الشرع يستقبل بيربوك للمرة الثانية: برلين تعيد افتتاح سفارتها في دمشق

20 مارس 2025
مبنى السفارة الألمانية التي أعيد افتتاحها في دمشق 20 مارس 2025 (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعادت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك افتتاح السفارة الألمانية في دمشق بعد 13 عامًا، مؤكدة على أهمية المصالحة والعدالة الانتقالية في سوريا، وضرورة أن يقرر السوريون مستقبلهم بأنفسهم.
- أعلنت ألمانيا عن تخصيص 300 مليون يورو لدعم الاستقرار الاقتصادي في سوريا، مع التركيز على التنمية وفرص العمل، والمشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش"، وإعادة تأهيل البنية التحتية للطاقة.
- شددت بيربوك على ضرورة اتخاذ الحكومة السورية خطوات للحد من نفوذ الجماعات المتطرفة، وبناء الثقة مع أوروبا، مشيرة إلى أن العلاقات السياسية الجديدة مشروطة بضمانات الحرية والأمن وتكافؤ الفرص.

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، اليوم الخميس، وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، ونائب رئيس البرلمان الأوروبي آرمين لاشيت. ووصلت بيربوك إلى دمشق صباح اليوم الخميس، حيث أعادت افتتاح السفارة الألمانية رسمياً بعد إغلاق استمر لنحو 13 عاماً. وأعرب المبعوث الألماني إلى سورية، ستيفان شنيك، في منشور على منصة إكس عن تطلعه إلى العمل "من كثب مع جميع السوريين من أجل بناء مستقبل أفضل للبلاد".

وقال مصدر في وزارة الخارجية الألمانية إن فريقاً صغيراً من الدبلوماسيين سيتولى إدارة السفارة في دمشق، بينما ستبقى خدمات التأشيرات والمعاملات القنصلية ضمن مسؤوليات السفارة الألمانية في بيروت، بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني في العاصمة السورية، بحسب فرانس برس. وكانت ألمانيا قد تعهدت في مؤتمر المانحين الذي نظمه الاتحاد الأوروبي في بروكسل لدعم الشعب السوري، الاثنين الماضي، تقديم مساعدات جديدة لسورية بقيمة 300 مليون يورو.

ووصلت بيربوك إلى دمشق صباح الخميس في زيارة هي الثانية لها منذ سقوط النظام السابق، وقامت بجولة في حي جوبر بدمشق اطلعت فيها على حجم الدمار الكبير الذي خلّفه قصف النظام السابق. وأكدت بيربوك، في تصريحات صحافية نقلتها جريدة الوطن السورية، أن "المصالحة في سورية مطلوبة الآن بكل قوة لتحويل آمال الشعب السوري وتوقعاته إلى واقع ملموس"، وقالت: "ندعو الجميع إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم تقويض المصالحة الداخلية السورية".

وأضافت بيربوك أن "التدخل الأجنبي في سورية لم يجلب في الماضي سوى الفوضى"، مشددة على أن "مستقبل سورية يجب أن يقرره السوريون بأنفسهم وبقرارهم السيادي"، وأشارت إلى أن "مهمة الحكومة الانتقالية السورية تحت قيادة أحمد الشرع ستكون شاقة"، مؤكدة أن "من الضروري أن تكون هناك عدالة انتقالية فعالة في سورية ومحاسبة مرتكبي الجرائم في عهد نظام الأسد"، وأكدت أن "الاتفاق التاريخي مع الأكراد يظهر أن سورية الموحدة يمكن أن تصبح حقيقة". 

وكانت بيربوك قد أكدت، أمس الأربعاء، خلال زيارتها للبنان التزام بلادها "مواصلة تقديم الدعم الإنساني للشعب السوري"، مع الإشارة إلى إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة على دمشق، شرط توفر معايير محددة تتعلق بالحريات والحقوق، وأوضحت أن إقامة علاقات سياسية جديدة بين سورية وأوروبا "أمر ممكن، لكن ذلك مشروط بتقديم ضمانات واضحة بشأن الحرية والأمن وتكافؤ الفرص لجميع السوريين دون تمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق".

وزيارة بيربوك لدمشق هي الثانية لها منذ إسقاط نظام الأسد في سورية، حيث قامت برفقة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بزيارة دمشق في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، والتقت خلالها الشرع بقصر الشعب، وأكدت وقتها مع نظيرها الفرنسي أهمية التزام الحكومة السورية الجديدة مبادئ الاعتدال واحترام حقوق الأقليات، مع الإشارة إلى استعداد الدول الأوروبية للتعاون مع دمشق في حال التزامها هذه المبادئ.

بيربوك: تحقيق الاستقرار في سورية ضرورة قبل عودة اللاجئين

وفي مؤتمر صحافي عقدته عقب لقاءاتها مع المسؤولين السوريين في دمشق، شددت بيربوك على أهمية "مشاركة جميع الأطياف السورية في بناء دولة القانون". وأكدت ضرورة "تحقيق الأمن والاستقرار في سورية قبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وألمانيا إليها". وأعلنت الوزيرة أن ألمانيا خصصت 300 مليون يورو لدعم جهود تحقيق الاستقرار الاقتصادي في سورية، مشددة على أن هذا الدعم يهدف إلى "تعزيز التنمية وتوفير فرص العمل للسوريين". كذلك أكدت أهمية مشاركة سورية في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، معتبرة أن التعاون الدولي في هذا المجال ضروري لتحقيق الاستقرار في المنطقة ومنع عودة التنظيم الإرهابي. وأشارت الوزيرة إلى أن "قطاع الطاقة في سورية يعاني من أضرار جسيمة نتيجة الحرب"، مؤكدة أن ألمانيا مستعدة للمساهمة في إعادة تأهيل البنية التحتية للطاقة، بما يضمن توفير الكهرباء وتحسين الظروف المعيشية للسكان.

من جانب آخر، شددت بيربوك على ضرورة أن تتخذ الحكومة السورية "خطوات جدية للحد من نفوذ الجماعات المتطرفة داخل البلاد"، معتبرة أن "الاستقرار لا يمكن تحقيقه دون ضبط هذه العناصر وإخضاعها للمساءلة". وأضافت أن "سورية تمر بمرحلة حرجة لا يمكن التنبؤ بما سيحدث فيها خلال الأسابيع والأشهر المقبلة"، موضحة أن التطورات السياسية والأمنية ستكون حاسمة في تحديد مستقبل البلاد. وقالت: "زرت سورية مرتين لأن مستقبل الدولة على المحك، ولا يستطيع أحد التنبؤ بما سيحدث. حرصت على الزيارة، وفي جميع المؤتمرات المعنية بسورية نؤكد أن العملية السياسية هي الأساس. نحن بحاجة إلى إعادة الإعمار، وتخفيف العقوبات، والتعاون في المجالات التنموية والاستثمارية، إضافة إلى الدعم والإغاثة".

وأضافت: "لكن هذه الأمور لا تُقدم دون التزام، بل نريد رؤية تحقيقات حول ما حدث في الماضي ومدى هشاشة الوضع الحالي، بالإضافة إلى التواصل مع مختلف المكونات السورية، لأننا نعلم أن هناك متطرفين من الدولة، وبعض بقايا فلول الأسد، وإيران، وروسيا. كذلك فإننا نتحقق من صحة بعض مقاطع الفيديو التي نراها ومدى تطابقها مع الواقع".

وأكدت بيربوك أهمية "بناء الثقة المتبادلة بين السوريين وأوروبا"، مشددة على ضرورة تمكين الصحافيين من العمل بحرية. وأردفت: "من المفترض إنشاء لجنة مستقلة تعمل في إطار دولة القانون، وهناك العديد من الأطراف الفاعلة التي يجب أن تستمع إلى وجهات النظر المختلفة. خلال السنوات العشر الماضية، وقعت العديد من الفظائع التي يجب التحقيق فيها. من المهم جداً، متى ما سمح الوضع الأمني، أن نعيد افتتاح سفارتنا، حتى لو كان ذلك بكادر صغير، بسبب عدم استقرار الوضع الأمني بشكل كامل". وأضافت: "نحاول دعم كادرنا في سورية من خلال الموظفين في بيروت، وندرس إمكانية تعيين سفير أو سفيرة لألمانيا في سورية، وهذا أمر مهم لمواكبة التطورات الأمنية على الأرض. فالوجود الدبلوماسي لا يجب أن يكون فقط للعلاقات الثنائية، بل أيضاً لدعم العملية السياسية المزمع تنفيذها".

وفي حديثها عن سورية والسوريين، قالت الوزيرة: "هذه الدولة جميلة وشعبها باهر. يود الشعب العيش معاً، ولهذا السبب أدركت، بفضل زيارتي لسورية، أن الأفراد داخلها وفي دول الجوار التي استقبلت اللاجئين، لديهم جميعاً الرغبة في العودة والتقاء عائلاتهم في دمشق، وحمص، وحلب. زرت مناطق جديدة في زيارتي الثانية، لكن لا يمكننا الاكتفاء بالكلام عندما يتعلق الأمر بمستقبل الدولة". وأشارت إلى ضرورة تريث اللاجئين في العودة، قائلة: "لا ينبغي دفع السوريين إلى العودة الفورية قبل تحقيق الاستقرار. هناك ملايين اللاجئين خارج سورية يحتاجون إلى أفق واضح للعودة وتأسيس حياة كريمة. دول الجوار، بما فيها لبنان، عانت أيضاً من تبعات الحرب. لقد تمكنا من العمل مع الجهات الدولية المختصة لتسهيل عودة السوريين، وكذلك تنظيم عودة من يرغب في العودة من أوروبا إلى سورية. ومع ذلك، هناك مجرمون أيضاً يسعون للعودة دون محاسبة، وهذا قد يهدد الأمن والاستقرار في سورية".

ولفتت الوزيرة الألمانية إلى أن بلادها "لا تزال بحاجة إلى السوريين العاملين في العديد من القطاعات، بما فيها الطبية والتجارية وغيرها"، مؤكدة أن بلادها "تعمل على تسهيل عودة من يرغب في ذلك، بالتنسيق مع الحكومة السورية ودول الجوار". وشددت على ضرورة احترام وحدة وسيادة سورية وفق القوانين الدولية، قائلة: "إيران تنتهك السيادة السورية باستمرار، ولها تأثيرات متعددة، إضافة إلى تورطها في الأحداث العنيفة الأخيرة. وهذا ما نريد توضيحه للدول الأخرى، فسورية لا يجب أن تشكل تهديداً لدول الجوار، ويجب احترام سيادة الدول الأخرى". وأضافت: "الشعب السوري يجب أن يحدد مستقبله، وندعم الشمولية ودمج كل المكونات في العملية السياسية، ومن المهم احترام جميع المجموعات الإثنية". وأشارت إلى دعمها الحوار بين القيادة السورية والمكون الكردي، مشيرة إلى أن هذا الحوار أدى إلى اتفاق، معتبرة أن القرار سوري بحت، وله أهمية كبيرة من ناحية تحقيق الأمن.

وأكدت أن سورية غير مستعدة لاستقبال جميع اللاجئين السوريين بسبب ضعف البنية التحتية، مضيفة: "المجتمع الدولي، ونحن ضمنه، يتحمل مسؤولية تنظيم عودة السوريين والسوريات، خصوصاً في المناطق غير المستقرة. نود العمل مع الأمم المتحدة وأوروبا لضمان أن تترافق عملية إعادة الإعمار مع تحقيق الأمن". وقالت: "اللغة الألمانية ليست سهلة، لكن من الرائع أن يكون هناك مدارس وجامعات ألمانية في دول أخرى، وهذا ما يمكن مناقشته مستقبلًا في سورية. نحن ملتزمون دعم قطاع التعليم، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية".

المساهمون