العراق: تغييرات جديدة في نتائج الانتخابات لترضية حلفاء إيران

العراق: تغييرات جديدة في نتائج الانتخابات لترضية حلفاء إيران

22 نوفمبر 2021
تواصل القوى الخاسرة تجمّعاتها في العاصمة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تفيد التسريبات الصادرة من مركز العد والفرز الرئيسي التابع لمفوضية الانتخابات العراقية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، بتغييرات جديدة على نتائج الانتخابات لصالح كتل وأحزاب ما يُعرف بـ"الإطار التنسيقي" الحليفة لإيران. وهي الكتل التي قادت حراكاً واسعاً خلال الأسابيع الماضية لرفض نتائج الانتخابات والطعن في سلامة عملية الاقتراع التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك بالتزامن مع تقديم القوى ذاتها أول شكوى للمحكمة الاتحادية العليا في البلاد، للطعن في نزاهة الانتخابات، وفقاً لبيان صدر عن تحالف "الفتح"، الذي يمثل الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي" في العراق، بزعامة هادي العامري.


سيخسر المستقلون مقاعد عدة بموجب النتائج الجديدة

وذكرت المفوضية، أمس الأحد، أن نتائج الانتخابات المعلنة سابقاً تأثرت "بشكل قوي"، بعد مراجعة الطعون التي قدمتها القوى المعترضة على نتائج الانتخابات. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل محسن، قوله إن "المفوضية جاهزة لإعلان النتائج بعد بت الهيئة القضائية في الطعون كافة"، متوقعاً "إعلان النتائج النهائية خلال يومين". وأوضح أن "الطعون كان لها تأثير قوي على النتائج، لأن المحطات التي ألغتها الهيئة القضائية غيّرت عدد المقاعد، إلّا النتائج النهائية التي تُحسم عند إعلانها". وأضاف أن "المحكمة الاتحادية تصادق على أسماء الفائزين بالانتخابات، أما الهيئة القضائية فتصادق على الطعون وتعتبرها باتة"، مشيراً إلى أن "المفوضية ستعلن النتائج بعد إتمامها، وأسماء الفائزين بمقاعد البرلمان ستُرفع إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها".

وكان محسن قد اعتبر، في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس السبت، أن الهيئة القضائية التابعة للمفوضية أصدرت قرارات بإلغاء نتائج عدد من المحطات والمراكز الانتخابية لأسباب وصفها بـ"القانونية". وأكد أن المفوضية طبّقت تلك القرارات، متحدثاً عن احتمالية أن تحدث تغييرات في نتائج الانتخابات الحالية. كما أشار إلى احتمال صدور قرارات أخرى بإعادة عد وفرز بعض المحطات يدوياً، وهو ما يعني إطالة جديدة لملف التدقيق والمراجعة في النتائج، التي يؤكد خبراء قانونيون أنها تجاوزت الفترة القانونية المحددة لإعلان النتائج وتصديقها وهي 15 يوماً فقط.

وفي السياق، كشف مسؤولان عراقيان في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن التغيير الجديد في نتائج الاقتراع قد يصل إلى 10 مقاعد، تُمنح لكتل على حساب أخرى. وقال أحدهما إن "بغداد والبصرة وبابل وصلاح الدين وكركوك ونينوى ستشهد تغييرات، وسيتم إقصاء مرشحين فائزين وفوز آخرين". في المقابل، ذكر المسؤول الآخر، أن التغييرات التي ستعلن لاحقاً على موقع المفوضية ستأتي لصالح قوى وأحزاب معترضة على الانتخابات، في إشارة منه للقوى الحليفة لإيران الرافضة لنتائج الانتخابات. وأضاف أن "جميع الإجراءات التي تلت 31 أكتوبر الماضي، بعد الانتهاء من تدقيق أكثر من 14 ألف محطة انتخابية بشكل يدوي من دون العثور على أي فرق أو تلاعب بالنتائج، هي بالأصل عملية ترضية سياسية على حساب حقيقة الانتخابات ونتائج أصوات الناخبين، لمنع الذهاب لسيناريو فوضى تهدد به القوى الرافضة للنتائج".

وتشير تسريبات حصلت عليها "العربي الجديد" من داخل مركز العد والفرز، إلى أن عدد التغييرات المؤكدة حتى الآن في مقاعد البرلمانيين ستة مقاعد، جميعها لصالح قوى "الإطار التنسيقي" الحليفة لطهران. وتتوزع المقاعد كالتالي: مقعدان في محافظة البصرة، وواحد في كل من بابل وكركوك وكربلاء ونينوى. وتشير مصادر إلى أن المرشحة عن حركة "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله"، وسن المشهداني، تقترب من الفوز بعد إبعاد فائز مستقل في محافظة كربلاء، إضافة إلى مرشحين يتبعون الفصائل المسلحة في بغداد وصلاح الدين.

في غضون ذلك، أعلن تحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري، أمس، أن الأخير أجرى لقاءات منفردة مع رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ورئيس "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، وجرى بحث ملف "تزوير الانتخابات". ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، عن العامري تشديده في بيان على "ضرورة متابعة الطعون في الانتخابات النيابية بالطرق القانونية والقضائية". وكشف عن تقديم "الفتح" طعناً أمام المحكمة الاتحادية بشأن نزاهة الانتخابات، منوّهاً إلى أن "الطعن الذي قدمه تحالف الفتح إلى المحكمة الاتحادية يوم الخميس الماضي، فيه من الأدلة الكافية لإلغاء نتائج الانتخابات". وتواصل القوى الخاسرة حشد المئات من أنصارها أمام بوابة المنطقة الخضراء وسط بغداد، ونصبت خياماً أمام بوابتها الرئيسية وأغلقتها بشكل كامل، بالتزامن مع تلويح باقتحام المنطقة المحصنة والاعتصام داخلها.

وفي السياق، قال القيادي في حركة "عصائب أهل الحق" سعد السعدي، إن جميع قوى "الإطار التنسيقي" مع الاستمرار بما وصفه "التصعيد السلمي"، ضد الجهات التي أقدمت على تزوير الانتخابات"، كاشفاً أن تحالف "الفتح" قدّم بشكل رسمي شكوى إلى المحكمة الاتحادية العليا، من أجل إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة. وأضاف، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "تحالف الفتح والقوى المعترضة على نتائج الانتخابات تمتلك أدلة على التزوير الذي رافق الانتخابات. وعشرات المقاعد سُرقت منّا، ونسعى حالياً لاستعادتها".


تسعى قوى الإطار التنسيقي لرفع عدد أعضاء كتلتها إلى 70 نائباً

وحيال المشهد الشائك في بغداد، قال الباحث أحمد النعيمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن القوى المعترضة المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي" تهدف لممارسة سياسة الضغط القصوى على الجميع، للحصول على أكبر قدر تعويضي من المقاعد. وهناك خشية من أن يكون ذلك على حساب المستقلين والمدنيين الفائزين، فهم الحلقة الأضعف الآن، إذ لا يمكن أخذ أي مقعد من مقاعد التيار الصدري مثلاً أو مقاعد تحالف "تقدم". وأضاف أن الإيرانيين سبق أن أعلنوا رفضهم إلغاء الانتخابات وتحفظوا على طريقة تعامل حلفائهم مع الحكومة والمفوضية، وهو ما يعني أن التصعيد الحالي ليس لإلغاء النتائج، بل للحصول على مقاعد إضافية.

ووصف الحراك الحالي في المفوضية بأنه يسعى لإيصال مجموع مقاعد قوى الإطار التنسيقي إلى أكثر من 70 مقعداً بدلاً من نحو 65 حالياً، حتى تمنحهم أفضلية أو تكون مناظرة لما حصل عليه التيار الصدري، وبالتالي يفقد الأخير صفة الكتلة الأكبر. واعتبر النعيمي أن النتائج ستكون سلبية على الشارع أولاً، إذ أن ما يحدث من عمليات تغيير وإعادة في النتائج سيفقد من تبقى من الجمهور العراقي المؤمن بالانتخابات ثقته بها. ولفت إلى أن "حصول القوى الشيعية الخاسرة على مقاعد، بعد أن تم التأكد من سلامة الانتخابات ومطابقة البيانات بين العد اليدوي مع الإلكتروني، هو طعنة في قلب العملية الديمقراطية في العراق، لا سيما أن الأحزاب باتت تنال من المستقلين ومقاعدهم في الانتخابات".

المساهمون