على الرّغم من أن قانون الانتخابات العراقي الجديد يعاقب بإقصاء كل من يثبت تورطه في بث خطاب طائفي خلال الحملات الانتخابية، إلا أن قوى سياسية عدة، بعضها مرتبط بفصائل مسلحة حليفة لطهران، صعدت خلال اليومين الماضيين من خطابها الطائفي داخل مدن عراقية مختلفة، خاصة تلك المختلطة، ما دعا مراقبين إلى توجيه انتقادات مباشرة لمفوضية الانتخابات بشأن تغافلها عن تطبيق القانون بحق تلك الجهات.
واليوم الخميس، تداول ناشطون وصحافيون مقتطفات من كلمة لزعيم منظمة "بدر"، هادي العامري، في محافظة ميسان، أمام حشد من أنصاره، برر فيه سوء الخدمات وتردي الواقع المعيشي بأن "جهات (لم يسمّها) لم تسمح لنا بتقديم الخدمات للمحافظات الجنوبية، لأننا من أتباع الإمام الحسين". وذكر العامري في مهرجان انتخابي بمحافظة ميسان، أنه "لا يمكن أن تبقى هذه المدينة (ميسان) تعيش هذا الفقر والحرمان، والله سنبذل كل الجهد من أجل ذلك".
وأضاف العامري: "لم يسمحوا لنا ان نقدم الخدمة لهذه المحافظات لأننا أتباع الحسين، ومثلما حرموا الإمام علي، كذلك لم يسمحوا لنا أن نقدم الخدمات لأهلنا في هذه المحافظات سواء في ميسان أو ذي قار أو المثنى أو البصرة، لم يسمحوا لنا، لأننا من أتباع علي".
في السياق ذاته، أشار زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، في خطابٍ أخير دعماً لكيانه "صادقون"، معتبراً أن "وجود الحشد الشعبي والفصائل مرتبط بمدى انتخاب المحبين للحشد". متحدثاً بعبارات أخرى حملت انتقاصاً من مكونات عراقية أخرى.
وقبل ذلك ظهر القيادي في العصائب حسن سالم، بخطاب وصف أيضاً بالطائفي، في بغداد، وقال إن "من يحب المذهب لا بد من أن يحب الحشد والحسين، وقضية الانتخابات مثل قضية التخاذل الذي تعرض له الحسين".
وفي السياق، قالت المرشحة المستقلة عن دائرة الأعظمية في بغداد بان العزاوي، إن "اللجوء إلى شحن العراقيين طائفياً لن يحظى بأي قبول شعبي، لأن العراقيين باتوا على معرفة كاملة بخطط الأحزاب التقليدية في آليات عملها، وكيفية تفكيرها ومساعيها للسيطرة على المناصب من خلال الانتخابات"
وبيّنت، لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث الطائفي موجود ويتم استخدامه من قبل كثيرٍ من الأحزاب من كل الطوائف، وهو دليل إفلاس، وتراجع في الجماهير، بالتالي فهي تتعكز على ما تملكه من أرصدة شعبية وأشخاص بسطاء عسى أن تنطلي عليهم هذه الخطابات".
من جهته، بيَّن الناشط أكرم وليد أن "الخطاب الميليشياوي لا يختلف عن ممارسات وسلوك الفصائل المسلحة التي تعبث بأمن العراق، فهي إلى جانب تورطها بقتل المحتجين وقصف المناطق التي تتواجد فيها البعثات الأجنبية، تسعى قبل الانتخابات إلى ضخ العبارات الطائفية، بهدف تدمير المجتمع العراقي، لكنها لن تنجح".
وأكد وليد، لـ"العربي الجديد"، أن "جميع التعليقات التي تصدر عن زعماء المليشيات تواجه بالسخرية الشعبية، ولعل مواقع التواصل الاجتماعي هي أكبر دليل، وسرعان ما تتحول هذه مقاطع كلام المتحدثين من الميليشيات، إلى (ترند) مضحك يسخر منه العراقيون، بالتالي فإن اللعب على وتر الطائفية لن ينفع مع العراقيين، الذي تضرروا كثيراً طيلة السنوات الماضية من هذه الخطابات".
وتواصل "العربي الجديد" مع متحدثة مفوضية الانتخابات جمانة غلاوي، إلا أنها لم تستجب لجميع الاتصالات، وهو ما اعتبره المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي "أمراً طبيعياً"، معتبراً في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "مفوضية الانتخابات تخشى في واقع الأمر من التصادم مع الحركات السياسية التي تمتلك أجنحة مسلحة، لأن أي قرار لإيقاف أو منع مثل هذه الخطابات لن يكون مسموعاً من طرف المليشيات من جهة، وقد يتسبب بتهديد للمفوضية من جهة أخرى".
واستكمل الشريفي حديثه أن "هذه الكيانات لا تملك أي أساسيات للعمل السياسي ولا مناهج انتخابية دقيقة تمكنها من الدعاية والترويج لمرشيحها، بالتالي فهي تسعى إلى الترويج طائفياً وذكر روايات تاريخية بعضها غير متفق عليها، في سبيل شحن البسطاء من العراقيين ونيل أصواتهم في الانتخابات".