الصين غير متحمسة لمرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد

11 ديسمبر 2024
نظام الأسد شي والأسد في هانغتشو شرق الصين، 22 سبتمبر 2023 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الموقف الصيني من سقوط نظام الأسد: الصين لم تُظهر حماسة تجاه سقوط الأسد، مؤكدة على أهمية حل سياسي يحقق الاستقرار، وأن مستقبل سوريا يجب أن يقرره الشعب السوري.

- التحديات الاقتصادية والسياسية في سوريا: المشاكل الاقتصادية كانت السبب الرئيسي في سقوط النظام، مع ضغوط على حلفاء الأسد. أكدت وسائل الإعلام الصينية على ضرورة حل سياسي لتجنب تجدد الحرب الأهلية.

- التداعيات على العلاقات الصينية السورية: الصين تواجه اختباراً في علاقاتها مع سوريا بعد سقوط الأسد، مما قد يدفعها لإعادة تقييم مواقفها من الأزمات الإقليمية.

لم تعكس التعليقات الصادرة من الصين على سقوط نظام الأسد حماسة للمرحلة الجديدة، لا سيما بعدما كانت أحد أبرز الداعمين له ومنع محاسبته، خصوصاً في مجلس الأمن واستخدام حق النقض (الفيتو) ضد العديد من القرارات المتعلقة بسورية فيه. ورداً على سؤال حول سقوط نظام الأسد وتشكيل حكومة جديدة، وكيف تنظر بكين إلى الوضع الحالي في سورية وما إذا كانت ستقيم اتصالات مع الحكومة الجديدة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، في إفادة صحافية أول من أمس الاثنين، إن الصين تتابع عن كثب التطورات في سورية، وتأمل أن تعمل جميع الأطراف المعنية بما يخدم مصالح الشعب السوري، وأن تجد حلاً سياسياً لاستعادة الاستقرار في البلاد في أقرب وقت ممكن. وعن كيف تنظر الصين إلى مستقبل سورية، قالت ماو إن مستقبل ومصير سورية يجب أن يحدده الشعب السوري نفسه. وأضافت: نأمل أن تتمكن جميع الأطراف المعنية، مع الشعور بالمسؤولية عن المصالح طويلة الأجل والأساسية للشعب السوري، من إيجاد حل سياسي سريع لاستعادة الاستقرار والنظام.

"ساوث تشاينا مورنينغ بوست": الصين تواجه اختباراً في علاقاتها بسورية بعد سقوط الأسد

وقبل سقوط نظام الأسد كانت وزارة الخارجية الصينية قد أصدرت بياناً، الأحد الماضي، قالت فيه إن الحكومة الصينية ساعدت بنشاط المواطنين الصينيين الذين يرغبون في مغادرة البلاد، وتبقى على اتصال مع الصينيين الذين ما زالوا في سورية وتقدم لهم المشورة حول كيفية البقاء آمنين. وحثت الأطراف المعنية في سورية على ضمان سلامة وأمن المؤسسات الصينية والموظفين العاملين هناك. ولفتت إلى أن السفارة الصينية تعمل وتؤدي واجبها في سورية، وستواصل تقديم كل مساعدة ممكنة للمواطنين الصينيين المحتاجين لهذا الأمر.

من جهتها، علقت وسائل إعلام صينية على سقوط نظام الأسد حيث قالت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية في افتتاحيتها، الاثنين الماضي، إنه من المرجح أن تدخل المنطقة في اضطرابات طويلة الأمد في المستقبل. واعتبرت أن القوات المسلحة، المدعومة من جهات إقليمية، لها أهداف ومطالب مختلفة في القضية السورية المعقدة للغاية، ولا تستطيع حكومة الأسد أن تصمد أمام التغيير الحالي، ولا يمكن لأي قوة بناء نظام جديد أو خلق توازن جديد للقوى في وقت قياسي. وذكرت أن المشاكل الاقتصادية هي السبب الأساسي، إذ كانت سورية تمتلك قوات عسكرية موثوقة للتأكد من بقاء الوضع تحت السيطرة بشكل أساسي، لكن المشاكل الاقتصادية قوضت قدرة البلاد على الحفاظ على القوة العسكرية، ولهذا السبب هربت القوات الحكومية أو استسلمت بسرعة.

تقويض حلفاء الأسد الرئيسيين

ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ اندلاع الجولة الأخيرة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني العام الماضي، والصراع بين روسيا وأوكرانيا، فضلاً عن الصراع الأخير بين حزب الله وإسرائيل، تم تقويض حلفاء الأسد الرئيسيين جميعاً، ولم يتمكنوا من تقديم الدعم الكافي للدفاع عن النظام، ما مكن قوات المعارضة من إسقاط نظام الأسد بعد الاستيلاء على المدن الكبرى في مثل هذا الوقت القصير. وأشارت "غلوبال تايمز" إلى أن ما سيتم الاستيلاء عليه من أسلحة وموارد متبقية لدى قوات الحكومة السورية، قد يمكن قوى المعارضة من شن المزيد من الهجمات داخل وخارج المنطقة، وعلى ضوء ذلك سيكون من الصعب التنبؤ بالمستقبل إلى حد كبير، حيث سيعتمد ذلك على مدى قدرة الجماعات المسلحة داخل البلاد على الاتفاق على حل سياسي. ولفتت إلى أنه إذا فشلوا في هذا الأمر فقد تتجدد الحرب الأهلية.

وأضافت أن الوضع الراهن يحتاج بشدة إلى جهود وإجماع، ليس فقط داخل البلاد، بل بين المجتمع الدولي أيضاً لاستعادة السلام والنظام. ونقلت الصحيفة عن لي شينغ جانغ، الباحث في معهد الدراسات حول حوض البحر الأبيض المتوسط بجامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، قوله إن العديد من القوى الأجنبية تدعم منذ فترة طويلة القوات السورية المناهضة للحكومة لإضعاف نظام الأسد ومحاربته، حيث لا تزال القوات الأميركية تحتل حقول النفط وطرق النقل الرئيسية، ما ألحق أضراراً جسيمة بعملية إعادة الإعمار والاقتصاد في سورية على مدار السنوات الماضية.

من جهتها، قالت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، أمس الثلاثاء، إن الصين تواجه اختباراً في علاقاتها بسورية بعد سقوط الأسد المقرب من بكين. وأضافت أن التغيير السريع للنظام جاء بعد عام واحد من زيارة رفيعة المستوى قام بها الأسد إلى الصين، وقد اعتُبرت الرحلة، التي تضمنت اجتماعاً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، على نطاق واسع، بمثابة علامة على استمرار دعم بكين لحكمه. ولفتت إلى أن الصين وروسيا، استخدمتا حق النقض مراراً ضد قرارات فرض عقوبات على الأسد على مدار الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ عقد من الزمان، ولكن على عكس موسكو وطهران، نفت بكين أي تدخل عسكري مباشر في الصراع. وذكرت أن موقف أي حكومة سورية جديدة تجاه الصين سيكون بالتأكيد أقل ملاءمة لبكين من موقف حكومة الأسد، ورغم أنه من غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستتحالف مع الولايات المتحدة أو تركيا، إلا أنه من المؤكد، حسب الصحيفة، أن "المتمردين" لن يلجأوا إلى روسيا وإيران أو الصين.

شاو وي: الصين لم تكن مهيأة لهذه التطورات الدرامية بسبب تسارع الأحداث

أولوية إرساء الأمن بعد سقوط نظام الأسد

وتعليقاً على سقوط نظام الأسد قال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، لـ"العربي الجديد": لا شك في أن التطورات المتسارعة أثارت دهشة العالم، حيث بدت الدول الإقليمية والقوى الكبرى غير مستعدة للتغيير المفاجئ في سورية. وأضاف أن الموقف الصيني كان واضحاً بشأن التغييرات التي شهدتها الأراضي السورية، وهو منسجم تماماً مع المبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي تقوم عليها السياسة الخارجية الصينية منذ عقود طويلة، والتي تؤكد على الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وبالتالي ترى بكين أن الأولوية الآن لإرساء أسس الأمن والاستقرار وسلامة المواطنين، وهي متطلبات تستدعي تضافر الجهود الإقليمية والدولية، وستكون الصين جزءاً من هذه الجهود بما يضمن الأمن والسلام الدوليين.

تقارير عربية
التحديثات الحية

في المقابل، رأى شاو وي، المختص في شؤون الشرق الأوسط، والمقيم في هونغ كونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الصين تلقت صفعة شأنها شأن باقي حلفاء النظام السوري، مثل روسيا وإيران، ولم تكن مهيأة لهذه التطورات الدرامية بسبب تسارع الأحداث. وقال إن حديث بكين عن أن مصير سورية يجب أن يحدده الشعب السوري نفسه، يمثل تراجعاً عن موقفها الثابت من الأزمة السورية والذي كان مرتكزاً حول بقاء نظام الأسد على سدة الحكم، بغض النظر عن الكلفة التي دفعها الشعب السوري والتي تسببت في نزوح مئات الآلاف من السوريين إلى خارج البلاد.

وأضاف أن ذلك ينسحب على روسيا التي تبنت خطاباً مغايراً بعد سقوط نظام الأسد وتحدثت عن تداول سلمي للسلطة، وهي التي ساهمت في تأخير هذه الخطوة طوال عقد كامل. وتابع شاو وي أن الصين بعد هذه الخطوة المفاجئة قد تجد نفسها في حاجة إلى إعادة تقييم مواقفها من الأزمات الإقليمية، خاصة أنها استثمرت نفوذها الدبلوماسي على مدار السنوات الماضية من أجل حماية النظام السوري، مثل استخدام "الفيتو" في مجلس الأمن لإجهاض العديد من القرارات الأممية التي تدين الأسد وممارساته بحق شعبه، وفي النهاية سقط نظام الأسد بالحد الأدنى من المجهود العسكري لقوى المعارضة، التي استغلت الظرف الدولي الراهن المتمثل في استنزاف روسيا في الحرب الأوكرانية، وكذلك إيران في صراعات الشرق الأوسط، من أجل فرض هيمنتها وسيطرتها على جميع الأراضي السورية.

المساهمون