الشارع اللبناني يجدد تحركاته على وقع انهيار اقتصادي ووعود السياسيين

الشارع اللبناني يجدد تحركاته على وقع انهيار اقتصادي ووعود السياسيين

14 مارس 2021
تظاهرات شعبية وقطع طرقات في لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -

أطلّ سياسيّو لبنان، اليوم الأحد، بكلماتٍ وتغريداتٍ ومواقفٍ توحِّدهم لناحية رغبتهم ببناء دولة السيادة والقانون، وإطلاق وعودٍ فضفاضة وبرامج إصلاحية بلا مضمون، والنأي بالنفس عن الأزمات بتقاذف كرة المسؤولية، وصمّ آذانهم عن نداءات الشارع اللبناني الذي جدَّد تحرّكاته الاحتجاجية التي تدعو إلى سقوط الطبقة السياسية الحاكمة والأحزاب التقليدية التي أوصلت البلاد إلى الانهيار الشامل، في ظلّ تدهور قيمة العملة الوطنية، وهشاشة الوضع الأمني، وانعدام الاستقرار السياسي وانقطاع الدعم المالي الدولي.
وفي وقتٍ يحاول كل فريق سياسي أن يتبنّى شعارات انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول، ويستغلّها لتحقيق مكاسب سياسية للحفاظ على رصيده الشعبي الانتخابي أو يلعب لعبة الشارع لأهداف خاصة، شهدت مناطق لبنانية، اليوم الأحد، قطعاً للطرقات ولا سيما جنوباً على أوتوستراد صيدا صور، في العدوسية، بالإطارات المشتعلة، وقطع الطريق الدولية في حوش سنيد قضاء بعلبك، وشرقاً أيضاً في تعلبايا. 
بينما يترقب قطع للطرقات في الشمال وبيروت خلال الساعات المقبلة، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار الذي تجاوز اليوم الـ13 ألف ليرة لبنانية.
وفي ذكرى 14 مارس/آذار 1989 (قاد التيار الوطني الحرّ حرب التحرير ضد الجيش السوري)، أطلّ النائب جبران باسيل، اليوم، على الشاشة، في المؤتمر السنوي للتيار، ليعلن ورقته السياسية تحت شعار "صلابة – مرونة – إنتاج".

وبينما يواجه لبنان انهياراً على كافة المستويات، تحدث باسيل عن مراجعة التيار خياراته، وحرص كما دائماً على التصويب ضدّ اللاجئين الفلسطينيين والسوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين السوريين)، والتشديد على أن عودتهم شرط وجودي للبنان.
وتطرق باسيل إلى مشروع "التيار" للدولة المدنية، والإصلاحات البنيوية المطلوبة في النظام، اقتصادياً، ونقدياً، ومالياً، واجتماعياً، وكيفية مكافحة الفساد، وخصوصاً على صعيد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان فسائر وزارات الدولة وإداراتها ومؤسساتها، إلى إقرار قوانين، أبرزها استعادة الأموال المنهوبة والمحولة إلى الخارج، وقانون الكابيتال كونترول، على أن يبقى الحل المستدام بالنسبة إلى باسيل بقضاءٍ مستقلّ.
واعتبر باسيل أن التيار عانى من إمساك منظومة سياسية – مالية بمفاصل الدولة والقرار، وقد عاش إثر ذلك، كسائر اللبنانيين، أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد وأزمة سقوط النظام، ويدفع هذا السقوط التيار إلى معالجة عميقة لخياراته وممارساته، يجب أن تفضيَ إلى صوغِ مقاربةٍ مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلولٍ لمشاكلهم.
وأكد رئيس "التيار" أن الصمود هو عنوان المرحلة ويكون من جهة عبر تحديد خيارات استراتيجية وتموضعات انتقالية في السياسة الخارجية والداخلية، ومن جهة أخرى عبر سياسة تنظيمية داخلية تسمح بالتأقلم والتحمّل.

ويشدد "التيار الوطني الحر" على تصميمه على إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين "حزب الله" ومراجعتها بنيّة تطويرها، بما يحقق حماية لبنان عن طريق استراتيجية دفاعية، وبناء الدولة من خلال مكافحة جدية للفساد وإجراء كافة الإصلاحات. 
وأكد باسيل أن "غاية التفاهم مع حزب الله ليست مصلحية ولا ثنائية، بل إشراك الجميع به وإشعارهم بنتائج حسيّة لعملية تطويره وإعادة الأمل بأنّه سيساهم في قيام الدولة، ويكون السلاح جزءاً من الدولة يشعر اللبنانيون بالقوة من خلاله، دون الخوف منه"، مشيراً إلى أنّ "التيار يريد تحصين لبنان في وجه أي عدوان من إسرائيل أو من الجماعات الإرهابية، ويعتبر الجيش صاحب المسؤولية الأولى في الدفاع عن الحدود والوجود".
وفي السياق، توالت المواقف السياسية في ذكرى 14 مارس 2005، (عرفت بانتفاضة الاستقلال بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وجمعت تحالف ما يسمى بـ14 آذار وأنهت الوصاية السورية على لبنان)، علماً أنّ التحالف سقط، بفعل المحاصصة والتسويات والتحالفات التي تعزز وجودهم في السلطة.
وشدد رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على أنّ ذكرى 14 مارس هي "مشروع وطن وتحرّر ومصالحة، زرع في وجدان اللبنانيين مشهدية شعبية وسياسية وحضارية، لن تتمكن من محوها ارتدادات المتغيرات الإقليمية ولا السياسات العبثية التي تعمل على العودة بلبنان إلى زمن الاستنفارات الطائفية". في رسالة غير مباشرة وجهها إلى باسيل، الذي يتهمه "تيار المستقبل" باللعب على الوتر الطائفي، واستغلال خطاب حقوق المسيحيين لتحقيق مكاسب خاصة وشخصية في الدولة. علماً أنّ التيار الوطني كان من ضمن تحالف 14 آذار.

من جهته، قال رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "14 مارس مستمرّة حتى تحقيق الغاية".

ولفت رئيس "حزب الكتائب اللبنانية"، النائب المستقيل سامي الجميل، إلى أن "العبرة بعد 16 سنة أن الاستقلال تحقق في حين غابت المحاسبة وتأجلت الإصلاحات فعدنا ووقعنا في المحظور".

وقال وزير العدل السابق أشرف ريفي إنّ "14 مارس 2005 يوم الاستقلال الثاني الذي لا بدَّ سيكتمل بالاستقلال الثالث مع ثورة 17 أكتوبر بزوال وصاية إيران".

وردّ نائب رئيس "تيار المستقبل" مصطفى علوش على كلمة باسيل بالقول "عزيزي ولي العهد سمعتك للنهاية وبرنامجك الطموح مع كونه تكرار طبق الأصل لبرامج الجميع، لن أسألك لماذا لم تطبقه خلال وجودك في الحكم، ومع ذلك فافسح المجال لحكومة تحمل البرامج ذاتها حتى وإن لم تكن فيها. أما عن اتهام آخرين بتبعية الخارج فحبذا لو تسميهم بالأسماء بدل تجهيلهم".

ويدخل لبنان أسبوعاً جديداً من الجمود الحكومي، الذي من المنتظر أن تخرقه مبادرات في محاولة لإحداث خرقٍ على خط الحريري – عون، وتشكيل حكومة جديدة، لإعادة بعض الاستقرار السياسي الذي من شأنه أن يلجم لفترة قصيرة ارتفاع سعر صرف الدولار، بعد فشل كل المحاولات والاجتماعات الأمنية والاقتصادية والسياسية بصدّه، باعتبار أن الخبراء الاقتصاديين يجمعون على أنّ من أسباب الزيادة ارتفاع الطلب على الدولار، وغياب الاستقرار السياسي وعدم دخول العملة الصعبة النقدية إلى السوق المحلي، ولا علاقة له بالتطبيقات التي تتلاعب بسعر الصرف، أو بتوقيف صغار الصرافين.