لم يشهد مخيّم العروب شمال الخليل، جنوبي الضفة الغربية اقتحاماً واسعاً كالذي يجري منذ فجر اليوم الأربعاء، بعد أن حاصرت قوّات الاحتلال الإسرائيلي المخيّم من مدخله الشرقي الواصل مع قرى الخليل، ومن مدخله الرئيسي الغربي المحاذي للشارع الإلتفافي "خط 60"، وشرعت في تنفيذ عملية هدم منزل عند مدخله، واعتقال عشرات الشبّان. ويتعامل الاحتلال مع مخيّم العروب منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، على أنه ساحة تدريب لجنوده، حيث يتم اقتحام المخيّم بشكل دوري مساء كلّ يوم حتى ساعات فجر اليوم التالي، وينشر جنوده في أزقّة المخيّم.
فجر اليوم، وبشكل مفاجئ اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم العروب عند الساعة الثانية فجرًا، حيث داهمت 30 منزلًا، واعتقلت نحو 70 مواطنًا جرى اقتيادهم إلى مركز عيادة وكالة الغوث "أونروا" وسط المخيم، والتي حوّلتها قوات الاحتلال إلى غرفة تحقيق ميداني بعد تكسير محتوياتها وأبوابها، وفقًا لعضو اللجنة الشعبية في مخيّم العروب، أمجد الطيطي في حديث لـ"العربي الجديد".
وقال الطيطي إن نحو 100 جندي مدعومين بـ14 آلية عسكرية من نوع "نمر" وجرافة من طراز "دي 10"، شاركوا في الاقتحام، حيث شرعت الجرافة في هدم منزل يعود للمواطن عدي جوابرة قرب مدخل المخيم، ولم يُسمح لصاحب المنزل بإخلائه من محتوياته قبل الهدم، في مخالفة للإجراءات التي كانت تُتبع سابقًا في عمليات الهدم. ويُعد هذا المنزل الثالث الذي يتم هدمه في المخيم منذ بداية العام الجاري؛ بحجة تلقيه إخطارًا مسبقًا لوجوده على حدود أراضي المخيم، الأمر الذي يثير المخاوف من تصاعد عمليات الهدم في الفترة المقبلة تحت ذرائع واهية تهدف إلى توسيع نطاق الدمار في المخيم.
ووصف الطيطي اقتحام اليوم بأنه أشد قسوة من الاقتحامات السابقة، حيث لم يُسمح لسكّان المنازل بفتح أبوابها قبل اقتحامها، إذ عمدت قوات الاحتلال على تفجير الأبواب بالقوة، ثم احتجزت أفراد عائلات المنازل في غرفة واحدة أثناء إجراء التحقيقات الميدانية، كما تعرّض الأهالي للتهديدات والشتائم، إضافة إلى تكسير محتويات منازلهم قبل أن تنتقل قوات الاحتلال إلى منازل أخرى.
وأشار الطيطي إلى أن قوات الاحتلال أفرجت عن معظم الشبّان الذين تم التحقيق معهم داخل عيادة وكالة "أونروا"، فيما أبقت على أربعة شبان رهن الاعتقال. وخلال التحقيق الميداني، تلقى المعتقلون تهديدات مباشرة من ضابط جيش الاحتلال المسؤول عن مخيم العروب، حيث توعدهم بعبارات "من يرفع راية فصيل فلسطيني سنقطع يده، ومن يرمي حجرًا نحو الجنود سنطلق عليه النار"، كما ادعى ضابط الاحتلال أن المواجهات التي يشهدها شارع 60 المحاذي للمخيّم تُشكل خطرًا على المستوطنين، زاعمًا أن الحجارة والقنابل المحلية الصنع "الأكواع" التي تُلقى تستهدف مدنيين إسرائيليين وليس جنودًا مما يجعلها -وفق ادعائه- أشد خطورة من المظاهر المسلحة في مخيمات شمال الضفة الغربية.
وأوضح الطيطي أن المواجهات في مخيم العروب لم تستهدف مركبات المستوطنين منذ يوليو/تموز 2023، إذ قامت سلطات الاحتلال في ذلك الوقت بعزل المخيم عن الطريق الاستيطاني الالتفافي الرئيس، ونصبت بوابة حديدية جديدة على طريق المخيم، إضافة إلى شق طريق التفافي بديل يبعد عن مدخل المخيم؛ بهدف فصل مرور مركبات المستوطنين مع مركبات الفلسطينيين من الطريق ذاته، ورغم ذلك، تستمر المواجهات بشكل شبه يومي مع جنود الاحتلال المتمركزين عند البرج العسكري المقام أمام مدخل المخيم.
وسبّب اقتحام الاحتلال المستمرّ تعطيل العمل داخل مؤسسات المخيم، بما في ذلك المدارس والعيادات والكلية الدراسية، نتيجة استمرار انتشار قوات الاحتلال في مختلف الأحياء، رغم انسحاب عدد من الآليات العسكرية التي شاركت في الاقتحام.