الصين تطور شبكة اتصالات استعداداً للحروب الأسرع من الصوت

26 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 04:03 (توقيت القدس)
جنديان صينيان بسلاح الإشارة في نانينغ ـ جنوبي الصين، 9 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت الصين عن نظام رائد لربط البيانات العسكرية، يهدف إلى التفوق على الاتصالات العسكرية لحلف الناتو، مع دقة مزامنة تصل إلى خمسة نانوثانية، مما يجعله يتفوق على نظام "لينك 16".
- طورت شركة CETC النظام لمواجهة تحديات الحرب الأسرع من الصوت، مما يتيح التنسيق الآمن في الوقت الفعلي بين المنصات الأسرع من الصوت ومراكز القيادة الأرضية.
- تسعى الصين إلى بناء منصة متكاملة للتحكم بالمعلومات والعمليات العسكرية، بهدف تحديث الدفاع الوطني والجيش بحلول منتصف القرن الحالي.

كشف باحثون دفاعيون صينيون عن نظام رائد لربط البيانات يمكنه التفوق بشكل حاسم على الاتصالات العسكرية الحالية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ما يقلب موازين القوة العسكرية في الحرب عالية السرعة، حسبما ذكرت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست أول من أمس الأحد. وأضافت الصحيفة في تقرير أن شبكة الاتصالات العسكرية الجديدة في بكين، التي "ستبهر آلة الحرب في حلف شمال الأطلسي"، تتيح التنسيق في الوقت الفعلي لهجمات العدو أثناء القتال عالي السرعة. ولفتت إلى أنه تم تصميم الشبكة الجديدة لتلبية المتطلبات القصوى للقتال الأسرع من الصوت على نطاق واسع، إذ تنطلق الطائرات في السماء بسرعة خمسة ماخ (6325 كيلومتراً في الساعة، والماخ الواحد يساوي 1265 كيلومتراً في الساعة تقريباً)، وتنطلق الصواريخ إلى الأمام بسرعة 11 ماخ (13915 كيلومتراً في الساعة). وتحقق الشبكة الجديدة دقة مزامنة الوقت في غضون خمسة نانوثانية (النانوثانية الواحدة تساوي واحد من مليار من الثانية، ما يجعل أداء نظام "لينك 16" (وهو شبكة بيانات تكتيكية آمنة ومُشفرة تستخدمها قوات حلف الأطلسي والحلفاء المعتمدون لمشاركة المعلومات العسكرية) الرائد ضئيلاً بمقدار مرتبتين من حيث الحجم.


يوان تشو: الصين تهدف إلى بناء منصة حديثة ومتكاملة للتحكم بالمعلومات والعمليات العسكرية

أسلحة الصين المتطورة

وأوضحت "ساوث تشاينا مورنيغ بوست" أن رابط البيانات الجديد يعالج تحدياً حاسماً في الحرب الأسرع من الصوت من خلال السرعات النسبية التي يمكن أن تتجاوز أربعة كيلومترات في الثانية، حتى الأخطاء الصغيرة للغاية في التوقيت يمكن أن تترجم إلى أخطاء في حسابات الاستهداف على مستوى الكيلومتر. وأضافت أن هذه القفزة التي طورتها شركة مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية (CETC)، تتيح التنسيق الآمن في الوقت الفعلي بين المنصات الأسرع من الصوت ومراكز القيادة الأرضية وشبكات الرادار والأساطيل البحرية والاستخبارات عبر الأقمار الاصطناعية، على الرغم من التحديات التقنية الهائلة التي تفرضها السرعات المذهلة والتغيرات السريعة في الهندسة. ونقلت الصحيفة الصينية عن خبراء قولهم إن هذا الابتكار قد يُمثل تحولاً استراتيجياً من اختراقات تفوق سرعة الصوت معزولة إلى منظومة هجومية تعاونية متكاملة، وإنه بدون قدرات مماثلة، قد تُصبح الجيوش الغربية عمياء زمنياً، عاجزة عن الاستجابة لأسراب تفوق سرعة الصوت مُنسقة تعمل بدقة متناهية. وأضاف هؤلاء أنه بينما تستعد الصين للكشف عن أنظمتها الأكثر تقدماً في العرض العسكري المقبل، المقرر في الثالث من سبتمبر/ أيلول المقبل، فإن الآثار المترتبة على ديناميكيات الدفاع العالمية عميقة وملحة.

في تعليقه على هذه الخطوة، قال الباحث في الشؤون العسكرية في معهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية يوان تشو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاختراقات التكنولوجية مهّدت الطريق أمام التطبيق العملي لدمج شبكات الاتصالات مع العمليات العسكرية الدفاعية والهجومية بصورة مثلى. وأضاف أنه من المتوقع مستقبلاً تطبيق هذه التقنية في مجالات تتطلب مظلة أمنية معلوماتية عالية للغاية، مثل القيادة العسكرية، والاتصالات الحكومية، والمعاملات المالية، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يوفر حماية أكثر موثوقية لنقل المعلومات الحساسة، واتخاذ القرارات العسكرية الحاسمة في زمن قياسي. ولفت يوان إلى أنه مع دخول القرن الـ21، أصبح الاعتماد على الأساس التكنولوجي توجهاً شائعاً للتطوير العسكري بين القوى الكبرى في العالم، خصوصاً الصين والولايات المتحدة. وقال إن النظام العسكري الحديث، المُرتكز على نظام القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، يعد عاملاً أساسياً لتحسين مستوى المعلوماتية العسكرية في جميع الدول. وأضاف أن الصين تهدف إلى بناء منصة حديثة ومتكاملة للتحكم بالمعلومات والعمليات العسكرية، تجمع بين وظائف القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب، بالإضافة إلى وظائف الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.


جيانغ لي: من المرجح أن تتسارع وتيرة التطوير المتكامل للتحديث المعلوماتي والاستخباراتي في الجيش

تحديات التحديث الصيني 

من جهته، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التحديث الصيني يأتي استجابة للتحديات الراهنة، وأن معلوماتية الدفاع الوطني تعد أحد الأهداف الأساسية لتحديث جيش التحرير الشعبي الصيني، وفق رؤية الرئيس شي جين بينغ. ولفت إلى أن بكين تسعى جاهدة لتحقيق تحديث أساسي للدفاع الوطني والجيش، بحلول منتصف هذا القرن، وسيكون جيشها من بين الأفضل عالمياً. ورأى جيانغ أنه من المرجح أن تتسارع وتيرة التطوير المتكامل للتحديث المعلوماتي والاستخباراتي في الجيش خلال السنوات المقبلة، لتصبح أنظمة الاتصالات العسكرية المتقدمة والمتكيفة مع أساليب القتال المستقبلية محوراً استثمارياً رئيسياً لتعزيز قدرات الجيش في مجال أمن المعلومات وشبكات الاتصال العسكرية. وأشار إلى أن قطاع الاتصالات العسكرية في الصين يتميز بتجزئة صناعية عالية وبيئة شديدة التنافسية. وأضاف أنه نظراً للطبيعة التنظيمية الصارمة لقطاع الاتصالات العسكرية، فإن عوائق الدخول إليه عالية، وذلك بصفته فرعاً محدداً من فروع صناعة الدفاع، فضلاً عن أن قطاع الاتصالات العسكرية يواجه أيضاً قيوداً وتأثيراتٍ تتعلق بالأمن القومي، وهو ما يصعب عمليات الاختراق الخارجية.

وكانت صحيفة الشعب الصينية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، قد نشرت في وقت سابق من الشهر الحالي وثيقة تكشف سعي الصين إلى تطوير قدرات جيشها مع تحديد سقف زمني لذلك، موضحة أنه يتعين على الجيش الصيني أن يقيس نفسه بأقوى جيش في العالم، في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة، في مساعيه للتغلب على المنافسة العالمية. وتعد الوثيقة واحدة من أوضح التفسيرات لهدف الرئيس شي جين بينغ المتمثل في بناء جيش من الطراز العالمي بحلول منتصف القرن الحالي. وأشارت الوثيقة إلى أن الصين تهدف للهيمنة على المسرح المركزي للمنافسة العسكرية والبقاء في الطليعة، وذلك من خلال تحقيق أعلى المعايير العالمية، ليس فقط في مجالات الأسلحة والمعدات والبنية التنظيمية وأنظمة القتال، ولكن أيضاً في النظرية العسكرية وتنمية المواهب وصفات التدريب.