العراق: التهدئة مهددة برفض الانتخابات المبكرة

العراق: التهدئة مهددة برفض الانتخابات المبكرة

01 سبتمبر 2022
انسحب أنصار الصدر من المنطقة الخضراء الثلاثاء (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تبدو التهدئة في الشارع العراقي، بعد سحب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره إثر اشتباكات عنيفة ليوم كامل بين عصر الإثنين وحتى بعد ظهر الثلاثاء في بغداد ومناطق أخرى، مهددة بالسقوط، مع عودة حراك "الإطار التنسيقي" لتشكيل حكومة جديدة، متحدياً رفض الصدر لحكومات المحاصصة ومطالبته بانتخابات مبكرة.

في المقابل، لا يزال القضاء العراقي عاجزاً عن حسم الخلاف، إذ أرجأت المحكمة الاتحادية العليا، أمس الأربعاء، البت بطلب حل البرلمان المقدّم من قبل التيار الصدري، حتى اليوم الخميس.

"الإطار التنسيقي" يدفع لتشكيل حكومة جديدة

ويريد "الإطار التنسيقي" المضي بعقد جلسة برلمانية لانتخاب رئيس للجمهورية وإطلاق عملية تشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد شياع السوداني.

وقال القيادي في "الإطار التنسيقي" علي الفتلاوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن تحالفه ماضٍ في عملية تشكيل الحكومة، مبيناً أن الاتصالات السياسية بين "الإطار" وباقي القوى السنّية والكردية عادت مجدداً أمس الأربعاء من أجل إعادة جلسات البرلمان بأقرب وقت. وتابع: "التهديد بالنزول للشارع لن ينفع أحداً، ونتائجه كانت كارثية وخطيرة على الجميع وليس على طرف معين، ولا مجال إلا بالعودة للسياقات السياسية المعروفة".

وأضاف أن "حل البرلمان يحتاج توافقاً سياسياً، وهذا الأمر يجب أن يتم بعد عودة جلسات البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة وليس الآن، ونحن كتحالف الإطار التنسيقي مصرون عليها، لا تراجع عنها وماضون لتحقيقها خلال الأيام المقبلة".

الفتلاوي: حل البرلمان يحتاج توافقاً سياسياً، وهذا الأمر يجب أن يتم بعد تشكيل الحكومة الجديدة

وكان زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، قد دعا في كلمة له مساء الثلاثاء، إلى "عودة انعقاد البرلمان وتشكيل حكومة وفق السياقات الدستورية"، قائلاً إنه "لا يمكن أن يستمر الوضع الذي نمر به، فالبرلمان معطل والحكومة معطلة".

بدوره، قال نائب عن تحالف "السيادة"، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك ضغوطاً كبيرة تمارس على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من قبل قوى الإطار التنسيقي، من أجل إعادة عقد جلسات البرلمان، لكن الحلبوسي ما زال رافضاً لهذه الخطوة ويؤكد ضرورة وجود اتفاق سياسي قبل عودة عقد جلسات البرلمان".

وبيّن النائب أن "الحلبوسي أبلغ قوى الإطار التنسيقي أنه من الممكن أن يعاود البرلمان العراقي جلساته، لكن من دون طرح قضية انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة، وتكون الجلسات مخصصة فقط لتمرير القوانين والأداء التشريعي والرقابي، لكن قوى الإطار رفضت هذا الطرح، وهي تضغط لعقد جلسة إكمال تشكيل الحكومة".

وأضاف أن "الحلبوسي أبلغ قوى الإطار أن الذهاب لعقد أي جلسة لتشكيل الحكومة، من دون الاتفاق مع التيار الصدري على ذلك، سوف يعيد الصدريين للاعتصام داخل مبنى البرلمان والدخول إليه، ولهذا هو يرفض فكرة عقد الجلسة حالياً مع وجود تهديد علني للتيار بهذا الخصوص".

حراك شعبي جديد للصدريين؟

وفي ظل هذا الوضع، شنّ صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، والمعروف باسم "وزير القائد"، هجوماً حاداً على قوى "الإطار التنسيقي" أمس، متحدثاً عن وقوع "إعدامات" لمحتجين داخل المنطقة الخضراء على يد من وصفها بـ"المليشيات الوقحة".

ونشر العراقي على حسابه في موقع "فيسبوك"، بياناً قال فيه، إنه يستغرب "مواقف الإطار التنسيقي الوقحة حينما يعلنون وبكل وقاحة متحدين الشعب بأنهم ماضون في عقد البرلمان لتشكيل حكومتهم الوقحة، وما زال دم المعدومين غدراً من المتظاهرين السلميين وبطلقات مليشياتهم القذرة، لم يجف، وكأن المقتول إرهابي أو صهيوني ولا يمت إلى المذهب بصلة أو إلى الوطن بصلة".

وأضاف: "من هنا إذا لم يعلنوا الحداد فليعتبروني والتيار من اليوم عدوهم الأول بكل السبل المتاحة وبعيداً عن العنف والاغتيالات التي قرر الفاسدون أن يصفوا خصومهم بها، وهذا ندائي للجارة إيران أن تكبح جماح بعيرها في العراق وإلا فلات حين مندم"، وفقا لقوله.

وفي السياق، أبلغ قيادي بارز في التيار الصدري بمدينة النجف، "العربي الجديد" أمس، أن الصدر "قد يضطر إلى تأييد حراك شعبي جديد لمنع تشكيل نسخ مكررة عن الحكومات السابقة التي أفقرت العراقيين وأنهكتهم، لكن ليس شرطاً أن يكون باقتحام المنطقة الخضراء مجدداً". وأكد أن عدم احترام قوى "الإطار التنسيقي" موقف الصدر بسحب المحتجين، والعودة للحديث عن حكومة يرأسها محمد شياع السوداني، يعني مخادعة جديدة لتشكيل حكومة إطارية أركانها نوري المالكي وقيس الخزعلي وعمار الحكيم.

قيادي في التيار الصدري: الصدر قد يضطر إلى تأييد حراك شعبي جديد لمنع تشكيل نسخ مكررة عن الحكومات السابقة

وأضاف أن "الأحداث التي حصلت أخيراً (الاشتباكات المسلحة) في بغداد وباقي مدن الجنوب، هي لإيصال رسائل بأن الصدريين لديهم قدرة السيطرة على الشارع، ولن يسمحوا بتهميش أو عزل الصدر عن المشهد بفرض رأي معين عليه من قبل قوى الإطار التنسيقي، والرسالة وصلت، ولهذا تم الانسحاب"، متابعاً أن "هذا النزول قد يتكرر إذا ما سعت بعض قوى الإطار لتشكيل حكومة إطارية".

وأكد القيادي الصدري أن "مطالب الصدريين باقية ولا تراجع عنها، وهي حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة، وهناك وسائل ضغط كثيرة يمتلكها التيار لتحقيق مطالبه خلال الأيام المقبلة". واعتبر أن "قرار الصدر اعتزال العمل السياسي لا يعني اعتزاله الحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات".

من جهته، رأى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة من دون وجود اتفاق سياسي مسبق يكون التيار الصدري جزءاً رئيسياً منه، يعني استمرار الأزمة والصراع، وربما يعود الصدريون من جديد إلى الشارع"، معتبراً أن التهدئة التي حدثت قد "تتضرر" بهذا الحراك.

ولفت إلى أن "حل الأزمة يكون من خلال تقديم التنازلات وذهاب الجميع نحو التفاوض المباشر، للوصول إلى تفاهمات ترضي جميع الأطراف، وهذا ما سنعمل عليه نحن وبعض الشركاء السياسيين خلال الأيام القليلة المقبلة، فالكل سيعمل على منع عودة أي أعمال تؤدي إلى سقوط الدم العراقي".

وتعليقاً على هذه التطورات، قال المحلل السياسي علي البيدر، لـ"العربي الجديد"، إن "عودة التيار الصدري إلى الشارع أمر وارد للغاية، في حال ذهب الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة لا يوافق الصدريون عليها ومن دون حل البرلمان وتحديد موعد لانتخابات مبكرة".

وبيّن البيدر أن "نزول الصدريين إلى الشارع من جديد، يعني تعطيل حراك الإطار لتشكيل الحكومة، والكل يعرف أنه لا يمكن تشكيل أي حكومة من وجود موافقة التيار الصدري".