الشرع يتعهّد محاكمة "من تلطخت يداه بالدماء" في سورية ويدين سياسات إسرائيل بالمنطقة
استمع إلى الملخص
- شدد الشرع على محاسبة المسؤولين عن الجرائم السابقة وتشكيل لجان لتقصي الحقائق بالتعاون مع الأمم المتحدة، مع الاستعداد لإجراء انتخابات وإعادة هيكلة المؤسسات لضمان حصر السلاح بيد الدولة.
- أجرى الشرع لقاءات دبلوماسية مع قادة دوليين، وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن تعديل في لوائح العقوبات، بينما أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي استمرار المفاوضات مع سورية.
قال الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الأربعاء، من على منبر الأمم المتحدة، إن سورية "استعادت علاقاتها الدولية وأنشأت شراكات إقليمية وعالمية، توّجت برفع معظم العقوبات تدريجياً"، مطالبا، في أول خطاب يلقيه رئيس سوري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ ستة عقود، برفع العقوبات عن بلاده "بشكل كامل حتى لا تكون أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد". وشدد على أن سورية "اليوم تعيد بناء نفسها من خلال التأسيس لدولة جديدة، عبر بناء المؤسسات والقوانين الناظمة التي تكفل حقوق الجميع دون استثناء".
وحذر الشرع من أن سياسات إسرائيل تهدد بالدخول في صراعات جديدة في المنطقة. وقال إن "السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسورية ولشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي". وأشار إلى أن "التهديدات الإسرائيلية ضد بلادنا لم تهدأ منذ الثامن من ديسمبر إلى اليوم"، وأن سورية استخدمت الحوار والدبلوماسية لـ"تجاوز الأزمة"، متعهدا بالتزام بلده باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.
ودعا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب سورية لمواجهة المخاطر واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية. وأضاف: "منذ لحظة سقوط النظام وضعنا سياسة واضحة الأهداف تقوم على عدة ركائز، الدبلوماسية المتوازنة والاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية".
وتعهّد الشرع محاسبة جميع الضالعين في الجرائم التي شهدتها بلاده إثر سقوط نظام بشار الأسد. وأوضح أن "الدولة السورية عملت على تشكيل لجان لتقصي الحقائق، ومنحت الأمم المتحدة الإذن بالتقصي كذلك، وخلصت إلى نتائج متماثلة في شفافية غير معهودة في سورية، وإنني أتعهد بتقديم كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة".
وأضاف: "لقد استخدم النظام السابق في حربه على شعبنا أبشع أدوات التعذيب والقتل والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والتعذيب في السجون والتهجير القسري، وأثار الفتن الطائفية والعرقية، واستخدم المخدرات سلاحاً ضد الشعب والعالم". ومضى قائلا: "النظام السابق مزق بلادنا طولاً وعرضاً، وهدّم أهم حواضر التاريخ فيها، واستقدم قوات أجنبية وعصابات ومليشيات من أصقاع الأرض، وارتهن بلادنا الجميلة، وقتل نحو مليون إنسان وعذب مئات الآلاف، وهجّر نحو 14 مليون إنسان، وهدّم ما يقرب من مليوني منزل فوق رؤوس ساكنيها".
ولفت الرئيس السوري إلى الاستعدادات الجارية لإجراء انتخابات لممثلي الشعب في المجلس التشريعي، وإعادة هيكلة المؤسسات المدنية والعسكرية عبر حل جميع التشكيلات السابقة تحت مبدأ حصر السلاح بيد الدولة. وأضاف أن سورية "تعيد بناء نفسها من خلال التأسيس لدولة جديدة عبر بناء المؤسسات والقوانين الناظمة التي تكفل حقوق الجميع دون استثناء... سورية بلد صاحب حضارة وثقافة تاريخية، يليق بها أن تكون دولة القانون الذي يحمي الجميع، ويصون الحقوق ويضمن الحريات، وتزدهر في ظله الحياة، وتطوى صفحة الماضي البائس لنعيد مجد سورية وعزتها".
تحركات دبلوماسية مكثفة
وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى الشرع اليوم الأربعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحضور وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني. كما عقد لقاءات يوم أمس الثلاثاء مع قادة ومسؤولين، بينهم رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب، وولي عهد الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إضافة إلى لقاءات مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين.
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال اجتماع مع وزراء خارجية دول عربية وإسلامية مساء الأربعاء، إن "الرئيس الشرع تعهد بالتزامه بالعمل مع الشركاء الدوليين"، مؤكداً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ملتزم بإعطاء الفرصة الكاملة لسورية لبناء دولة موحدة"، مضيفاً أن "لدينا فرصة تاريخية في سورية، والرئيس اتخذ خطوات جريئة". ويأتي ذلك في وقت يجري التحضير لعقد لقاء مرتقب بين الشرع وترامب، في إطار ما وصفته مصادر دبلوماسية بـ"الانفتاح الدولي على دمشق بعد سقوط النظام السابق".
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، مساء الأربعاء، عن تعديل شامل في لوائح العقوبات المتعلقة بسورية، شمل إلغاء حالة الطوارئ القديمة المفروضة منذ عام 2004، وتغيير تسمية هذه اللوائح لتعكس تركيزها على المساءلة الفردية وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وفق بيان رسمي للوزارة.
وقالت الخزانة إن التسمية الجديدة للائحة العقوبات تعكس "التركيز على الجرائم والانتهاكات المرتبطة بالنظام السابق"، مشيرةً إلى أن العقوبات العامة المفروضة على سورية أُلغيت نتيجة "تحولات سياسية إيجابية بقيادة الرئيس أحمد الشرع". وأكدت الوزارة في الوقت نفسه "الإبقاء على العقوبات بحق مرتكبي جرائم الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان ومهربي الكبتاغون". كما أعلنت الوزارة "إنهاء حالة الطوارئ المرتبطة بسياسات نظام بشار الأسد"، مشددةً على أن التركيز سينصب على "المساءلة الفردية والاستقرار الإقليمي أكثر من معاقبة الدولة السورية ككل".
نتنياهو: مفاوضاتنا مع سورية مستمرة
إلى ذلك، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيانا قال فيه إن "المفاوضات مع سورية مستمرة". وأضاف أن نتائج هذه المفاوضات تعتمد على "ضمان مصالح إسرائيل، التي تشمل، من بين أمور أخرى، نزع السلاح في جنوب غرب سورية، وضمان سلامة وأمن الطائفة الدرزية في سورية"، وفقا لما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت على موقعها على الإنترنت.