الصومال: أجندات متباينة في المؤتمر التشاوري حول الانتخابات

الصومال: أجندات متباينة في المؤتمر التشاوري حول الانتخابات

29 يونيو 2021
رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي (Getty)
+ الخط -

احتضنت العاصمة مقديشو، يوم الإثنين، مؤتمراً تشاورياً جديداً بين رئيس الحكومة الصومالية محمد حسين روبلي، ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمس، إلى جانب عمدة مقديشو، من أجل البحث عن المستجدات الأخيرة حول تنفيذ مخرجات الاتفاقية المبرمة بين الشركاء السياسيين حول ملف الانتخابات والأمن، فضلاً عن إمكانية النقاش عن قضايا جديدة تمس مسألة الانتخابات.

وشارك في المؤتمر الذي انطلق اليوم كل من رئيس الوزراء ورئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني، ورئيس إقليم جلمدغ أحمد قورقور، ورئيس إقليم جنوب غرب الصومال عبد العزيز محمد حسن، ورئيس جوبالاند أحمد مدوبي، وعمدة مقديشو عمر محمود فنش، فيما شارك رئيس إقليم هرشبيلى علي جودلاوي عبر تقنية الفيديو؛ حيث يجري الأخير زيارة عمل في تركيا.

وقد أعلن رئيس الوزراء محمد حسين روبلي منتصف شهر يونيو/حزيران الجاري، عن تشكيل أعضاء اللجان الانتخابية على مستوى البلاد والولايات الفيدرالية، إلى جانب لجنة الانتخابات لحل الخلافات، وستتولى هذه اللجان تنظيم عملية الانتخابات النيابية وإجراءها في موعدها المحدد.

أجندات مختلفة

وقال المتحدث باسم الحكومة الصومالية محمد إبراهيم معلمو، في تصريح لوسائل إعلام محلية، "إن الجولة الأولى من المؤتمر انتهت هذا المساء، وتم البحث عن عدة قضايا مهمة، وسيناقش لاحقاً القضايا المستجدة بشأن الانتخابات، وخاصة حول ما تم تنفيذه من الاتفاقية السابقة المبرمة بين الأطراف الصومالية في 27 من مايو/أيار الماضي". 

وأشار معلمو إلى أن النقاشات دارت حول العقبات التي تواجهها الولايات الفيدرالية حول تنظيم الانتخابات لمعالجتها قبل بدء مسار الانتخابات النيابية (مجلس الشيوخ)، وسيناقش غداً الثلاثاء سبل تسهيل إجراء تنظيم الانتخابات، مضيفاً أنه لا توجد أي مساع لتغيير ما نصت عليه الاتفاقية السابقة أو إجراء تعديلات فيها.

ووفق متابعين، فإن المؤتمر التشاوري الذي تستضيفه مقديشو سيناقش عدة أجندات مختلفة، للمضي نحو تنظيم انتخابات مجلس الشيوخ (54 مقعداً)، والذي يتم انتخاب أعضائه من قبل برلمانات الولايات الفيدرالية، إلى جانب تحديد جدول زمني لانطلاق عملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وذلك بعد تشكيل اللجان الانتخابية الفنية من قبل الحكومة الصومالية الأسبوع الماضي.

ويقول الصحافي الصومالي عبد القادرعثمان،  في حديث لـ"العربي الجديد "، إن المؤتمرين سيناقشون أيضاً إمكانية تقليص الدوائر الانتخابية التي كانت من قبل دائرتين انتخابيتين لكل ولاية فيدرالية (11 دائرة انتخابية) إلى مجمع انتخابي واحد لكل ولاية فيدرالية، وهذا ما سيقلل أيضاً نسبة الناخبين في تلك الانتخابات القادمة، نظراً لعدم توفر ميزانية من قبل الحكومة الصومالية لتوسيع عدد الدوائر الانتخابية في البلاد.

ويضيف عثمان قائلاً: بعد تشكيل اللجان الانتخابية من قبل الحكومة الصومالية وتشكيل اللجان الانتخابية الفيدرالية من قبل رؤساء الولايات، بقيت مهمة واحدة وهي الشروع في تنفيذ خارطة الانتخابات بين الأطراف الصومالية الفاعلة في البلاد، من خلال تحديد جدول زمني للانتخابات، وخاصة انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، حيث تعد عملية تنظيم انتخابهم سهلة مقارنة بانتخابات أعضاء مجلس الشعب الصومالي (275 عضواً)، والتي تمثل المعضلة الفنية الكبرى بالنسبة للجنة الانتخابات الفيدرالية، من خلال مكافحة الفساد والتزوير والغش أثناء عملية الانتخابات، التي سيشرف عليها مراقبون دوليون.

أزمة مالية

ويتوقع أن تتضمن نقاشات المؤتمر التشاوري القادم مسألة البحث عن دعم مالي لتنظيم الانتخابات، حيث تعهدت الدول الداعمة للصومال بتقديم مبلغ 36 مليون دولار أميركي، بينما تخصص الحكومة الصومالية مبلغ 4 مليون دولار لإدارة ملف الانتخابات، لكن تواجه الحكومة الصومالية نقصاً مالياً شديداً في بدء عملية تنظيم الانتخابات بسبب الاضطرابات الأمنية الأخيرة التي شهدتها مؤخراً إلى جانب تأثيرات جائحة كورونا الاقتصادية على مستوى البلاد.

ويقول الصحافي عدنان علي، في حديث مع "العربي الجديد"، "إن المجتمع الدولي تعهد بمنح 7 مليون دولار بعد تشكيل اللجان الانتخابية الفيدرالية، ويبدو أنه سيقدمها للحكومة الصومالية، لكن ما بقي من المبلغ المرصود للحكومة الصومالية سيدفع بالترتيب لاحقاً بعد بدء الترتيبات لتنفيذ الخطة الانتخابية في البلاد"، مشيراً إلى أن الحكومة الصومالية تواجه صعوبة في الحصول على ميزانية لتنظيم الانتخابات وخاصة من قبل الدول المانحة والدول الصديقة للصومال .

ويضيف الصحافي الصومالي عبدالقادر عثمان أن دولاً عربية مثل السعودية والإمارات وقطر يمكن أن تساهم في تقديم دعم مالي للحكومة الصومالية؛ حيث بحث رئيس الحكومة الصومالية مع سفراء دول عربية بمقديشو بشأن تقديم مساهمات مالية للحكومة لتسهيل إجراءات تنظيم الانتخابات النيابية والرئاسية في البلاد.

ستواجه المرأة تحديات كثيرة في تحقيق نسبة المقاعد المحددة لها، وخاصة من قبل رجال القبائل

كوتا المرأة

ومن المتوقع أن تأخذ حصة المرأة في مقاعد البرلمان (24 في المئة) حيزاً كبيراً في المداولات التي سيناقشها المؤتمر التشاوري بين الشركاء السياسيين في البلاد، حيث يدور الجدل في تخفيض أموال مشاركة المرأة في مقاعد البرلمان والتي تناهز 20 ألف دولار أميركي لعضوية مجلس الشيوخ و10 آلاف دولار أميركي لمجلس الشعب، وهو ما يكبل مساعي المرأة للانخراط في المعترك الانتخابي النيابي، هذا إلى جانب إمكانية تشجيعها على العمل السياسي وذلك من قبل الاتحاد الأوروبي ومكتب الأمم المتحدة، وممارسة ضغط على الأطراف الصومالية لدعم الصوماليات في الدخول إلى البرلمان القادم.

وبحسب متابعين، ستواجه المرأة تحديات كثيرة في تحقيق نسبة المقاعد المحددة لها، وخاصة من قبل رجال القبائل (يختارون أعضاء البرلمان بغرفتيه بعد تعيينهم الناخبين)، الذين لا يرون أهمية كبيرة لتمثيل المرأة السياسي في المجالس التشريعية، لكن تبذل النائبات في البرلمان السابق مساعي حثيثة من أجل تخصيص مقعد لكل ثلاثة مقاعد برلمانية، أي أن لكل عشيرة أن تحدد مقعداً للمرأة من بين ثلاثة مقاعد لكل قبيلة، وهو ما ترفضه العشائر جملة وتفصيلاً، ويفجر إشكاليات اجتماعية داخل القبائل الصومالية، الأمر الذي من شأنه أن يقلل مشاركة المرأة بنسبة تفوق 24 في المئة من مقاعد البرلمان القادم.

ومن المتوقع يوم الأربعاء القادم أن يتمخض عن الاجتماعات الجارية بين الشركاء السياسيين في البلاد في مقديشو عن تحديد جدول زمني لانطلاق الانتخابات النيابية وخاصة مقاعد مجلس الشيوخ، وتحديد نسبة مشاركة المرأة في البرلمان المقبل، هذا إلى جانب تحديد موعد زمني للانتخابات الرئاسية ومقاعد مجلس الشعب، التي من المتوقع أن تجرى بين سبتمبر/أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول القادم بحسب مراقبين.

دلالات