الشرع عن لقائه ولي العهد السعودي: لمسنا رغبة حقيقية في دعم سورية

02 فبراير 2025
الشرع يلتقي ولي العهد السعودي (واس/إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التقى الرئيس السوري أحمد الشرع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض، حيث تم التأكيد على دعم السعودية لسوريا في بناء مستقبلها وتعزيز وحدة أراضيها، مع التركيز على مجالات الطاقة، التعليم، والصحة لتحقيق شراكة تسهم في الاستقرار الإقليمي.
- الزيارة تحمل أبعاداً شخصية وسياسية واقتصادية، حيث تسعى السعودية لدعم الإدارة السورية الجديدة في رفع العقوبات وتعزيز القدرات الاقتصادية، بينما ترغب دمشق في تعزيز الحضور العربي والاستقرار بمساعدة السعودية.
- تأتي الزيارة في سياق تطوير العلاقات الثنائية بعد إسقاط نظام بشار الأسد، مع زيارات متبادلة تعكس رغبة مشتركة في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، مما يبرز أهمية الدور السعودي في دعم الاستقرار السوري.

أكد الرئيس السوري أحمد الشرع التزام المملكة العربية السعودية دعم بلاده، وذلك إثر لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد خلال زيارته للمملكة في أول رحلة يقوم بها إلى الخارج منذ توليه الحكم. وقال الشرع في بيان على تليغرام "أجرينا اليوم اجتماعاً مطولاً، لمسنا وسمعنا من خلاله رغبة حقيقية لدعم سورية في بناء مستقبلها، وحرصاً على دعم إرادة الشعب السوري ووحدة أراضيه وسلامتها".

وتابع: "تناولنا اليوم خلال الاجتماع نقاشات ومحادثات موسعة في كل المجالات، وعملنا على رفع مستوى التواصل والتعاون في الصعد كافة، لا سيما الإنسانية والاقتصادية". وزاد: "ناقشنا خططاً مستقبلية موسعة في مجالات الطاقة والتقانة، والتعليم والصحة، لنصل معاً إلى شراكة حقيقية تهدف إلى حفظ السلام والاستقرار في المنطقة كلها، وتحسين الواقع الاقتصادي للشعب السوري".

وأردف: "هذا بجانب استمرار التعاون السياسي والدبلوماسي تعزيزاً لدور سورية إزاء المواقف والقضايا العربية والعالمية، خصوصاً بعد النقاشات التي أُجريت في العاصمة السعودية الرياض، خلال الشهر الفائت".

والتقى الشرع ولي العهد السعودي اليوم، بحسب ما ذكرت قناة "الإخبارية" السعودية، في أول زيارة خارجية له منذ إطاحة الرئيس بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول وتسميته رئيساً. وأوردت القناة الحكومية أنّ "ولي العهد يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع" في الرياض. وأظهرت مقاطع مصوّرة بثتها "الإخبارية" ولي العهد السعودي وهو يستقبل الشرع في أحد القصور الملكية في الرياض.

وأوضحت اللقطات الشرع وهو يصافح كبار المسؤولين السعوديين، وولي العهد السعودي وهو يصافح الوفد المرافق للرئيس الانتقالي السوري. وعقد الزعيمان جلسة مباحثات موسعة على ما أظهرت اللقطات المصورة. وكانت قناة "الإخبارية" قد ذكرت في وقت سابق أنّ المباحثات ستتناول "القضايا السياسية والاقتصادية وتمهّد لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين".

ووصل الشرع اليوم برفقة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى العاصمة السعودية الرياض، وذلك في أول زيارة رسمية له إلى الخارج منذ توليه منصب رئاسة سورية في المرحلة الانتقالية الأربعاء الماضي، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السورية "سانا". وعرفت العلاقة بين البلدين حراكاً دبلوماسياً لتطوير العلاقات الثنائية عقب إطاحة نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.

وبثّت وسائل إعلام سعودية مشاهد لوصول أحمد الشرع إلى الرياض، إذ استُقبل رسمياً في المطار. وقال الشرع، المولود في الرياض عام 1982 حين كان والده يعمل هناك، خلال مقابلة تلفزيونية في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي إن للسعودية دوراً كبيراً في مستقبل سورية، كما أثنى على التوجهات الاقتصادية للمملكة، معتبراً أنها تعد مثالاً يحتذى لسورية. ويرى مراقبون أن اختيار السعودية أول بلد يزوره الشرع يحمل معاني عدة سياسية واقتصادية.

وقال الباحث السياسي السوري بسام السليمان لـ"العربي الجديد" إن "الزيارة تحمل ثلاثة أبعاد؛ أولها البعد الشخصي، نظراً لأن الشرع ولد في السعودية، ما يعني أن لديه ارتباطاً عاطفياً بالسعودية." والبعد الثاني وفق السليمان، "ما تمثله السعودية بوصفها دولةً من ثقل سياسي واقتصادي وإداري، إذ يمكن أن تشكّل رافعة للإدارة الجديدة، وتساعد في رفعها عن قوائم الإرهاب، إضافة إلى ما تمثله السعودية على صعيد الاقتصاد، حيث تحتاج سورية للدعم المالي بشدّة، وهذا ما يمكن أن تسهم فيه السعودية التي لديها خبرات في المجالات الأكاديمية والإدارية، إذ ستكون مفيدة لتعزيز قدرات الدولة السورية من الناحية الإدارية". وأضاف السليمان أن "البعد الثالث للزيارة هو القومي السياسي، إذ تمثل الزيارة رسالة للجميع بأن سورية عمقها عربي، ومَن يعرف الشرع يعرف أن هواه عربي وهو قارئ جيد للتاريخ العربي".

من جانبه، قال المحلل السياسي محمد جزار لـ"العربي الجديد" إن "اختيار السعودية أول محطة في زيارات الشرع الخارجية، خيار موفق يعكس حرص الإدارة في دمشق على تأكيد الحضور العربي في سورية الجديدة، فضلاً عن الدور الهام الذي يمكن أن تقوم به السعودية في تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي لسورية". ولفت إلى أن "إقامة علاقات مميزة بين الرياض ودمشق، يمكن أن يسهم في حماية الحكم الجديد في دمشق من التقلبات في المنطقة، سواء من جانب إسرائيل التي لا تكف عن التحرش بالأراضي السورية أو حتى من بعض الأطراف العربية غير المرتاحة كما يبدو للتطورات في سورية". ووفق جزار فإن "السعودية يمكن أن تسهم بعلاقاتها الدولية في تقديم الحكم الجديد إلى الساحة الدولية، ورفع العقوبات الأميركية والأوربية المفروضة على البلاد".

وأعلنت الإدارة السورية الجديدة تسمية أحمد الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية في مؤتمر عقدته الفصائل السورية في دمشق الأربعاء الماضي، وبعث الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ببرقيتي تهنئة للشرع، الخميس الماضي، وتمنّيا له فيهما التوفيق. وكانت السعودية هي الوجهة لأول زيارة خارجية قام بها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، كما استضافت الرياض اجتماعاً لوزراء خارجية عرب وأوروبيين شارك فيه الشيباني للتباحث بشأن سورية بعد إسقاط نظام الأسد في 12 يناير/كانون الثاني الماضي. وقام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بزيارة دمشق على رأس وفد سعودي في 24 يناير الماضي واجتمع مع الشرع والشيباني.

وكان أحمد الشرع قد قال في تصريحات لوسائل إعلام تركية، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، إن زيارته الخارجية الأولى ستكون إما إلى السعودية أو إلى تركيا، ورأى مراقبون وقتها في كلام الشرع ما يشير إلى طبيعة رهانات السياسة الخارجية للسلطة الجديدة في دمشق، التي تسعى كما يبدو إلى إقامة علاقات متوازنة بين الأطراف الفاعلة الرئيسية في الشأن السوري، وفي مقدمتها السعودية وتركيا، فضلاً عن قطر التي تعد داعماً رئيسياً للإدارة بطبيعة الحال.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد زار دمشق يوم الخميس الماضي في أول زيارة لزعيم عربي إلى دمشق بعد إسقاط النظام السوري السابق، وهنأ الشيخ تميم بن حمد الشرع بمناسبة توليه رئاسة سورية، مجدداً، خلال لقائهما، "موقف دولة قطر الداعم لوحدة سورية وسيادتها واستقلالها، ومشيداً في هذا الصدد بالجهود التي تبذلها الإدارة السورية الجديدة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدرات الدولة وتأمين الاحتياجات الضرورية للشعب السوري"، بحسب ما أورد الديوان الأميري.