العراق: أنشطة لمسلحي حزب العمال الكردستاني في كركوك

العراق: أنشطة لمسلحي حزب العمال الكردستاني في كركوك

06 يوليو 2022
تشنّ تركيا عملية عسكرية ضد "الكردستاني" منذ إبريل الماضي (الأناضول)
+ الخط -

تفيد معلومات وتقارير أمنية جديدة في مدينة كركوك، مركز محافظة كركوك (250 كيلومتراً شمالي العراق)، برصد أنشطة مختلفة لمسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة داخل المدينة المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل. ويتخذ الحزب أغطية وعناوين مختلفة لهذه الأنشطة، في تطور قد يؤدي إلى جرّ المدينة لتوتر أمني على غرار ما يحصل في سنجار وبلدات أخرى شمالي البلاد، ينشط داخلها عناصر الحزب.

يجري ذلك مع مواصلة القوات التركية عملياتها العسكرية داخل العراق منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، والتي تستهدف مسلحي "الكردستاني" وأذرعه المحلية في مناطق قنديل والزاب وحفتانين وسيدكان وسوران وكاني ماسي، ومخمور وسنجار ومناطق أخرى حدودية شمالي العراق. ويتخذ الحزب، بحسب الاتهامات التركية، من هذه المناطق منطلقاً لشنّ اعتداءات متكررة داخل الأراضي التركية المجاورة. وأطلقت وزارة الدفاع التركية على العملية اسم "قفل ــ المخلب"، وهي الثالثة من نوعها ضد "الكردستاني" في العراق، في غضون عام واحد.

"العمال الكردستاني"... أنشطة ومقر جديد في كركوك

ونقلت تقارير إخبارية كردية عراقية في أربيل بإقليم كردستان العراق، عن مسؤولين أمنيين تأكيدهم رصد "تحركات لمسلحي حزب العمال الكردستاني في مدينة كركوك". وتحدثت المصادر ذاتها عن أن الحزب يتلقى دعماً من فصائل في "الحشد الشعبي" التي تنشط داخل مدينة كركوك، وأقدم أخيراً على إيجاد مقر له في أحد أحياء كركوك.

يعمل العمال الكردستاني على تجنيد المراهقين الأكراد في كركوك، بحسب مسؤولين أمنيين

وأكد ممثل إقليم كردستان في غرفة العمليات المشتركة العراقية، اللواء طلعت عبد الخالق، رصد أنشطة جديدة لحزب العمال الكردستاني في كركوك، مبيناً في تصريحات للصحافيين أن "المعلومات الأمنية حول ذلك لا يمكن الإفصاح عنها الآن، لكن ما يحدث في كركوك عمل خطير"، وفقاً لتصريح له أوردته وكالة "باسنيوز" الكردية المقربة من حكومة أربيل.

ويبدو أن عبد الخالق يقصد عمليات تجنيد المراهقين من العراقيين الكرد في المدينة، ومحاولة خلق نفوذ للجماعة المسلحة في الأحياء الكردية بالمدينة التي تعتبر ذات غالبية من الجمهور المؤيد للحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان بزعامة مسعود البارزاني، وفقاً لما تحدث عنه مسؤول محلي في ديوان محافظة كركوك طلب عدم الكشف عن اسمه في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد".

ورأى القيادي والنائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، في ردّ لـ"العربي الجديد" حول المعلومات، أن "عناصر الكردستاني يتمددون لأي منطقة ممكنة أمامهم وفي كل المناطق العراقية".

وعلّل خليل ذلك بأن "الدعم الذي يحظى به عناصر الكردستاني من قبل الجماعات الموالية لإيران، جعله يتمكن من الوصول إلى كركوك وأطراف ديالى، وقد يصل إلى بغداد أيضاً خلال الفترات المقبلة، لذلك على الحكومة العراقية أن تنتبه إلى أن هناك جهات ممولة بأموال العراقيين تقوم بتثبيت أقدام مجموعة من الإرهابيين في مناطق آمنة".

نائب رئيس حزب "تركمان إيلي" في كركوك، نبيل بكر، شرح أن "خطة الكردستاني في تحركاته الأخيرة وتوغله إلى كركوك، تأتي ضمن استراتيجية البحث عن المخابئ الهادئة، إضافة إلى تدعيم قواته بالمزيد من المقاتلين من أبناء الأحياء الكردية، على الرغم من الرفض المحلي الكبير لمخططات الكردستاني في كركوك".

وأكد بكر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الكردستاني تمكن من الوصول إلى مناطق كثيرة في كركوك بفعل المساعدة التي يحصل عليها من قبل جهات مسلحة لها نفوذها وتواجدها في المدينة، ونسمع حالياً عن عمليات تجنيد للشبان في معسكرات متفرقة قريبة من طوزخورماتو". وحذّر من أن هذا الأمر "يمثل حالة خطيرة تطرأ على الوضع في كركوك".

وأضاف بكر أن "الحكومة المحلية تسعى إلى منع هذه التحركات الجديدة، لكنها تحتاج إلى مساندة أكبر من الحكومة العراقية، وإشراك قوات توالي الدولة لغرض تثبيت الأوضاع وطرد كل المسلحين والعناصر المنفلتين الذين يسعون إلى تخريب الأوضاع في كركوك". واعتبر أن "عدم وضع حد لدخول الكردستاني إلى كركوك وقطع الإمدادات التي يحصل عليها من قبل أطراف متعاونة معه، يعني أن المدينة قد تتعرض لضربات تركية، وهذا ما يخشاه الأهالي".

ولم ينفِ عضو حزب العمال الكردستاني، كاوه شيخ موس، وجود عناصر الحزب في كركوك، لكنه اعتبر في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "عناصر الحزب هم من العراقيين الكرد، ولا توجد أي جهة قادرة على منعهم من التواصل مع محيطهم المحلي والقيام بنشاطات، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، في أي محافظة". وأشار أيضاً إلى أن "هناك نية لفتح مقرات لحزب العمال في كركوك، وتحديداً في الأحياء الكردية، لكن هذه المقرات لن تكون ذات طابع عسكري، بل هي ممثليات سياسية واجتماعية للحزب".

تمدّد يتحدى الحكومة الاتحادية

وبرأي الباحث العراقي علي الحياني، فإن حزب العمال الكردستاني "يعمل منذ فترة على التمدد خارج حدود مناطق إقليم كردستان، بعدما كان وجوده يقتصر على مناطق جبل قنديل والشريط الحدودي مع تركيا، لكنه بات يتحرك في كثيرٍ من المناطق، منها سنجار وشيخان وبعشيقة وسهل نينوى، إضافة إلى بعض المناطق في محافظة ديالى القريبة من السليمانية، ومنها خانقين وجلولاء وكلار، ناهيك بالانتشار الأخير الذي يبدأ من مدينة جمجمال في السليمانية وصولاً إلى أطراف مدينة كركوك".

علي الحياني: وجود حزب العمال في كركوك وفّره الدعم من قبل بعض أطراف الحشد الشعبي

وأكد الحياني في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وجود حزب العمال في كركوك وفّره الدعم من قبل بعض أطراف الحشد الشعبي، إضافة إلى شخصيات وسياسيين في بغداد".

وبيَّن الباحث أن "الكردستاني تمكن من الوصول إلى كركوك، ويعمل حالياً بمساعدة فصائل عراقية على تأسيس مقار فيها، وكذلك مقار جديدة في الصحراء الممتدة بين محافظتي نينوى والأنبار، المعروفة باسم صحراء الحضر، ويتسلح من قبل جهات مسلحة ممولة من الحكومة العراقية".

وحذّر الحياني من أن "هذا التواجد يعني دخول جميع المناطق التي جرى التمدد فيها، والتي تخضع للحكومة الاتحادية في بغداد، في دائرة خطر القصف التركي، الذي زاد هو الآخر وراح يتمدد في معظم تلك المناطق، بعدما كان يقتصر في المناطق الجبلية والحدودية في إقليم كردستان".

وتنفذ القوات التركية منذ 18 إبريل الماضي عملية عسكرية يشارك فيها سلاح الجو ووحدات برّية خاصة، في قرى ومناطق عراقية حدودية ضمن إقليم كردستان العراق، تستهدف مواقع ومخابئ لمسلحي "العمال الكردستاني".

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريح سابق، إن العملية تهدف إلى "منع الهجمات الإرهابية على شعبنا وقوات أمننا من شمالي العراق، وضمان أمن حدودنا"، مبيناً أنها تشمل مناطق متين والزاب وأفشين وباسيان، وهي بلدات ومناطق جبلية تقع شمال أربيل وشرقي دهوك وتخضع منذ سنوات لسيطرة مسلحي "الكردستاني".