استمع إلى الملخص
- أكد الأهالي توقف تهريب المخدرات بعد هروب قوات النظام السوري وحزب الله، وطالبوا السلطات الأردنية بإرسال لجان للكشف عن المخدرات ومعاقبة المهربين.
- أشار السكان إلى تراجع تهريب المخدرات بعد سقوط النظام السوري وهروب المليشيات الإيرانية، وتدمير معامل المخدرات من قبل الإدارة السورية الجديدة.
نفذ طيران حربي يُعتقد أنه تابع لسلاح الجو الأردني هجمات على بلدة الشعاب، شرقي محافظة السويداء، جنوبي سورية، ليل الاثنين ـ الثلاثاء الماضي، بعد أيام من تصريحات رسمية أردنية جاء فيها أن المحافظة تحولت إلى ممر من أجل تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأسفرت الهجمات عن إصابة طفل، ونفوق عشرات رؤوس الأغنام المملوكة لسكان القرية، وهو ما تسبب بموجة من الاستياء لدى أهالي السويداء عموماً وسكان بلدة الشعاب بشكل خاص. وجاءت الهجمات بعد يومين على إعلان الجيش الأردني إصابة ضابط في صفوفه إثر اشتباك قوات حرس الحدود مع مجموعات مسلحة من المهربين حاولت تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية باجتياز الحدود الشمالية للأردن، من جهة سورية. والهجمات الأردنية هي الأولى منذ سقوط نظام الأسد، فقد شنّ الطيران الأردني قبل نحو عام عدة هجمات على جنوب سورية للحد من تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية وأدت إحداها إلى مقتل عشرة أشخاص مدنيين بينهم أطفال ونساء، في ريف السويداء الجنوبي الشرقي.
حمد الرمثان: لماذا لم تسع القوات الأردنية لمعاقبة متسلّمي المخدرات في الأردن؟
تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية
في جولة لـ"العربي الجديد" في المنطقة المستهدفة، أكد الأهالي أن أعمال تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية "توقفت منذ هروب قوات النظام المخلوع وحزب الله من الكتيبة العسكرية والتلال المجاورة للبلدة"، بعد الثامن من ديسمبر الماضي، وقال حمد الرمثان مختار بلدة الشعاب لـ"العربي الجديد": نحن في هذه البلدة نعيش بخوف دائم من الاعتداءات الجوية على بلدتنا. كنّا في السابق وما زلنا نُعاقب على أفعال قوات النظام السوري السابق والمليشيات التابعة له. وبيّن أن الحدود الأردنية السورية تمتد على مسافة تزيد عن 300 كيلومتر شرقي السويداء وصولاً إلى بادية الحماد ومنطقة التنف، التي تسيطر عليها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وتابع: هذه الأراضي يأتي إليها المهربون من مناطق ريف دمشق وحمص ودير الزور، ولا يمكن ضبطها. وأبدى استغرابه من تحميل السلطات الأردنية كل أعمال تهريب المخدرات لقرية "لا يزيد عدد سكانها عن أربعة آلاف نسمة، وتعاقبها على ذلك بالقصف والتدمير".
وتساءل الرمثان عن الجماعات التي تتسلم المخدرات في الأردن، مضيفاً: لماذا لم تسع القوات الأردنية لضبطها أو معاقبة هذه الجماعات فهي داخل حدودها وهي الشريك في الاتجار. وشدد الرمثان على أن أعمال تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية "توقفت في محيط القرية منذ رحيل قوات النظام المخلوع"، مطالباً بـ"إرسال لجان متخصصة، للكشف عن أماكن وجود المخدرات في القرية وطرق التهريب، ومعاقبة المهربين إن وجدوا فيها". وكذلك طالب الحكومة السورية الجديدة بتفعيل مركز عسكري في المنطقة، مؤكداً أن أهالي البلدة سيكونون العون للمركز في مكافحة أعمال التهريب.
صاحبة أحد المنازل المتضررة بالقصف قالت لـ"العربي الجديد" إنّ المهربين "كانوا معروفين بالموقع والاسم لدى القوات الأردنية وكانت تراقبهم وترى سياراتهم وهي تأتي من دمشق، وتدخل إلى الكتيبة العسكرية التي كانت متموضعة بالقرب من مدخل البلدة، وفي التلال التي كان يحتلها حزب الله". وأكدت أن عناصر حزب الله هربوا من المنطقة في السادس من ديسمبر الماضي، مشيرة إلى أن الجانب الأردني لم يقصفهم طيلة السنوات السابقة. وأبدت المرأة استهجانها هذا الصمت عما وصفته بـ"الجريمة" التي وقعت ببلدتها وممتلكات أهلها، قائلة: "نحن لا نملك سبلاً للعيش سوى هذه الأغنام والطيور التي نفقت بالضربات الجوية، وليس من مهامنا ضبط الحدود التي عجز عن حمايتها جيش بالكامل".
عمر السعيد: لم يعد هناك مصادر للمخدرات منذ سقوط نظام الأسد
وتمتد الحدود الأردنية مع محافظة السويداء من قرية ذيبين المجاورة لريف درعا في الجنوب الغربي لمحافظة السويداء، مروراً بقرى وبلدات المغيّر والغارية وأم الرمان وخربة عواد، وصولاً إلى قرية الشعاب بمسافة تتجاوز 35 كيلومتراً. وقد شهدت هذه القرى والبلدات عدة محاولات من أجل تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية في السنوات الماضية. وأكد أهالي هذه القرى والبلدات أن أعمال التهريب تنطلق من البادية المجاورة لريف السويداء الممتدة لمسافة تبلغ نحو 250 كيلومتراً شرقاً في أراض تتبع لريف دمشق وريف حمص، وكانت تسيطر عليها قوات حرس الحدود السوري وحزب الله والمليشيات الإيرانية وتتولى أعمال التهريب فيها.
تغييرات بعد سقوط الأسد
في السياق، اعتبر عمر السعيد وهو من أهالي المنطقة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن إنكار أعمال التهريب عبر الحدود التي كانت في زمن النظام السوري البائد، ومعظمنا يعلم انخراط العديد من شبّان المنطقة بهذه الأعمال"، مضيفاً: ولكن لم يعد هناك مصادر للمخدرات منذ سقوط نظام الأسد وهروب المليشيات الايرانية والضبط الحالي للحدود اللبنانية ـ السورية، ومن ثم لم يعد الجنوب السوري مجال عبور لعمليات تهريب. وأشار إلى أن الإدارة السورية الجديدة دمرت معامل تصنيع الكبتاغون في دمشق وغيرها "وهذا بطبيعة الحال أدى لتراجع أعمال التهريب، غير أن هناك بعض المهربين الذين لا يزالون يحتفظون بكميات في مخازنهم". وأضاف السعيد: هؤلاء المهربون ونتيجة للظرف الأمني غير الملائم بعد رحيل النقاط العسكرية والأمنية وحرس الحدود السوري والتي كانت تقدم لهم المعلومات والرصد المناسب للتهريب، وأيضاً نتيجة للأحوال الجوية غير المناسبة للتهريب، يلجأون لنقل ما في جعبتهم من مخدرات إلى أقصى الحدود الشرقية مع الأردن، انطلاقاً من سد الزلف في البادية، أي بعيداً عن هذه البلدات التي يتم ضربها بين حين وآخر.