السيسي يصدر قراراً يمنحه صلاحية اختيار المفتي منفرداً

السيسي يصدر قراراً يمنحه صلاحية اختيار المفتي منفرداً

11 اغسطس 2021
بات من حق السيسي اختيار مفتي الديار المصرية منفرداً (فرانس برس)
+ الخط -

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، قراراً حمل رقم 338 لسنة 2021، يمنحه صلاحية اختيار المفتي منفرداً، معتبراً دار الإفتاء المصرية من الجهات ذات الطبيعة الخاصة التي لا تسري على الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية فيها أحكام المادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية.
والمادة 17 من قانون الخدمة المدنية نصّت على أن "يكون التعيين في الوظائف القيادية، والإدارة الإشرافية، عن طريق مسابقة يُعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية، متضمناً البيانات المتعلقة بالوظيفة، فيما يكون التعيين من خلال لجنة للاختيار لمدة أقصاها ثلاث سنوات، بناءً على تقارير تقويم الأداء، وذلك دون الإخلال بباقي الشروط اللازمة لشغل هذه الوظائف".
أما المادة 20 من القانون، فنصّت على أن "تنتهي مدة شغل الوظائف القيادية، والإدارة الإشرافية، بانقضاء المدة المحددة في قرار شغلها، ما لم يصدر قرار بتجديدها، وبانتهاء هذه المدة يشغل الموظف وظيفة أخرى لا يقل مستواها عن مستوى الوظيفة التي كان يشغلها، إذا كان من موظفي الدولة قبل شغله إحدى هذه الوظائف".

وبذلك بات من حق السيسي اختيار مفتي الديار المصرية منفرداً، على خلاف المتبع سابقاً بأن يدعو شيخ الأزهر هيئة كبار العلماء للانعقاد قبل موعد انتهاء مدة شغل المفتي منصبه بشهرين على الأقل، لترشيح ثلاثة من العلماء تنطبق عليهم شروط صلاحية شغل المنصب، فيما يجرى اختيار من يحصل على أعلى الأصوات مرشح هيئة كبار العلماء لمنصب الإفتاء.
والمفتي الحالي هو شوقي علام، وترتيبه التاسع عشر في تاريخ دار الإفتاء المصرية التي يعود إنشاؤها إلى عام 1895، حيث اختير من قبل هيئة كبار العلماء للأزهر في 11 فبراير/ شباط 2013 خلفاً للمفتي السابق علي جمعة.
وألحقت دار الإفتاء المصرية منذ تأسيسها بوزارة العدل، وأنيط بالمفتي اختصاص إبداء الرأي غير المُلزم في أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم. وعلى تعاقب الأنظمة الحاكمة في مصر، جرى استخدام الدار في صراعها مع الأزهر، لا سيما في أعقاب انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013.
ومع تولي السيسي الحكم عام 2014 تحوّلت دار الإفتاء إلى بوق للسلطة وأداة سياسية لشرعنة سياساتها؛ إذ اتخذ علام موقفاً مؤيداً على طول الخط من الحملة القمعية ضد جماعة "الإخوان المسلمين"، وتيار الإسلام السياسي على وجه عموم.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أصدر السيسي قراراً بتجديد تعيين علام في منصب المفتي، حتى بلوغه سن التقاعد في 12 أغسطس/ آب الجاري، على الرغم من انتهاء ولايته الثانية والأخيرة في 3 مارس/ آذار الماضي طبقاً لقانون تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها واللائحة التنفيذية لهيئة كبار العلماء.
ويرى مراقبون أن علام هو مفتي السلطة بامتياز وأن التجديد المستمر له في منصبه هو مكافأة على دعمه السلطة الحاكمة باستخدام الآراء الفقهية، التي عادة ما يواجهها شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب ويفندها ويرفضها.
وكان قرار التجديد قد تجاهل ترشيح هيئة كبار العلماء في الأزهر لثلاث من الشخصيات البارزة لتولي المنصب، وهم الأستاذ في كلية أصول الدين طه حبيشي، والأمين العام لهيئة كبار العلماء محمد الضويني، وأستاذ الفقه بكلية الشريعة فتحي عثمان.
وسعى نظام السيسي جاهداً لطرح مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية، الهادف إلى إنشاء كيانٍ موازٍ للأزهر وتهميش دوره لمصلحة دار الإفتاء؛ وهو ما رفضته هيئة كبار العلماء في الأزهر برئاسة الطيب، واعتبرته محاولة لتقليص صلاحيات مؤسسة الأزهر.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وتعد صلاحيات دار الإفتاء إحدى حلقات الصراع الدائر منذ سنوات بين السيسي والطيب، إذ يحاول الأول سحب أكبر قدر من الصلاحيات الممنوحة للأخير المحصن من العزل بموجب المادة السابعة من الدستور.
ووافق مجلس النواب في وقت سابق على قانون يستهدف سحب اختصاصات الأزهر في الفتوى، بعد تفصيله خصيصاً للإبقاء على المفتي الحالي في منصبه بعد بلوغه سن التقاعد، من خلال منح رئيس الجمهورية سلطة تعيينه، بدلاً من انتخابه في اقتراع سري في اجتماع لهيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر الذي أعلن رفضه التشريع جملة وتفصيلاً.
ونص القانون على تعيين مفتي الديار المصرية بقرار من رئيس الجمهورية، من بين ثلاثة تُرشحهم هيئة كبار العلماء بالأزهر قبل شهرين من خلو المنصب، مع جواز التجديد للمفتي بعد بلوغ السن القانونية المقررة للتقاعد، ومعاملته معاملة الوزراء من الناحية المالية والمراسم والمخصصات.
يذكر أن علام قد تعرض لهجوم واسع على منصات التواصل الاجتماعي عقب تصريحه مؤخراً بأن "الضرائب التي يدفعها المواطنون هي تعبّد لله، لأنها من طاعة ولي الأمر، والقانون الذي وضعه"، مدعياً أنه "يجوز لولي الأمر أن يفرض الضرائب لتغطية النفقات العامة، والحاجات اللازمة، باعتباره القائم على مصالح الأمة التي تستلزم وجود مورد ثابت، في عصر كثُرت فيه مهام الدولة، واتسعت مرافقها".