العراق: اجتماع السوداني مع وفد عسكري أميركي يتجاهل الحديث عن استحقاق "الانسحاب"
استمع إلى الملخص
- المطالبات بخروج القوات الأميركية تراجعت، والحكومة العراقية ترى أن بقاء القوات يعتمد على الوضع الأمني والجدوى، مع التأكيد على أن السيادة لا تكتمل إلا بخروج القوات الأجنبية.
- الخبير الأمني أحمد الشريفي يشير إلى أن إنهاء وجود التحالف يتأثر بالوضع الإقليمي، والعراق يواجه تحديات أمنية كبيرة تتطلب تطوير القدرات الأمنية.
لم يتطرّق بيان الحكومة العراقية، الذي أعقب اجتماع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، مساء أمس الاثنين، إلى أي ذكر لملف انسحاب القوات الأميركية من البلاد، التي من المقرر أن تبدأ فعلياً نهاية العام الحالي، وسط جدل متصاعد في العراق عن أن التطورات التي تشهدها المنطقة منذ أشهر عديدة، قد تدفع إلى إرجاء هذا الاستحقاق.
ودار الحديث بين السوداني وكوريلا، بحضور القائم بالأعمال في السفارة الأميركية ستيف فاغن والقائد الجديد لقوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في العراق وسورية العميد كيفن لامبارت، والقائد السابق للتحالف الجنرال كيفن ليهي، أمس الاثنين، حول أهمية فرض الاستقرار والابتعاد عن مسببات توسع الصراعات. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، في بيان أن "اللقاء استعرض علاقات التعاون بين العراق والتحالف الدولي ومراحل تطوره وتهيئة الانتقال إلى العلاقات الأمنية الثنائية مع دول التحالف".
وأضاف أنه "جرت مناقشة أعمال اللجنة العليا المشتركة بين العراق والولايات المتحدة والتعاون والتنسيق الأمني، والتطورات في سورية وتداعياتها على الأمن الإقليمي"، فيما أكد السوداني وفق البيان "أهمية فرض الاستقرار والابتعاد عن مسببات توسع الصراعات، واحترام سيادة الدول، بناءً على مواثيق الأمم المتحدة والقرارات الدولية والحوارات والتفاهمات، وتفعيل النشاطات الدبلوماسية والتعاون من أجل تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة".
رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة السيد محمد شياع السوداني، يستقبل قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا والوفد المرافق لها، بحضور القائم بالأعمال في السفارة الأميركية السيد ستيف فاغن.
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) July 21, 2025
وفي مستهل اللقاء رحب سيادته بالوفد الذي ضم القائد الجديد لقوات… pic.twitter.com/QY1Yy5sDi5
ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه واشنطن وبغداد، في سبتمبر/أيلول العام الماضي، على إنهاء مهام التحالف الدولي العسكرية في العراق، بغضون 12 شهراً، ووفقاً لآلية يتفق عليها الطرفان في هذا الإطار، على أن يبدأ التنفيذ في سبتمبر 2025، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية المتعلقة بمهام التحالف الذي تقوده واشنطن داخل الأراضي السورية. مع العلم أن السوداني أكد في سبتمبر الماضي، خلال مقابلة مع "بلومبيرغ"، أن "بلاده تتهيأ لإعلان موعد انتهاء مهمة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق"، مبيناً أن "مبرّرات وجود التحالف الدولي انتهت، وأن العراق قد تحوّل من مرحلة الحروب إلى مرحلة الاستقرار، ولم يعد داعش يمثل تهديداً للدولة"، وأضاف: "بدأنا بحوار صريح مع التحالف الدولي، وشكلنا لجنة ثنائية من أجل ترتيب انسحاب قوات التحالف وإعلان انتهاء مهمتها قريباً".
وخلال عامَي 2023 و2024 ضغطت القوى السياسية والفصائل العراقية التي تُصنف على أنها قريبة أو مدعومة من إيران، على السوداني لأجل تأكيد خروج الأميركيين وإنهاء دور التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وضمن جدول زمني مُعلن، لكن وتيرة هذه المطالبات تراجعت كثيراً خلال الفترة الماضية، إن لم تكن قد تلاشت.
عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم عليوي، علّق بشأن تجنّب الحديث عن الانسحاب الأميركي بأن "تقديرات الحكومة في بقاء قوات التحالف مع عدمه، مبنية على الوضع الأمني والعسكري والجدوى من وجودها"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "السيادة العراقية لا تكتمل إلّا بخروج القوات الأجنبية المسلّحة من أرضنا، لكن هناك اعتبارات وأولويات ومصالح متبادلة تحتاج أحياناً إلى وقت كي تتمّ، وبكل تأكيد فإن الاتفاق العراقي الأميركي بشأن إنهاء دور التحالف الدولي، يمضي وفق خطة حكومية ومدة زمنية معلومة".
الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد الشريفي، اعتبر أن ملف إنهاء التحالف الدولي أو الانسحاب الأميركي العسكري من العراق، لا يرتبط بالفواعل الموجودة داخل العراق، بل في مجمل الوضع بالمنطقة، مضيفاً أن "الحديث من الأحزاب بشأن خروج أو إنهاء دور التحالف الدولي، هو حديث شمولي، وقرار إنهاء وجود التحالف هو قرار أممي ولا يقتصر على وجهات نظر سياسية عراقية"، واعتبر الشريفي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "العراق ما يزال لا يملك الأهلية لمسك أموره الأمنية، إذ إنّه لم يتمكن من الاندماج الإقليمي ولا التصالح مع الهويات الفرعية ولا حل المشاكل مع إقليم كردستان، ناهيك عن وجود جماعات مسلحة، بالإضافة إلى بؤر تحتوي تنظيمات إرهابية وتحديداً تنظيم داعش"، وفقاً لقوله.
وسبق أن اتفقت بغداد وواشنطن على التزام الولايات المتحدة بتطوير قدرات العراق الأمنية والدفاعية، وتعميق التعاون الأمني الثنائي في جميع المجالات، فيما أكدت حكومة بغداد التزامها المطلق بحماية الأفراد والمستشارين والقوافل والمرافق الدبلوماسية للولايات المتحدة ودول التحالف الدولي في العراق. واستند حوار التعاون الأمني المشترك بين بغداد وواشنطن إلى إنشاء لجنة ثنائية عسكرية تقوم على تقييم الأوضاع في العراق، لتقرير انتهاء مهمة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في العراق منذ عام 2014، وهو مطلب رئيس للقوى السياسية الحليفة لإيران في العراق.
ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول 2014. ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي. وليست كلّ هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.