"العدالة والتنمية" المغربي يجدّد لبنكيران أميناً عاماً

27 ابريل 2025
عبد الإله بنكيران يخاطب مؤتمر حزب العدالة والتنمية في بوزنيقة (27/5/2025 العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جدد حزب العدالة والتنمية المغربي الثقة بعبد الإله بنكيران لرئاسة الحزب لولاية ثانية، حيث حصل على 69% من الأصوات في المؤتمر الوطني التاسع ببوزنيقة، متفوقًا على منافسيه إدريس الأزمي وعبد الله بووانو.

- انتخاب بنكيران جاء بعد نقاشات حول مستقبل القيادة، حيث انقسم الأعضاء بين مؤيدين لاستمراره نظرًا لدوره في الحفاظ على وحدة الحزب، وآخرين يطالبون بتجديد الدماء وإفساح المجال للقيادات الشبابية.

- يواجه بنكيران تحديات كبيرة في إعادة بناء الحزب بعد هزيمة انتخابات 2021، ويسعى لاستعادة مكانته في الانتخابات التشريعية المقبلة في 2026.

جدّد حزب العدالة والتنمية في المغرب، اليوم الأحد، الثقة بعبد الإله بنكيران لرئاسة الحزب لولاية ثانية على التوالي تمتد أربع سنوات، وهي ولايته الرابعة إجمالاً بعد ولايتين متتاليتين سابقاً. وجاء ذلك بمناسبة انعقاد مؤتمره الوطني التاسع بمدينة بوزنيقة (جنوب الرباط). وحافظ بنكيران، رئيس الحكومة السابق، على منصبه أميناً عاماً للحزب الإسلامي المعارض في المغرب، بعد أن حصل على تأييد 974 مؤتمراً من أصل 1402 مؤتمراً، بنسبة 69%، متقدّماً بذلك على منافسه الأول رئيس المجلس الوطني للحزب إدريس الأزمي الذي حصل على 374 صوتاً، ورئيس المجموعة النيابية عبد الله بووانو، الذي ظفر بـ42 صوتاً فقط.

وانحصر السباق نحو منصب الأمين العام بين كل من الأمين العام المنتهية ولايته ورئيس المجلس الوطني للحزب، ورئيس المجموعة النيابية، بعد انسحاب ثلاثة قياديين، عبد العزيز العماري، وعبد العلي حامي الدين، وجامع المعتصم. ويمر انتخاب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بثلاث مراحل أساسية، إذ يرشّح أعضاء المجلس الوطني الجديد والسابق، كلٌ منهم، في المرحلة الأولى، بين اسمين وثلاثة من بين أعضاء المؤتمر، بشرط حصول المرشح على 10% على الأقل من الأصوات المعبر عنها.

وفي المرحلة الثانية، يجري تخصيص وقتٍ كافٍ للنقاش، تُمنح فيه الكلمة للمرشّحين وأعضاء المجلسين السابق والجديد، مع تجنب النقاشات الشخصية. في حين يقوم المؤتمرون خلال المرحلة الثالثة بالتصويت سراً على مرشح واحد. وإن لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، يُعاد التصويت بين الأول والثاني، ويُنتخب من نال أكبر عدد من الأصوات، أو الأكبر سناً في حال التساوي.

وجاء انتخاب بنكيران، إحدى أكثر الشخصيات إثارة للجدل في المشهد السياسي المغربي، لولاية ثانية على التوالي، بعد ولايتين سابقتين، لينهي النقاش الذي كان قد طفا على السطح خلال أشغال المؤتمر التاسع وقبل أسابيع من موعده، حول مستقبل القيادة داخل الحزب الإسلامي، بين فريق دفع نحو التمديد لبنكيران بالنظر إلى "دوره في الحفاظ على وحدة الحزب وإعادة حضوره السياسي، فضلاً عن أنه لم يتخلَّ عنه في لحظات الضعف"، في مقابل فريق آخر رأى أن الحزب "بحاجة إلى تجديد دمائه"، و"إفساح المجال أمام جيل جديد من القيادات الشبابية".

وفي أول تصريح له بعد إعادة انتخابه، أقر بنكيران بجسامة المسؤولية بالقول: "المسؤولية صعبة وثقيلة ولكنها فرصة، والله يجازيكم على ثقتكم الغالية جداً". كما حرص على بعث رسائل إلى داخل حزبه وخارجه، منها تأكيده أن قيادته "ليست فردية كما يتخيّل البعض"، وأن "ظروف العالم والأمة الإسلامية والعربية وبلادنا والحزب ليست سهلة، لكن لدينا مهمّة وواجب نحاول تأديته، عندما نلتقي الله نتمنى أن يكون الأحسن أكثر من السيئ لعل الله يتجاوز عنا، ولا هدف لنا غير ذلك".

وكان لافتاً في كلمة بنكيران مباشرة بعد تجديد الثقة فيه أميناً عاماً لحزبه، العدالة والتنمية، تأكيد طموحه للظفر بالانتخابات البرلمانية المنتظر إجراؤها في الربع الأخير من العام المقبل، بقوله إنه "يوجد رهان سياسي للحزب في الانتخابات المقبلة، وسنعود بقوة، وسننافس على المراتب الأولى".

وعلى امتداد ما يقارب 30 سنة من انتسابه إلى "العدالة والتنمية"، تمكن بنكيران من ترك بصمته على الحزب، بعد أن قاده إلى قيادة الحكومة المغربية مرّتين متتاليتين، بعد الانتخابات البرلمانية في 2011، وانتخابات 2016، في سابقة بتاريخ المغرب الحديث.

وطوال قيادته الحزب وللحكومة، كان بنكيران محط جدل بين مناصريه الذين كانوا يرونه "كائناً استثنائياً"، سواء على مستوى الخطاب والتواصل، أو على مستوى المواجهة، أو حتى على مستوى قدرته على استيعاب المحيطين به واحتوائهم، وبين خصومه السياسيين، الذين كانوا يصفونه بأنه "وحش سياسي" يستخدم الدين في السياسة، و"شعبوياً"، وفشل في توظيف الفرص التي منحها دستور "الربيع العربي" للطبقة السياسية، وفي محاربة الفساد.

ويواجه بنكيران تحديات تنظيمية وسياسية جسيمة، لا تنحصر فقط في إعادة بناء الحزب، بل تتخطى ذلك إلى التحديات التي تطرحها الانتخابات التشريعية المقبلة في 2026، حيث يمني الحزب النفس باستعادة بعض من بريقه الذي فقده جراء الهزيمة المدوية التي مني بها في انتخابات الثامن من سبتمبر/ أيلول 2021، وعصفت به إلى المرتبة الثامنة بـ13 مقعداً برلمانياً، بعد أن كان يتصدر المشهد البرلماني بـ125 مقعداً.

وشكّل المؤتمر، التاسع من نوعه منذ تأسيس "العدالة والتنمية" عام 1997، محطة مهمة في تاريخ من يوصفون في المغرب بـ"إسلاميي القصر"، لجهة أن مخرجاته ستكون حاسمة في رسم مستقبل الحزب، وتأكيد تعافيه أو عدمه من نكسة 8 سبتمبر/ أيلول 2021. وجاء انعقاد المؤتمر التاسع في سياق سياسي استثنائي تتقاطع فيه الاعتبارات التنظيمية مع رهانات التموقع السياسي، استعداداً لنزال الانتخابات التشريعية المقبلة في 2026.

المساهمون