السويد تستنفر مواطنيها.. 7 سيناريوهات محتملة لاندلاع حرب قريباً
استمع إلى الملخص
- تأتي التحذيرات بعد اختراق ثلاث طائرات روسية المجال الجوي الإستوني، مما أثار استنفاراً إسكندنافياً وتنسيقاً بين الناتو ودول البلطيق، وسط قلق من أن تكون دول البلطيق الهدف التالي لموسكو.
- يشدد التقرير السويدي على بناء مجتمع صامد، مستلهماً من تجربة فنلندا، حيث يُعتبر كل فرد عنصراً فاعلاً في الدفاع الشامل، مما يعزز المناعة الاجتماعية والردع الوطني.
في ظل التوترات المتصاعدة بين روسيا ودول أوروبا الشرقية، أصدرت الوكالة السويدية للضمان الاجتماعي والتأهب تقريراً تحذيرياً جديداً يدعو السويديين إلى الاستعداد الجاد لاحتمال نشوب حرب طويلة الأمد، مؤكدة أن "كل مواطن سيكون له دور حاسم في الدفاع عن البلاد".
التقرير، الذي نُشر أول من أمس الخميس تحت عنوان "الهدف من الدفاع الشامل السويدي 2025–2030"، يشدد على أن مفهوم الدفاع في السويد لم يعد مقتصراً على الجيش، بل يشمل كل مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وحتى الأفراد. وذلك أمر يعني تحضير الشعب ليشكل مقاومة في حال تعرض البلد لاعتداء عسكري.
وقال المدير العام لوكالة الطوارئ السويدية (MSB)، ميكائيل فريسيل، في تصريحات للصحافة المحلية: "الفترة الأولى من أي هجوم مسلح ستكون حاسمة. وعلينا أن نفترض أن كل مؤسسة حيوية ستحتاج إلى الاعتماد على مواردها الخاصة لمدة أسبوعين على الأقل". كما يُلزم التقرير القطاعات الحيوية مثل الصحة، والطاقة، والاتصالات، والنقل، بضمان القدرة التشغيلية الذاتية في حال تعطلت سلاسل الإمداد أو تعرضت البلاد لهجوم مباشر.
سبعة سيناريوهات محتملة للحرب
ويرسم التقرير خريطة واضحة للتهديدات المحتملة التي قد تواجه السويد في المستقبل القريب، ويحدّد سبعة سيناريوهات رئيسية، وهي:
- التهديدات الهجينة (الهجمات السيبرانية، التضليل الإعلامي، الحرب النفسية)
- دعم الدولة المضيفة لقوات الناتو الموجودة أو العابرة للسويد
- هجوم مباشر على شمال السويد
- هجوم على جزيرة غوتلاند الاستراتيجية في بحر البلطيق
- هجوم جوي واسع النطاق
- تصعيد عسكري على حدود فنلندا
- تصعيد في دول البلطيق
وفي هذا الإطار، أكّد وزير الدفاع المدني كارل أوسكار بوهلين أن على كل الجهات الفاعلة، من الأفراد إلى الشركات، قراءة التقرير والعمل بتوصياته، قائلاً: "على كل مواطن أن يعرف ما يجب فعله في الأزمات، وأن يكون مستعداً لمواجهة أي هجوم. الدفاع مسؤولية جماعية". من جانبه، صرّح القائد الأعلى للقوات المسلحة السويدية، مايكل كلايسون، أن "التهديدات الهجينة قائمة بالفعل، ويجب مواجهتها باستعداد شامل يعزّز المناعة الاجتماعية والردع الوطني".
ويحذر التقرير من أن هذه السيناريوهات قد تحدث متزامنة، مما يتطلب جاهزية ومرونة عالية على مستوى الدولة والمجتمع. ويُعد التقرير جزءاً من خطة الردع الشاملة التي تتبناها السويد، والتي تعتمد على "الدفاع الشامل"، وهو مفهوم يدمج بين القدرات العسكرية والمدنية. الرسالة واضحة: الحرب لم تعد احتمالاً بعيداً، بل سيناريو يجب الاستعداد له بجدية.
اختراق روسي يقرع ناقوس الخطر
تأتي هذه التحذيرات في وقت حساس، عقب حادثة اختراق ثلاث طائرات روسية من طراز "ميغ-31" المجال الجوي الإستوني لمدة 12 دقيقة، يوم الجمعة 19 سبتمبر/ أيلول. واعتبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي ذلك "استفزازاً خطيراً". والتوتر في منطقة بحر البلطيق جزء من تراجع العلاقة الروسية-الأوروبية بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، وشهد حوادث كثيرة بحرية وجوية استدعت في مرات عدة استنفاراً إسكندنافياً. وتُبدي دول البلطيق الثلاث (الجمهوريات السوفيتية السابقة: إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا)، قلقاً متزايداً من أن تكون الهدف التالي لموسكو بعد أوكرانيا، مما يجعلها من بين أكثر الدول الأوروبية دعماً لكييف، باعتبارها تمثل خط الدفاع الأمامي عنها في وجه ما تسميه دول الغرب بـ"التوسع الروسي".
وقد أُطلقت طائرات مقاتلة من الناتو – بينها مقاتلات إيطالية من طراز إف-35 – لتأمين الأجواء، وانضمت إليها طائرات سويدية وفنلندية في إشارة واضحة على الدعم والتنسيق الإقليمي. بينما نفت موسكو حدوث أي خرق، مدعيةً أن الطائرات "حلّقت ضمن ممر جوي معتمد، والتزمت بالقواعد الدولية"، إلا أن إستونيا فعّلت المادة الرابعة من ميثاق الناتو، والتي تتيح لأي دولة عضو طلب التشاور العاجل في حال تهديد أمنها القومي.
مواقف أوروبية وأميركية حادة
من جهتها، وصفت كايا كالاس، رئيسة وزراء إستونيا السابقة والممثلة الحالية للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الحادث بأنه: "استفزاز خطير للغاية من موسكو. بوتين يختبر صبر الغرب، ويجب ألا نظهر أي ضعف". كذلك فعلت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين وعدد من الساسة الأوروبيين، خصوصاً في دول الشمال. وكتبت أليسون هارت، المتحدثة باسم الناتو، في منشور على منصة "إكس"، أن الحادث يُمثّل "مثالاً آخر على سلوك روسيا غير المبرر والمتهور". كما عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قلقه قائلاً: "هذا سلوك خطير، وقد يشعل أزمة كبيرة في المنطقة".
في نهاية المطاف، لا تُختزل الجاهزية الوطنية، بحسب معدّي التقرير، في تقوية الجيش فحسب، بل في بناء مجتمع صامد–مقاوم على طريقة شعب فنلندا المسلح والمتدرب على حروب عصابات، ليكون قادراً على مواجهة الأزمات والتعافي منها. وتتمثل نقطة التحول الأبرز في العقيدة الدفاعية السويدية في إعادة تعريف الدفاع بوصفه واجباً جماعياً، حيث يُصبح كل فرد في المجتمع عنصراً فاعلاً في منظومة الدفاع الشامل، لا متلقياً سلبياً للأحداث.