أنهت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، ظهر اليوم الأربعاء، آخر آمال عودة نواب التيار الصدري الـ73 إلى البرلمان، بعد رفضها شكوى الطعن المقدمة بشأن صحة قبول رئاسة البرلمان لاستقالاتهم منتصف يونيو/ حزيران الماضي.
وقال مصدر قضائي في المحكمة الاتحادية العليا، لـ"العربي الجديد"، إن المحكمة ردّت الطعن المقدم المتعلق بإجراءات قبول استقالة نواب التيار الصدري، كون رئاسة البرلمان لها حق قبول استقالات النواب دون الحاجة للتصويت على ذلك، ما دامت قد قدمت الاستقالات من النواب أنفسهم، وبإقرار خطي.
وفي 12 يونيو/ حزيران الماضي، قدّم نواب التيار الصدري استقالاتهم من مجلس النواب، ليقبلها رئيس المجلس بعد ساعات قليلة. وفي 23 يونيو/حزيران، عقد البرلمان جلسة استثنائية، وقرر خلالها التصويت على قبول عضوية بدلاء عن نواب التيار الصدري المستقيلين من البرلمان، وغالبيتهم من قوى "الإطار التنسيقي"، وفقاً لنظام الانتخابات العراقي الذي يوجب تسمية المرشح الثاني عن الدائرة الانتخابية ذاتها في حال وفاة النائب الأول الفائز أو استقالته.
ويعتبر القرار اليوم بمثابة إغلاق لآخر الفرص لإعادة نواب التيار الصدري للبرلمان، ضمن مساعي إعادة الأزمة السياسية إلى ما قبل انسحاب الصدريين من العملية السياسية، والتي تسببت بأزمات أكبر، انتهت بمواجهات مسلحة في بغداد والبصرة، قبل أن يُصار إلى التهدئة من قبل طرفي الأزمة (الإطار التنسيقي والتيار الصدري).
تظاهرات لأنصار الصدر
في غضون ذلك، شهدت العاصمة العراقية بغداد، منذ الساعات الأولى من فجر اليوم الأربعاء، تشديداً أمنياً وانتشاراً لقوات الجيش، وقطعاً لطرق وجسور مهمة بين جانبي الكرخ والرصافة في بغداد، لمنع وصول أي متظاهرين من التيار الصدري إلى المنطقة الخضراء، التي تشهد اليوم عقد أولى جلسات مجلس النواب بعد شهرين من تعطل عمل البرلمان.
وخلال الساعات الماضية، قطعت القوات العراقية جسري السنك والجمهورية، إضافة إلى شوارع مهمة، منها شارع مطار بغداد، وجميع المتفرعات المؤدية والقريبة من المنطقة الخضراء، مثل حي الصالحية الذي عُزل تماماً عن جميع أحياء مركز العاصمة. ورغم ذلك، فقد شهدت الساعات الماضية توافداً لأنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى ساحة التحرير، اعتراضاً على عقد جلسة مجلس النواب.
وتناقل ناشطون عراقيون مقاطع مصورة وصوراً، أظهرت اشتباكاً بالأيدي بين قوات الأمن وعناصر مكافحة "الشغب"، مع متظاهري التيار الصدري الذين يسعون إلى عبور جسر الجمهورية واقتحام المنطقة الخضراء ومنع انعقاد جلسة البرلمان.
وقال مراسل "العربي الجديد" في بغداد إن "أنصار التيار الصدري في بغداد وصلوا إلى ساحة التحرير الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم، لكنهم انتظروا حتى الساعة الواحدة بعد الظهر كي تكتمل أعدادهم، ثم الهجوم على المنطقة الخضراء"، مؤكداً أن "المتظاهرين يرفعون العلم العراقي فقط، ويهتفون ضد الإطار التنسيقي ومرشحه لمنصب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني".
من جهته، قال أحد المتظاهرين من التيار الصدري، مناف الغانمي، إن "الاحتجاجات العراقية هي ضد الطبقة الحاكمة، وضد ممارساتها التي تنال من مستقبل العراق، لذلك نحن نتعامل مع مجلس النواب على أنه دائرة خارجة عن القانون، ولا تمثل الشعب العراقي، خصوصاً بعد استقالة أعضاء التيار الصدري الذين كانوا يشكلون الكتلة الكبرى في المجلس".
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "مركزية الاحتجاجات الصدرية خاضعة للسيد مقتدى الصدر، لكن مثل هذه الوقفات والاحتجاجات من داخل التيار الصدري لا تستدعي انتظار توجيهات من الصدر"، مستكملاً حديثه: "لم يصدر لنا أمر رسمي للخروج بتظاهرات اليوم، لكن نزلنا إلى الشارع لأننا لا نريد أن يكون محمد شياع السوداني رئيساً للحكومة".
من جانبه، قال ناشط ومتظاهر آخر، وهو علي العراقي، إن "جلسة اليوم مخصصة للتصويت على استقالة رئيس المجلس محمد الحلبوسي، لكننا علمنا أن هناك مخططاً خبيثاً لاستغلال هذه الجلسة والتصويت على السوداني رئيساً للحكومة، في محاولة للإطاحة بكل مشاريع الإصلاح التي يطالب بها الصدر"، موضحاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مطالبنا حالياً تتلخص في منع استمرار عملية المحاصصة، وسيطرة الفصائل الموالية لإيران على القرار السياسي".
وبدأ البرلمان العراقي، ظهر اليوم الأربعاء، أولى جلساته بعد نحو شهرين من تعليقها، وسط إجراءات أمنية في بغداد، ترقباً لما ستسفر عنه.