العراق: "أمن الحشد" ينفذ اعتقالات جديدة لقيادات مليشيا "الخراساني"

العراق: "أمن الحشد" ينفذ اعتقالات جديدة لقيادات مليشيا "الخراساني"

14 ديسمبر 2020
علي الياسري (تويتر)
+ الخط -

بعد يوم واحد من اعتقال قوة تابعة لـ"أمن الحشد"، وهو الجهاز الأمني الداخلي في المليشيات المسلحة المنضوية ضمن "الحشد الشعبي" في العراق، القيادي في مليشيا "سرايا الخراساني" حامد الجزائري، على خلفية تهم تتعلق بالفساد والتهريب واستغلال النفوذ، أكدت مصادر سياسية وأخرى أمنية عراقية اعتقال الأمين العام للمليشيا نفسها "سرايا الخراساني"، أحد أبرز الفصائل العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، علي الياسري، وعناصر آخرين من مساعديه خلال مداهمة لمقرّها الواقع في منطقة الجادرية ببغداد.

وقالت مصادر سياسية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ الذراع الأمنية داخل "الحشد" هي التي نفذت عملية الاعتقال فجر اليوم الاثنين، وصادرت وثائق وممتلكات مختلفة موجودة في مقر زعيم المليشيا المصنفة ضمن الفصائل الولائية بالعراق الموالية لإيران.

وأكدت أن عدد الاعتقالات بلغ حتى الآن أكثر من 40 عنصراً في المليشيا، وكلها متعلقة بقرارات من رئاسة هيئة "الحشد الشعبي"، وحالياً احتُجِز المعتقلون في موقع شرقي العاصمة تابع للحشد، كاشفة أن الياسري كان ينوي المغادرة إلى سورية قبل اعتقاله.

وأكدت وسائل إعلام محلية، نقلاً عن مصادر أمنية، قولها إن قوة من أمن "الحشد الشعبي" داهمت مقر المليشيا الواقع في حي الجادرية ببغداد، الاثنين، واعتقلت 30 عنصراً من "سرايا الخراساني"، موضحة أن مداهمة المقر كانت تهدف إلى اعتقال زعيم المليشيا علي الياسري الذي لم يكن موجوداً داخل المقر قبل أن يسلّم نفسه لاحقاً.

وبينت المصادر أن الياسري كان متوجهاً إلى سورية، إلا أنه ألغى سفره وسلّم نفسه لأمن "الحشد".

وقالت مصادر مقربة من "الحشد الشعبي"، المظلة الجامعة لأكثر من 80 فصيلاً عراقياً مسلحاً، إن قوة مسلّحة تابعة لـ"أمن الحشد"، وهو الجهاز الأمني الداخلي في "الحشد الشعبي"، اعتقلت أمس الأحد القيادي السابق في مليشيا "سرايا الخراساني" حامد الجزائري.

تقارير عربية
التحديثات الحية

يذكر أن مليشيا "سرايا الخراساني" جماعة عراقية مسلّحة تعمل ضمن فصائل مليشيا "الحشد الشعبي"، استمدت قوتها من الدعم الذي قدمه لها رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وتدين بالولاء لإيران، وتعتقد بولاية الفقيه قيادةً للعالم الإسلامي.

وشاركت المليشيا في معارك بسورية إلى جانب نظام بشار الأسد، فضلاً عن اشتراكها في العمليات العسكرية في مدن عراقية عدة، واتُّهمت بارتكاب عمليات خطف وقتل طاولت مدنيين.

وسبق أن دخلت في صدامات مسلّحة مع القوات العراقية، ومن بينها الاشتباك عام 2016 مع قوات الشرطة في مدينة بلد بمحافظة صلاح الدين، بعد محاولتها إطلاق سراح معتقلين تابعين لها، وأدت الاشتباكات إلى مقتل قيادي بالمليشيا وعدد من عناصر الأمن.

وأمس الأحد، اعتبر الخبير بشؤون الجماعات المسلّحة في العراق العميد المتقاعد أحمد حسين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عملية الاعتقال قد تعقبها عمليات اعتقال أخرى لقيادات وشخصيات ثانية في الحشد، وكلّها نتيجة صراعات داخلية وتنافس.

وبيّن أن هذه أحد أبرز إفرازات ما بعد قاسم سليماني في العراق، وهناك قيادات أكثر تورطاً من الجزائري في ملفات فساد وانتهاكات وتطهير طائفي، لكنها الآن تتولى مكانة مميزة في الحشد، ما يؤكد أن الموضوع تنافس ومشاكل وصراعات داخلية، أغلبها بطابع شخصي.

وبرزت المليشيا كأحد الأسماء المتورطة بعمليات قتل وإعدامات خارج القانون، وارتكاب جرائم تطهير طائفية في الأنبار ونينوى وحزام بغداد وصلاح الدين، فضلاً عن حمص ودير الزور التي تمتلك جناحاً مسلحاً للقتال إلى جانب قوات نظام الأسد.

وتنفذ عملية الاعتقال بعيداً عن الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية النظامية، وتجرى تحركات واسعة في "الحشد الشعبي" منذ أول أمس بأوامر من رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض، والتزام الفصائل الأخرى الصمت حيال تلك الاعتقالات.

والاثنين، قالت مصادر مقربة من "الحشد الشعبي" إن هناك توجهاً بتفكيك "سرايا الخراساني"، والإبقاء على عناصره ضمن الحشد بواقع لواءين، مؤكدة أن "تصاعد الانتهاكات والشكوى من الفصيل (سرايا الخراساني)، هو ما دفع إلى الخطوة التي تندرج ضمن مساعي التصحيح داخل الهيئة"، وفقاً لتعبير أحد المصادر المقربة من مكتب رئيس الحشد فالح الفياض.

وأوضحت أن اعتقال القيادي في سرايا الخراساني حامد الجزائري جاء بعد إقدامه على رأس قوة مسلحة غير رسمية على التوجه نحو محافظة الأنبار، بعد حدوث خلاف مع قائد عمليات الأنبار اللواء الركن ناصر الغنام و"الحشد الشعبي" هناك، بسبب إزالة صورة أبو مهدي المهندس، وبعد عودته بساعات تم اعتقاله من قبل أمن الحشد، بالإضافة إلى وجود قضايا فساد وأعمال خارجة عن القانون متورط فيها الجزائري.

وبيّنت أن "هناك شكاوى على أمين عام (سرايا الخراساني) علي الياسري، تتعلق بقضايا فساد في رواتب موظفين في الحشد، بتسجيل أسماء وهمية لا أساس لها وتسلم رواتب شهرية بدلاً عنهم وتصل إلى عشرات الأسماء، وكذلك أعمال غير قانونية من تجارة مخدرات وقضايا خطف وابتزاز وغيرها، ما دفع إلى التحرك واعتقال الياسري ومسؤول المالية في سرايا الخراساني وعناصر بارزة أخرى".

وأضافت أن "أمن الحشد الشعبي يسيطر حالياً على مقر الخراساني في حي الجادرية وسط بغداد، بعد مصادرة كل الأسلحة والأجهزة في المقر، خصوصاً أن الياسري ومساعده للشؤون المالية كانا ينويان السفر إلى سورية، بعد وردود معلومات لهما بصدور مذكرة قبض قضائية بحقهما".

وتابعت المصادر أنه "سيتم تفكيك سرايا الخراساني وتوزيع قواته بين باقي ألوية الحشد"، كاشفاً أن الأيام المقبلة ربما تشهد حملات جديدة ضد فصائل وقيادات فيها غير سرايا الخراساني.

إلى ذلك، قال القيادي في "تحالف الفتح" (الجناح السياسي للحشد) غضنفر البطيخ، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عمليات اعتقال كهذه تتم وفق أوامر قضائية حصراً، وهذه الأوامر تأتي بناءً على شكوى على قضايا إدارية ومالية، وهذا وفق السياقات الإدارية والقانونية، التي تشمل بها كل مؤسسات الدولة".

وبيّن البطيخ أن "هذا الحراك ليس بسبب وجود صراع أو خلاف بين الفصائل المسلحة أو داخل هيئة الحشد الشعبي، بل هو وفق السياقات الإدارية والقانونية، وبناء على شكاوى وأوامر قضائية". وأضاف أن "وقوف حكومة مصطفى الكاظمي خلف هذه التحركات أمر مستبعد، فلا نعتقد الكاظمي يريد فتح جبهة ضد بعض الفصائل المسلحة، خصوصاً في هذا الظرف الذي يمر به العراق على مختلف الأصعدة".

في المقابل، قال الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي محمد التميمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هذا التحرك يأتي بعد سحب طهران دعمها لبعض الفصائل المسلّحة التي بدأت تتمرد على بعض قرارتها وتوصياتها بعد اغتيال قاسم سليماني، خصوصاً أن أوامر القبض والشكاوى التي اعتقلوا لأجلها قديمة وصادرة منذ وقت طويل، وهي أكثر من خمسة، لكن لم تكن تنفذ بسبب وجود الغطاء الإيراني".

وبيّن التميمي أن "هذه العملية لا تهدف فقط إلى اعتقال قيادات سرايا الخراساني، بل تهدف إلى تفكيك هذا التشكيل، كونه بات حجة ودليلاً على الجرائم التي نفذت في مناطق عدة من العراق، كما أن عليه الكثير من المؤشرات على تورطه بقضايا فساد واختطاف وقتل، وخصوصاً قتل متظاهري تشرين، عدا عن ملف التهريب الذي ينشط به هذا الفصيل على حدود سورية".

واعتبر أن محاولتهم الهروب إلى سورية وليس إيران تشي بأن هناك ضوءًا أخضر إيرانياً بتفكيك الفصيل. وأضاف أن "الأيام المقبلة ربما تشهد تفكيك جماعات مسلحة أخرى، رفعت طهران دعمها عنها بسبب تمردها على الأوامر الإيرانية، وعملية التفكيك جاءت باتفاق بين الإيرانيين بالتأكيد".

المساهمون