المتحالفة مع طهران، في وقت ينظر فيه لأي إشعار أميركي بإجلاء موظفي السفارة أو عدد منهم أو محاولة غلقها ولو مؤقتاً، على أنه إشارة إلى دخول العراق دائرة الخطر.

ووسط حالة ترقب سياسي وشعبي في العراق تداولت منصات التواصل الاجتماعي ووكالات أنباء عراقية، مساء أمس الجمعة، خبراً أفاد بـ"مغادرة جميع موظفي السفارة الأميركية، وأغلاق أبوابها"، الأمر الذي صعد منسوب المخاوف في الشارع العراقي من دوافع القرار وما سيترتب عليه من نتائج، قبل أن تنفي السفارة الأميركية صحة الخبر. ووفقاً لبيان السفارة فإنه "لم يطرأ أي تغيير على الوضع التشغيلي للسفارة الأميركية في بغداد والقنصلية العامة في أربيل"، مؤكدة "تظل الولايات المتحدة ملتزمة التزاماً راسخاً بتعزيز أولويات سياستها في العراق، وتعزيز سيادته، والتواصل مع القادة العراقيين والشعب العراقي".

وسبق أن اتخذت السلطات العراقية مع بداية الهجوم الإسرائيلي على إيران، إجراءات أمنية مشدّدة لحماية السفارة الأميركية في بغداد، والمصالح الأميركية عموماً، في خطوة تهدف من خلالها إلى منع أي اعتداء قد يجر العراق إلى أتون الحرب، رافق ذلك حراك حكومي باتجاه قيادات الفصائل الحليفة لطهران، للضغط عليها بمنع أي تحرك يهدّد أمن وسلامة العراق، إلّا أن تلك القيادات لم تقدم ضمانات واضحة بهذا الاتجاه.

وحشّدت تلك الجهات ومعها زعامات سياسية عراقية مقربة من إيران، في الأيام الأخيرة أنصارها، للتظاهر تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على إيران، وإعلان التضامن معها، وحاول عدد من المتظاهرين الوصول إلى مبنى السفارة الأميركية، إلّا أن القوات الأمنية العراقية منعتهم من ذلك، كما صعدت قيادات الفصائل، وأبرزها "كتائب حزب الله"، "عصائب أهل الحق"، "كتائب سيد الشهداء"، "حركة أنصار الله الأوفياء"، "كتائب الإمام علي" و"حركة النجباء"، تهديداتها بالانخراط عسكرياً إلى جانب إيران في حال تدخلت أميركا في الحرب.

بموازاة ذلك، واجهت الحكومة العراقية التصعيد بتشديد إجراءاتها الأمنية والسياسية لضبط الفصائل، بحسب ما كشف عنه مصدر موثوق مقرب من الحكومة، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أن "الحكومة أخذت على عاتقها النأي بالعراق من دائرة الصراع، وقد أوصلت رسائل إلى قيادات الفصائل تحذرهم من أي تحرك أو خارج عن القانون"، وأضاف أن "القوات الأمنية شدّدت خطتها في اليومَين الأخيرَين وعزّزت انتشارها العسكري بعدما تلقت توجيهات صارمة بمنع أي تحرك خارج عن القانون من أي جهة كانت".

من جهته، حذّر عضو لجنة الأمن افي البرلمان العراقي، النائب محمد الشمري، من "خطورة" إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، معتبراً ذلك "إنذاراً مبكراً" لحدث أمني غير مسبوق قد يشهده العراق والمنطقة، وقال الشمري في تصريح صحافي، مساء أمس الجمعة، إن "إغلاق السفارة الأميركية دليل خطر، وإنذار بأن الولايات المتحدة ومعها إسرائيل قد تنفذان عملاً خطيراً يستوجب إخلاء طاقم السفارة"، مشدداً على أن "هذه المؤشرات تتطلب استعداداً سياسياً وأمنياً في الداخل العراقي".

وعلى الرغم من تعهدات حكومة بغداد بتوفير الحماية اللازمة للمصالح الأميركية في البلاد، إلّا أن ذلك يبقى محلّ شك، خاصة مع ما تتمتع به بعض تلك الفصائل من قوة ومن نفوذ، وقد أثبتت تجارب سابقة أنها لا تذعن لسلطة الحكومة.