استمع إلى الملخص
- تستخدم المفوضية تقنيات حديثة لضمان شفافية الانتخابات، وتنسق مع وزارة المالية لتأمين التخصيصات المالية، وتستعد لدعوة فرق المراقبة الدولية.
- تسعى بعض الأحزاب لتعديل قانون الانتخابات لضمان مكاسب أكبر، مع احتمالات عودة التيار الصدري، وسط مخاوف من تحالفات جديدة تؤثر على التوازن السياسي.
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، اليوم الاثنين، بدء استعداداتها لإجراء الانتخابات العامة في البلاد نهاية العام الحالي 2025، في وقتٍ بدأت الساحة السياسية العراقية تشهد حراكاً مبكراً بين مختلف القوى الفاعلة، هدفه تشكيل التحالفات الانتخابية، وكسب المرشحين الأقوياء، استعداداً لخوض الانتخابات البرلمانية المقررة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ورغم غياب موقف المساحات السياسية المؤثرة مثل المدنيين والتيار الصدري، إلا أن بقية الأحزاب باشرت عملياً استعداداتها بطرق متفرقة، بينها من توجه إلى إذكاء الحس الطائفي واللعب على مشاعر الناس العقائدية والدينية، كما يفعل زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، أو المطالبة بتعجيل تنفيذ المنهاج الحكومي وفقراته المرتبطة بالعرب السنة.
وقال رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، القاضي عمر أحمد محمد، إن "مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين، لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة 45 يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب". وأضاف محمد، أن "المفوضية جاهزة لإجراء العملية الانتخابية في الموعد الذي يتم إقراره"، مبيناً أن "التخصيصات المالية كافية لإجرائها في الموعد المحدد، وسيتم التنسيق بشأنها مع وزارة المالية لإطلاقها بالسرعة اللازمة".
وعن الإجراءات الفنية لعملية المفوضية، أوضح محمد في تصريحٍ صحافي، أن "المفوضية تستخدم أجهزة التحقق الإلكتروني، وأجهزة تسريع النتائج الإلكترونية، وأجهزة إرسال النتائج"، مؤكداً أن "دوائر وأقسام المفوضية تجري حالياً المشاورات والتنسيق لإعداد الجدول الزمني والعملياتي للعملية الانتخابية، كما أن المفوضية شكلت لجاناً عليا للمراقبين الدوليين والمحليين، وستوجه الدعوة إلى فرق المراقبة الدولية، لإصدار باجات (هويات) تعريفية لتسهيل تواجدهم في جميع مراكز الاقتراع في المحافظات كافة".
سياسياً، تتحرك بعض الأحزاب في العراق لتغيير بعض صيغ وفقرات قانون الانتخابات المعمول به في البلاد، لضمان مكاسب أكبر، ومنع أحزاب أخرى من الفوز، خصوصاً مع تواصل الحديث عن احتمالات عودة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي كان قد غادر العملية السياسية في يونيو/حزيران 2022، احتجاجاً على منعه من تشكيل "الحكومة الصدرية"، باعتباره الفائز الأول في انتخابات عام 2021، بواقع 73 مقعداً في البرلمان.
وكشف مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، عن اجتماعات غير معلنة للشروع في تغيير أربع نقاط من قانون الانتخابات، مؤكداً في تصريحٍ صحافي، أن "اجتماعاً جرى بين ثلاث قوى سياسية مهمة، من أجل وضع أولى اللبنات لتحرك سياسي يأخذ مداه بشكل أكبر خلال الفترة القادمة لتغيير قانون الانتخابات". وأكمل الخالدي، أن "تغيير قانون الانتخابات سيحظى بقبول من القوى السياسية، خاصة وأن هناك ضوءًا أخضر من كتل مهمة حيال تغيير بعض النقاط"، لافتاً إلى أن "القوى الكبيرة ترى ضرورة تجاوز سلبيات قانون الانتخابات التي برزت في انتخابات مجالس المحافظات عام 2023".
وعلم "العربي الجديد" من مصادر سياسية، أن "أهم الفقرات التي تنوي بعض الأحزاب الكبيرة تعديلها في قانون الانتخابات، هي آليات اعتماد واحتساب الأصوات، ورغم أنها لم تصل إلى صيغة نهائية في الاتفاق، والوقت ما زال مبكراً، إلا أن هناك رغبة في المضي نحو اعتماد قانون سانت ليغو المعدل، لأجل بقاء الأحزاب الكبيرة مهيمنة على الوقت السياسي، وقطع الطريق على الأحزاب الصغيرة والكيانات المدينة للظفر بأي نتائج جيدة".
وأكملت المصادر، أن "أكثر ما يخشاه تحالف الإطار التنسيقي، هو عودة التيار الصدري واحتمالات تحالفه مع المدنيين أو رئيس الوزراء، لأن كابوس عام 2021 وفوز التيار الصدري ما زال يلاحق كل الأحزاب، لأن الانتخابات السابقة أثبتت الحجم الحقيقي للأحزاب التي تستخدم المال السياسي والسلاح في التحكم بالبلاد".
من جهته، بيّن رئيس حراك "البيت العراقي" محيي الأنصاري، أن "التدافع الانتخابي الذي تمارسه حاكمية السلاح والفساد المسيطرة على موارد الدولة العراقية، هي التي تفصّل قانون الانتخابات كل مرة على مزاجها ومقاسات مرشحيها، وأن أطرافاً من الإطار الشيعي الحاكم تشعر بالتنافس مع رئيس الوزراء الحالي، حيث تحاول تقزيمه لتقييد فرصه في الحصول على ولاية ثانية".
ولفت الأنصاري، إلى أن "النظام الحالي شهد سلسلة فضائح لم تقتصر على الفساد والفشل السياسي والاقتصادي، بل تعدته إلى قضايا تمس الأمن القومي للعراق، وتهم بالحنث باليمين الدستورية التي تلاحق رئاسات السلطات"، مشيراً إلى أن "هذه الفضائح أحاطت بالحكومة الحالية ومجمل النظام السياسي، وهو ما جعل الصراع علنياً بين القوى الشيعية من جهة وحلفائها، وأذرعها الزبائنية من جهة أخرى، وسينعكس ذلك في الانتخابات المقبلة".
وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003، خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر 2021، وتمّ اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى، والانتخابات الأخيرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي. وفي مارس/آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.