العراق: ضغوط سياسية لتنفيذ إعدامات جماعية لسجناء "داعش"

العراق: ضغوط سياسية لتنفيذ إعدامات جماعية لسجناء "داعش"

25 يناير 2021
تأتي الضغوط على خلفية الهجومين الانتحاريين اللذين وقعا في بغداد (صباح قرار/فرانس برس)
+ الخط -

يشهد العراق تحذيرات من وجود ضغوط سياسية تمارَس من أجل تنفيذ عمليات إعدام جماعية لسجناء متهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، على خلفية الهجومين الانتحاريين اللذين شهدتهما بغداد الخميس الماضي، وسبّبا سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وعبّر "تحالف القوى العراقية"، اليوم الاثنين، عن تحفظه على الدعوات السياسية التي تطلق من أجل تنفيذ أحكام الإعدام بحق السجناء، معبّراً، في بيان، عن دعمه لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في اتخاذ الإجراءات الضرورية لإصلاح الأجهزة الاستخبارية والمعلوماتية، لمنع تكرار سيناريو التفجيرات الإرهابية، مع تصاعد وتيرة نشاطات الإرهابيين وتهديدهم للدولة.

وتحفظ على "ردود فعل غير مدروسة، وتصاعد الدعوات إلى إنزال عقوبة الإعدام والتهديدات بالقتل الجماعي لمن صدرت بحقهم أحكام الإعدام"، معتبراً أن "العديد من هذه الأحكام تفتقد شروط المحاكمة العادلة ومبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".

وأضاف: "مع تأكيد تحالف القوى العراقية ضرورة القصاص ممّن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين من شهداء التظاهرات السلمية ومغيبي المدن المحررة من الإرهاب والكسبة الأبرياء والفقراء البسطاء، فإننا نعبّر عن تحفظنا على الدعوات السياسية والحزبية التي أطلقتها هنا وهناك بعض القوى السياسية، محاولةً توظيف مصاب وجراح الشهداء ودموع الثكالى وصرخات الأيتام لتحقيق مكاسب انتخابية دنيوية زائفة"، داعياً رئاسة الجمهورية إلى عدم الانصياع للتهديدات، وأهمية أن يكون العدل هو الأساس.

وقال عضو في البرلمان العراقي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ عدداً من النواب والسياسيين مارسوا خلال الأيام الأخيرة ضغوطاً كبيرة على رئاستي الجمهورية والحكومة للمضي بإعدام السجناء المحكومين بالإعدام، محذراً من "محاولات بعض الأطراف توظيف التفجيرات والخروقات الأمنية من أجل تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية".

وأوضح أنّ قسماً كبيراً من السجناء جرت محاكمتهم في ظروف غير قانونية وانتزعت اعترافات منهم عبر التعذيب، وهو ما يفقد الأحكام شرعيتها، بشهادة منظمات دولية وسياسيين ومسؤولين عراقيين.

وانتقد "المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب" نية السلطات العراقية تنفيذ أحكام الإعدام بحق 340 معتقلاً في سجونها، موضحة، في بيان، أنّ بعض الأحزاب السياسية والمليشيات "تهدف إلى الحصول على مكاسب انتخابية، من خلال مطالبة السلطات بتنفيذ أحكام الإعدام".

وأشار المركز إلى قيام نواب بكتلة "صادقون" البرلمانية (الجناح السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق)، بمطالبة رئيس الجمهورية بالتصديق على إعدام 700 سجين، موضحاً أنّ مثل هذه الأوضاع "تتطلب تدخلاً من قبل الأمم المتحدة لمعرفة الإجراءات القضائية غير الصحيحة"، بحسب "المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب".

والسبت الماضي، ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع)، أنّ الرئيس العراقي برهم صالح صدّق على أكثر من 340 حكم إعدام صادراً عن المحاكم العراقية المختصة في قضايا مختلفة إرهابية وجنائية.

وفي توضيح لمدى حق رئيس الجمهورية في الامتناع عن التصديق على أحكام الإعدام، أكد الخبير القانوني طارق حرب أنّ "التصديق على أحكام الإعدام من رئيس الجمهورية طبقاً للمادة الـ73 من الدستور صلاحية للرئيس وليست واجباً عليه، وغير ملزمة له بالتصديق على الإعدام خلال فترة معينة، فللرئيس التصديق على الإعدام وعدم التصديق عليه، ولم يرتب الدستور أثراً على عدم تصديق رئيس الجمهورية"، لافتاً إلى أنّ الدستور لم يحدد مدة معينة للتصديق على أحكام الإعدام أو عدم التصديق.

وتمارس أحزاب ومليشيات حليفة لإيران منذ أيام ضغوطاً على رئيس الجمهورية من أجل تنفيذ أحكام الإعدام.

واتهم رئيس كتلة "ائتلاف دولة القانون" البرلمانية عدنان الأسدي رئاسة الجمهورية بتعطيل أحكام الإعدام منذ سنوات، مشيراً، في إيجاز صحافي، إلى وجود ما وصفه بـ "التواطؤ" لإصدار عفو عن المعتقلين.

وبيّن أن رئيس الجمهورية ليس له حق النظر في الأحكام القطعية، مضيفاً: "أتحدى رئيس الجمهورية في إعلان عدد مراسيم أحكام الإعدام".

ولاحقاً، أصدر مكتب الرئيس العراقي برهم صالح توضيحاً بشأن بيان سابق أعلن فيه المصادقة على أكثر من 340 حكماً بالإعدام على أشخاص تمت إدانتهم من قبل المحاكم الجزائية العراقية غالبيتهم بتهم الإرهاب. ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن مستشار الرئاسة العراقية إسماعيل الحديدي، قوله إن الرقم المعلن يتضمن مجموع ما صدر، وليس بعد الهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا سوقاً شعبياً وسط بغداد، وراح ضحيتهما عشرات الضحايا الخميس الماضي.

وقال الحديدي إنه "لا توجد أي ضغوطات على رئيس الجمهورية بشأن إصدار مراسيم أحكام الإعدام"، مشيراً إلى أن "رئاسة الجمهورية مستمرة في دراسة وتدقيق الملفات الواردة من مجلس القضاء لغرض تدقيقها ومعرفة المشمولين بالعفو، أو الذين بحاجة إلى إعادة النظر بأحكامهم ومراجعتها مرة ثانية، من أجل إصدار مراسيم أحكام الإعدام وإرسالها إلى وزارة العدل".

وحول وجود 3 آلاف حكم بالإعدام لم تتم المصادقة عليها، نفى الحديدي "وجود رقم كهذا لدى رئاسة الجمهورية"، مؤكداً "استمرار الرئاسة في تدقيق وإصدار مراسيم الإعدام". وتابع أن "الرئاسة لم تتعمد التأخير بإصدار مراسيم الاحكام وإن حصل تأخير فهذا يرجع إلى التدقيق". وشدد صالح في الوقت ذاته، اليوم الإثنين، على أهمية حماية النسيج الاجتماعي من محاولات "الإرهاب" لضرب التعايش السلمي، محذراً من إثارة الفتن والنعرات الطائفية.

ونقلت رئاسة الجمهورية، في بيان لها عن صالح خلال استقباله رئيس طائفة الصابئة المندائيين الشيخ ستار جبار حلو، في بغداد، قوله إن ما حصل أخيراً من هجمات إرهابية تسعى لزعزعة الاستقرار وضرب التعايش السلمي، مؤكداً الحاجة لمواصلة الحرب على الإرهاب وقطع الطريق أمام محاولات إثارة الفتن والنعرات الطائفية. وشدد على "ضرورة ترسيخ سيادة القانون وتقوية النسيج الاجتماعي وحماية أمن المواطنين".