"الشعاع الحديدي"... مزايا منظومة الليزر الإسرائيلية الجديدة وعيوبها

حيفا
نايف زيداني
نايف زيداني
صحافي فلسطيني من الجليل، متابع للشأن الإسرائيلي وشؤون فلسطينيي 48. عمل في العديد من وسائل الإعلام العربية المكتوبة والمسموعة والمرئية، مراسل "العربي الجديد" في الداخل الفلسطيني.
18 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 20 سبتمبر 2025 - 16:05 (توقيت القدس)
"الشعاع الحديدي"... نظام إسرائيلي للدفاع الصاروخي يعمل بالليزر
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلنت إسرائيل عن نجاح منظومة "أور إيتان" الليزرية لاعتراض التهديدات الجوية، بقدرة تصل إلى 100 كيلوواط ومدى 10 كيلومترات، مما يجعلها فعالة من حيث التكلفة.
- تواجه المنظومة تحديات في الظروف الجوية السيئة، مما يستدعي الاعتماد على أنظمة دفاعية أخرى مثل القبة الحديدية، لكنها تمثل طفرة تكنولوجية عالمية.
- تهدف إسرائيل إلى سد الثغرات الدفاعية ضد تهديدات مثل حزب الله وإيران، مع التأكيد على أهمية الاحتماء بالملاجئ لعدم وجود حماية مطلقة.

بعد نحو عقد من بدء دولة الاحتلال الإسرائيلي لأول مرة، تطوير شعاع ليزر فائق القوة لاعتراض تهديدات جوية، أعلنت كل من وزارة الأمن وشركة "رفائيل"، أمس الأربعاء، نجاح التجارب على منظومة "أور إيتان" (الشعاع الحديدي)، التي من المتوقّع أن تدخل الخدمة العملياتية في سلاح الجو الإسرائيلي نهاية العام الحالي.

وقد لا يكون توقيت إعلان نجاح التجارب على المنظومة التي تتباهى بها إسرائيل، وستروّج لها بقوة حول العالم، كابتكار غير مسبوق في المنظومات الدفاعية، بمعزل عن الأضرار التي طاولت الأسواق والبورصة الإسرائيلية بسبب تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي اعترف بدخول إسرائيل بعزلة دولية، خصوصاً في مجال الصناعات الأمنية. 

وتتميز المنظومة بقدرتها على التعامل مع المسيّرات، والقذائف الصاروخية، وأهداف جوية أخرى، من خلال تركيز أشعة الضوء لمسافات بعيدة، تحافظ على قوة طاقة تمسح كل ما يعترض طريقها، بقوة تفوق 100 كيلوواط، وتصل إلى مدى يقارب عشرة كيلومترات، وذلك بكلفة منخفضة مقارنة بوسائل الاعتراض الأخرى.

تتميز المنظومة بقدرتها على التعامل مع المسيّرات، والقذائف الصاروخية وأهداف جوية أخرى

في المقابل، من عيوب المنظومة الجديدة عدم نجاعتها في بعض الظروف الجوية، المغبرّة أو الغائمة جداً والضباب وغير ذلك، ما يبقيها مرتبطة بمنظومة القبة الحديدة بمختلف طبقاتها، ويجعلها جزءاً منها. وتنظر الجهات الإسرائيلية المطوّرة للمنظومة، وهي وحدة البحث والتطوير في مديرية تطوير الأسلحة والبنية التكنولوجية التابعة لوزارة الأمن، وسلاح الجو الإسرائيلي، وشركة رافائيل، بالتعاون مع شركة إلبيت سيستمز، التي تصنّع مصدر الليزر للمنظومة، بأن منظومة الليزر تشكّل سابقة في المجال.

وقال داني غولد، رئيس إدارة تطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية في وزارة الأمن: "اليوم نعلن انتهاء تجربة مهمّة جداً لشعاع ليزر فائق القوة. نحن نحمي إسرائيل عبر طبقات متعددة. لدينا منظومة حيتس 3 لاعتراض الصواريخ الباليستية في الفضاء، وتحتها منظومة حيتس 2، ثم منظومة مقلاع داوود، وبالطبع القبة الحديدية". وأضاف: "والآن، سينضم شعاع الليزر فائق القوة إلى القبة الحديدية لحماية دولة إسرائيل بأفضل شكل ممكن، من خلال منظومة تُعد الأولى من نوعها في العالم".

طفرة تكنولوجية؟

وفي السياق نفسه، اعتبر يهودا ألميكس، رئيس البحث والتطوير في وزارة الأمن أن "المنظومة اجتازت جميع التجارب بنجاح كامل. أور إيتان تمثّل طفرة تكنولوجية عالمية هي الأولى من نوعها. نحن نصنع التاريخ من خلال إدخال أول منظومة ليزر عملياتية من نوعها في العالم. وبالتوازي، نواصل العمل على تطوير التقنيات المستقبلية من أجل الحفاظ على التفوق أمام أي تهديد وفي كل ساحة".

وانطلق تطوير منظومة الليزر الجديدة، قبل نحو عشر سنوات، تحت اسم "ماغين أور"، لكنها باتت تحمل اسم "أور إيتان"، تخليداً لذكرى النقيب في جيش الاحتلال إيتان أوستر، من وحدة "إيغوز"، الذي سقط في كمين في قرية العديسة في جنوب لبنان في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي (2024)، أدى إلى مقتل ثمانية جنود وجرح أكثر من 30، فيما والده من بين مطوري هذه المنظومة من طرف وزارة الأمن. أما الاسم الإنكليزي المعتمد لها، فهو Iron Beam (آيرون بيم)، وتعني الشعاع الحديدي.

قبل نحو ثلاثة أشهر، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بالنشر أن سلاح الجو نجح في إسقاط مُسيّرات تابعة لحزب الله في ذروة العدوان الإسرائيلي على لبنان، وذلك باستخدام نسخة مصغّرة من منظومة الليزر الجديدة، التي خضعت لاحقاً لتجارب إضافية، وفق المصادر الإسرائيلية، حصل خلالها اعتراض ناجح لصواريخ، وقذائف هاون، وُمسيّرات.

 في هذا السياق، قال داني غولد، رئيس إدارة تطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية في وزارة الأمن: "لقد استخدمنا الليزر في نسخ سابقة، خلال القتال في العامين الماضيين، وتمكّنا من إسقاط أكثر من 40 مُسيّرة تابعة للعدو. أما الآن، فقد أجرينا تجارب على شعاع ليزر فائق القوة، قوة كبيرة جداً جداً، في ميدان تجارب، حيث يعمل بتكامل مع منظومة القبة الحديدية، في سيناريوهات معقدة للغاية، ضد عدد هائل من الأهداف".

من جهته، قال يوفال شتاينيتس، رئيس شركة رفائيل إن "التجربة المعقّدة التي نختتمها اليوم تُثبت أن المهندسين والعلماء اللامعين الذين قدموا للعالم منظومة القبة الحديدية، يفعلون ذلك مرة أخرى، ويقدمون للعالم منظومة القبة الليزرية التي ستُغيّر وجه المعركة".

وأضاف يوآف تورجمان، المدير العام لرفائيل: "الجرأة والإبداع من نخبة العلماء والعالمات، إلى جانب شركة رافائيل، وبالاستثمار الهائل في البحث والتطوير، أدّت إلى اختراقات تكنولوجية وإنجاز عملياتي على مستوى عالمي. إنها منظومة ستُغيّر معادلة الدفاع، وستتيح اعتراضاً دقيقاً وسريعاً وبتكلفة أقل من أي وسيلة اعتراض أخرى موجودة".

عيوب منظومة "الشعاع الحديدي"

نجحت إسرائيل في الترويج للعديد من ابتكاراتها الأمنية، وترتبط بصفقات واتفاقيات أمنية وعسكرية ضخمة مع العديد من دول العالم. لكن إلى جانب نجاحاتها، هناك أيضاً إخفاقات ونقاط ضعف في صناعاتها العسكرية، الأمر الذي ينطبق أيضاً على منظومة الليزر الحديثة، دون التقليل من شأنها، ولا أهميتها لدولة احتلال تقوم على عقيدة القتال والإبادة والإجرام مثلما تفعل في قطاع غزة، ما يدفعها إلى استثمارات كبيرة في مجال الأبحاث والصناعات العسكرية والأمنية، فضلاً عن الدعم الكبير الذي تتلقاه من الولايات المتحدة.

وحول عيوب أنظمة الليزر، يتحدث عوديد بن دافيد، نائب المدير العام في مجال الاستخبارات في شركة ألبيرت سيستيمز، التي ساهمت في تطوير المنظومة الجديد، مشيراً إلى أن "أحد العيوب في أنظمة الليزر فائقة القوة، اعتمادها على الظروف الجوية، مثل الغيوم والضباب. ومن الطرق للتغلب على هذا القيد نقل هذه الأنظمة إلى الجو، بحيث تُعترَض الأهداف من خلال منصات جوية. بهذه الطريقة نتغلب على هذا العيب، ونحصل على مرونة عملياتية عالية جداً".

وبسبب القيود التشغيلية في ظروف الغيوم أو الضباب الكثيف أو غيرها، ستعمل منظومة "الشعاع الحديدي" إلى جانب منظومات القبة الحديدية، مثل مقلاع داوود، ومنظومة حيتس، مع انضمامها قريباً إلى منظومة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات وليس في معزل عنها.

وتحاول إسرائيل من خلال تطوير المزيد من المنظومات الدفاعية، سد الثغرات التي تتركها المنظومات القائمة بقدر المستطاع. وكشفت مسيّرات حزب الله اللبناني في بدايات العدوان الإسرائيلي على لبنان، ولاحقاً الصواريخ الإيرانية خلال عدوان إسرائيل على إيران، ثغرات كثيرة أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين، فضلاً عن الدمار الواسع.

تحاول إسرائيل من خلال تطوير المزيد من المنظومات الدفاعية سد الثغرات التي تتركها المنظومات القائمة بقدر المستطاع

ورغم تفاخر إسرائيل بمنظوماتها الدفاعية ونسبة الاعتراض المرتفعة، دائماً ما يردد المسؤولون الإسرائيليون في زمن الحرب على وجه الخصوص، أنه لا حماية مطلقة، مهما تطورت الأنظمة، وعليه لا بد من الاحتماء بالملاجئ.

في تعريف "أور إيتان"، الذي ورد في بيان صادر عن وزارة الأمن الإسرائيلية، ذُكر بأنها "منظومة ليزر فائقة القوة للدفاع ضدّ التهديدات الجوية (مثل الصواريخ، قذائف الهاون، الطائرات المسيّرة وغيرها). زُوِّدَت بجهاز توجيه يتيح مدى عملياتياً محسّناً، ودقة عالية، وكفاءة كبيرة، مع الحفاظ على ميزتها الفريدة: تحييد التهديدات بسرعة باستخدام الليزر وبتكلفة هامشية شبه معدومة".

وجاء أيضاً أن "المنظومة تُعد اختراقاً هندسياً وتكنولوجياً على المستوى العالمي، ومن المتوقع أن تندمج في منظومة الدفاع الجوي متعددة الطبقات التابعة لدولة إسرائيل، لتكون قدرة مكمّلة للأنظمة الدفاعية، القبة الحديدية، ومقلاع داوود، وحيتس. وتعتمد المنظومة على استخدام فريد من نوعه عالمياً لتقنية البصريات التكيفية، التي طُورت في شركة رفائيل، وتتيح شعاعاً مستقراً، ومركزاً ودقيقاً".

وأشارت الوزارة إلى استخدامها سابقاً نماذج عملياتية لمنظومات الليزر قصيرة المدى، في الحرب الحالية، "والآن بعد إثبات القدرة العملياتية لمنظومة أور إيتان، يُتوقع حدوث قفزة نوعية في القدرات العملياتية لمنظومة الدفاع الجوي، من خلال استخدام منظومات أسلحة ليزر بعيدة المدى".

ذات صلة

الصورة
مواكبة أممية لقطاف الزيتون في جنوب لبنان (العربي الجديد)

مجتمع

واصل أهالي القرى الحدودية الجنوبية اللبنانية حصاد ما تبقى من أشجار الزيتون على وقع الغارات والمسيّرات، رافضين الانصياع لشروط الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
من تظاهرة تضامنية في أوكلاند مع غزة وضد الاحتلال 14 نوفمبر 2025 (العربي الجديد)

سياسة

ركز الحراك الأسبوعي الذي تنظمه شبكة التضامن مع فلسطين في مدينة أوكلاند في نيوزيلندا، اليوم السبت، على المطالبة بمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل.
الصورة
خيم النازحين الغارقة في مدينة غزة، 14 نوفمبر 2025 (العربي الجديد)

مجتمع

تتفاقم معاناة مئات آلاف النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، مع وصول منخفض جوي مصحوب بأمطار وكتلة هوائية باردة منذ فجر الجمعة.
الصورة
غزة (فرانس برس)

منوعات

يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً إعلامياً شاملاً على قطاع غزة يشمل منع دخول الصحافيين الأجانب والمعدات التقنية وأجهزة البث والتصوير.
المساهمون