العدالة التصالحية بدل الانتقالية

العدالة التصالحية بدل الانتقالية

20 ديسمبر 2020
لم تتوقف التدخلات الخارجية بالوضع السوري (Getty)
+ الخط -

يشي مصطلح العدالة التصالحية في سورية، الذي طرحه المبعوث الأممي غير بيدرسن خلال إحاطته في مجلس الأمن يوم الخميس الماضي، بتنازل جديد على المعارضة أن تقدّمه، بقبول هذا المصطلح كبديل عن العدالة الانتقالية التي تعد جزءاً أساسياً من مرحلة الحكم الانتقالي، والتي تأتي في مقدمة اختصاصاتها محاسبة مرتكبي الجرائم وجبر الضرر، فيما الاقتراح الجديد يحاول المساواة بين الضحية والجلاد، في وقت لا يزال مرتكبو الجرائم مستمرين في جرائمهم. وكما في كل تنازل تُرغم المعارضة عليه، دعا رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة نصر الحريري، الأمم المتحدة إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الخاص بالحل السياسي في سورية، وذلك رداً على طرح العدالة التصالحية.

قصة القفز فوق العدالة الانتقالية بدأت بعد موافقة المعارضة على تقسيم القرار 2254 إلى أربع سلال كتنازل منها أعطى النظام الفرصة لكسب المزيد من الوقت، ثم تبعه تنازل آخر بالقفز على سلة الحكم الانتقالي كأولى السلال الأربع التي طرحها المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا، والتي تقضي بوجود هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات ليس لرئيس الجمهورية ولا لرئيس حكومته أي دور فيها، ومن ثم الانتقال إلى الدستور. وهو تنازل أفقد قرار مجلس الأمن جزءاً كبيراً من مضمونه وأدى إلى خطأ في تطبيقه، فمن غير المنطقي وضع دستور جديد لنظام سياسي في البلاد بعد فترة طويلة من النزاع من دون المرور بمرحلة حكم انتقالي تضمن بيئة صحية لإنتاج دستور جديد للبلاد وتهيئها لانتخابات نزيهة.

ولعل افتقاد المعارضة للخبرات الدبلوماسية القادرة على التفاوض، ساهم بتقديمها الكثير من التنازلات، على الرغم من وجود الكثير من المنشقين عن النظام الذين لم تستقطبهم أجسام المعارضة، نظراً لواقع المحاصصة والمحسوبيات. فحاولت المعارضة ضمن وضعها القائم أن تتماشى مع تعنت النظام على أمل الوصول إلى نتائج من خلال السير بأحد أطراف العملية السياسية، مثل ملف اللجنة الدستورية، الأمر الذي استغله النظام وحلفاؤه لدفع المعارضة إلى تقديم المزيد من التنازلات. هذا الأمر يُتوقع أن يستمر إذا لم تتخذ المعارضة موقفاً حاسماً بوقف مشاركتها في العملية السياسية ما لم يتم الالتزام بجوهر قرار مجلس الأمن، لأن الموافقة على الاستعاضة عن العدالة التصالحية بمفهوم العدالة الانتقالية ما هو إلا حلقة من سلسلة من التنازلات ستؤدي إلى تعويم النظام بشكل كامل.

المساهمون