استمع إلى الملخص
- تأتي الزيارة في ظل اهتمام إدارة ترامب بالملف الصيني، حيث اختار الفيليبين بدلاً من كوريا الجنوبية، مما يعكس نية الولايات المتحدة في استهداف الصين وتعزيز الدعم لمانيلا في نزاعاتها البحرية.
- أثارت الجولة ردود فعل من الصين، حيث اعتبرتها استهدافًا لها، بينما يرى الخبراء أنها تحمل رسائل طمأنة للحلفاء وتؤكد على أهمية دورهم في استراتيجية احتواء الصين.
من المقرر أن يبدأ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، خلال الأسبوع الحالي، جولة تشمل هاواي وغوام والفيليبين واليابان. وستكون جولة وزير الدفاع الأميركي هذه، أول زيارة رسمية له مع بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب، إلى منطقة المحيطين الهادئ والهندي، علماً أن هيغسيث اختار الفيليبين بدلاً من كوريا الجنوبية، في أول زيارة له للمنطقة، في ما قد يكون إشارة من إدارة ترامب للاهتمام المتزايد الذي تبديه بشأن الملف الصيني.
جولة وزير الدفاع الأميركي
وقال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل، في بيان نشر على موقع وزارة الدفاع، إنه في إطار زيارته الرسمية الأولى للمنطقة، سيتوجه هيغسيث أولاً إلى هاواي للقاء قادة مدنيين وعسكريين من القيادة الأميركية لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي. ويقع أرخبيل هاواي، وهي ولاية أميركية، في منتصف المحيط الهادئ على بعد 3200 كيلومتر من القارة الأميركية. ومن هناك، سيتوجه إلى غوام، التي تعدّ تابعة للولايات المتحدة وأحد أعمدة استراتيجيتها العسكرية في منطقة المحيط الهادئ، حيث من المتوقع أن يقوم بجولة في المنشآت العسكرية ويتلقى إحاطات حول القدرات العسكرية. بعد ذلك، سيتوجه إلى الفيليبين، حيث ذكرت وكالة أسوشييتد برس، أنه سيكون في هذا البلد، في 28 و29 مارس/آذار الحالي، على أن يناقش في مانيلا الأهداف الأمنية مع القادة الفيليبينيين ويلتقي القوات الأميركية والفيليبينية. وفي اليابان، سيشارك هيغسيث في احتفال لإحياء الذكرى الثمانين لمعركة إيو جيما (خلال الحرب العالمية الثانية)، وسيلتقي القادة اليابانيين والقوات العسكرية الأميركية.
جينغ وي: هناك رغبة لدى إدارة ترامب في دعم مانيلا التي تعتبر العنوان الأبرز في النزاع البحري مع بكين
وأضاف بارنيل أن زيارة هيغسيث تأتي في الوقت الذي تبني فيه الولايات المتحدة تعاوناً غير مسبوق مع الدول ذات التوجهات المتشابهة لتعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن هذه المشاركات ستدفع الجهود المستمرة لتعزيز التحالفات والشراكات الأميركية نحو رؤية مشتركة لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي حرّة ومفتوحة.
وقال السفير الفيليبيني في واشنطن، خوسيه مانويل روموالديز، لـ"أسوشييتد برس"، إن المباحثات التي سيجريها هيغسيث في بلاده، ستتطرق إلى تصرفات الصين العدوانية في مياه بحر الصين الجنوبي و"زيادة تقديم الدعم بشكل ملموس" إلى القوات الأمنية الفيليبينية بعهد دونالد ترامب.
استهداف الصين
في تعليقها على جولة وزير الدفاع الأميركي الآسيوية، رأت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الحكومية، يوم الأحد الماضي، أنه على عكس الزيارات الأولى التقليدية لوزراء الدفاع الأميركيين إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي عادةً ما تشمل كوريا الجنوبية، فقد أغفل هيغسيث سيول بشكل ملحوظ، وضمّ الفيليبين بدلاً منها، مشيرة إلى أن هذا الترتيب يُظهر نية الولايات المتحدة استهداف الصين، ومن المرجح أن يُشجع مانيلا على اتخاذ المزيد من الإجراءات الاستفزازية ضد بكين في بحر الصين الجنوبي. وأرجعت الصحيفة الصينية قرار وزير الدفاع الأميركي التخلي عن زيارة كوريا الجنوبية، إلى الوضع السياسي الداخلي غير المستقر في سيول (منذ أن أعلن الرئيس المعزول يون سوك يول الأحكام العرفية)، ومع ذلك، قالت إن هذا لا يعني تقليص دور كوريا الجنوبية في استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، حيث لا تزال حليفاً عسكرياً حاسماً للولايات المتحدة.
وبحسب البروتوكولات الأميركية المعتادة، تشمل وجهات زيارة وزير الدفاع الأولى لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ اليابان وكوريا الجنوبية. على سبيل المثال، في مارس 2021، قام وزير الدفاع الأميركي آنذاك لويد أوستن، برحلته الافتتاحية، حيث زار اليابان وكوريا الجنوبية والهند. خلال الولاية الأولى لترامب (2017 – 2021)، قام وزير الدفاع آنذاك جيمس ماتيس، بزيارته الأولى في أوائل فبراير/شباط 2017، حيث توجه إلى كوريا الجنوبية واليابان. واللافت هذه المرة، أن زيارة هيغسيث المقرّرة إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم تتجاهل كوريا الجنوبية فحسب، بل تضمنت أيضاً توقفاً غير عادي في الفيليبين.
فيكتور وانغ: الجولة تحمل رسائل طمأنة للحلفاء، وتؤكد على أهمية دور الدول الحليفة في استراتيجية احتواء الصين
التوقف في الفيليبين ورسائل الطمأنة
حول دلالات إدراج مانيلا ضمن الزيارة، رأى الخبير في الشأن الآسيوي بمعهد فودان للدراسات والأبحاث، جينغ وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "في كل تحرك أميركي تجاه المنطقة، سنجد الصين حاضرة بقوة". وبالنسبة إليه، فإن "الخرق الذي حدث مقارنة ببروتوكولات سابقة تتعلق بزيارات وزراء الدفاع الأميركيين إلى منطقة المحيطين، يؤكد أن هناك رغبة لدى إدارة ترامب الجديدة في دعم مانيلا التي تعتبر العنوان الأبرز في النزاع البحري مع بكين في بحر الصين الجنوبي". وبالتالي اعتبر جينغ وي، أن "هناك توجهاً نحو فرض مزيد من الضغوط على الصين من خلال استخدام دول الجوار مثل اليابان والفيليبين كأدوات في محاولة احتواء بكين عبر التدخل المباشر في نزاعاتها البحرية مع جيرانها، وتطوير تحالفات تتعلق بالأمن البحري ما يشجع هذه الدول على اتخاذ إجراءات متهورة واستفزازية لن تؤدي إلا إلى تأجيج الصراعات وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، وفق تعبيره.
ولفت جينغ وي إلى أن وزير الدفاع الأميركي أكد في وقت سابق أن جوهر استراتيجية الأمن الأميركية المستقبلية، يكمن في حماية الأمن الداخلي وبناء نظام تحالف ضد الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. لذا، فإن جولة وزير الدفاع الأميركي المقبلة إلى اليابان والفيليبين، وفق رأيه، تهدف إلى ترسيخ التحالفات العسكرية بين الولايات المتحدة وهذه الدول، بما يخدم الاستراتيجية الأميركية في منطقتي الهادئ والهندي.
في المقابل، أعرب الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية، فيكتور وانغ، عن اعتقاده بأن استبعاد كوريا الجنوبية من جولة وزير الدفاع الأميركي له علاقة بالتوترات الداخلية في سيول، بسبب تداعيات اعتقال ومحاكمة رئيس البلاد المعزول يون سوك يول، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الولايات المتحدة أصدرت قبل أيام قراراً بإدراج كوريا الجنوبية ضمن قائمة الدول ذات الوضع الحسّاس. وقال وانغ إن زيارة هيغسيث إلى المنطقة، تحمل رسائل طمأنة للحلفاء بعد حالة القلق وعدم اليقين بشأن سياسة ترامب الخارجية، وتؤكد على أهمية المنطقة ودور الدول الحليفة في استراتيجية المحيطين الأميركية لاحتواء الصين والحد من تهديداتها لجيرانها، بما في ذلك الفيليبين التي دخلت خلال العام الماضي في مناوشات وصدامات مباشرة مع بكين في بحر الصين الجنوبي.
ولطالما اتهمت بكين واشنطن بدعم مانيلا في النزاعات البحرية لتقويض الاستقرار الإقليمي. وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو صريحاً بشأن التزام الولايات المتحدة الصارم بالدفاع عن حليفتها الفيليبين. وتجري الولايات المتحدة والفيليبين دوريات وتدريبات مشتركة بشكل منتظم في بحر الصين الجنوبي، كان آخرها بين وحدتين من العمليات الخاصة في أوائل مارس الحالي. لكن إدارة ترامب لم توضح بعد سياستها بشأن المياه المتنازع عليها، ما أثار تساؤلات بشأن احتمال تراجع الوجود الأميركي في المنطقة.