السويداء قنبلة موقوتة تحت وطأة الضغوط المعيشية وعبث رجالات النظام

السويداء قنبلة موقوتة تحت وطأة الضغوط المعيشية وعبث رجالات النظام

19 مارس 2021
يمعن النظام في استفزاز شريحة واسعة من أهالي السويداء (فيسبوك)
+ الخط -

تعيش محافظة السويداء، جنوبي سورية، هذه الأيام، مخاضا مريرا يهدد بانفجار لا تعرف نتائجه، جراء إمعان النظام السوري في استفزاز شريحة واسعة من المجتمع ذي الغالبية من "الموحدين الدروز". ففي حين تزداد الضغوط الأمنية والمعيشية غير المسبوقة، يواصل النظام، عبر أعضاء حزب "البعث العربي الاشتراكي" الحاكم، مدعوما من الأجهزة الأمنية، بنشاطات تسوق وجود توجه شعبي مطالب بترشح رئيس النظام بشار الأسد للاستحقاق الرئاسي المقبل. 

وقد عاشت السويداء حالة من الترقب الحذر، في ظل دعوة عدد من الناشطين إلى خروج مظاهرة في مركز المدينة صباح أمس الخميس، مناهضة للنظام واحتجاجا على تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، إلا أنه عقب تحديد الموعد والمكان، مساء الأول من أمس الأربعاء، تم الإعلان عن تأجيل الدعوة صباح أمس إلى موعد يحدد لاحقا، من دون تحديد الأسباب. 

حد أوجه التهديد وقوع اقتتال داخل المحافظة، بعدما نجحت الأجهزة الأمنية بتجنيد مجموعات من أبناء المحافظة وورطتهم بالاتجار بالمخدرات والخطف والقتل وأعطتهم في المقابل بطاقات ومهمات أمنية

وبدت الحركة في شوارع مركز المدينة يوم أمس غير طبيعة، حيث شهدت انتشارا كثيفا لعناصر مرتبطة بالأجهزة الأمنية ترقبا لأي تجمع للمشاركين في المظاهرة، بالمقابل، تسهل ملاحظة حركة مجموعات أخرى تنتمي لفصائل محلية سبق أن تحدثت عن تبنيها حماية أي شخص يخرج في مظاهرة وعدم السماح لأحد بالاعتداء أو اعتقال أي من المتظاهرين، كما حدث في مظاهرات يونيو/حزيران من العام الفائت، حيث تم اعتقال نحو 10 متظاهرين، قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعد أقل من شهر بضغوط من "حركة رجال الكرامة". 

وقالت مصادر محلية مطلعة في السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، "كان الوضع خلال الساعات الفائتة خطيرا جدا على السويداء، وأحد أوجه التهديد وقوع اقتتال داخل المحافظة، بعدما نجحت الأجهزة الأمنية بتجنيد مجموعات من أبناء المحافظة وورطتهم بالاتجار بالمخدرات والخطف والقتل، وأعطتهم في المقابل بطاقات ومهمات أمنية، ومنحتهم غطاء لأعمالهم غير المشروعة، وشريحة أخرى من الحزبيين الموالين للسلطة بقيادة عضو قيادة فرع الحزب حسن الأطرش، ما حولهم إلى أدوات قد تستخدم ضد أبناء بلدهم، فإن أي تغيير إيجابي أصبح يهدد مصالحهم". 

وأضاف "المجتمع في السويداء له خصوصية طائفية وعائلية، فهو مترابط بشكل عميق بعلاقات القربة والنسب، وفي ذات الوقت هو يعاني كباقي المكونات السورية من أمراض المناطقية والعائلية، التي قام النظام عبر عقود بتغذيتها، ما يشكل تهديدا يدركه عقلاء وقيادات الجبل المحليون، إذ إن أي اقتتال داخلي سيكون ذريعة للنظام وحلفائه بإنهاء حالة العصيان المدني في السويداء، والذي بدأ في عام 2014، عبر استنكاف عشرات آلاف الشباب عن الخدمة العسكرية في القوات النظامية، ووضع حد لسطوة الأجهزة الأمنية، وخاصة في ما يتعلق بالاعتقال التعسفي للمستنكفين عن الخدمة والناشطين المدنيين والسياسيين". 

من جانبه، قال الناشط "أبو جمال معروف" (اسم مستعار لأسباب أمنية)، لـ"العربي الجديد"، "في ظل السياسات الاقتصادية للنظام وحالة العجز التامة عن وقف ارتفاع الأسعار الجنونية ووقف انهيار القيمة الشرائية لليرة السورية، وانتشار البطالة وضعف الدخول، في وقت تزداد به نسب الجريمة من قتل وسلب وخطف وانتشار للمخدرات، وإصرار النظام على تعطيل المؤسسات المختصة بحماية المواطنين، القضاء والرقابة التموينية، الوضع في السويداء ذاهب للانفجار مع حدوث أول شرارة". 

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتابع "لكن من الصعب اليوم معرفة ما قد تكون عليه نتائج هذا الانفجار، فهناك بكل تأكيد احتقان كبير في الشارع وسخط على النظام وأدواته في المحافظة، وهناك دعوات مختلفة من قوى محلية، تبدأ من العمل على الحماية الذاتية وتصل إلى ما يعرف بالإدارة الذاتية، لكن من سيتصدر هذا المشهد إلى اليوم غير واضح، فالنظام على ما يبدو يدرك أن الوضع بالسويداء ذاهب إلى هذا المشهد، لكنه بدل أن يعمل على إيجاد حلول، راح يدعم أزلامه ليتصدروا العمل، وقد يكونون هم من في الواجهة بلحظة ما لامتلاكهم الدعم المالي والسلاح، فيتخلص النظام من أعباء محافظة كاملة من خدمات وكهرباء وخبز وغيرها، وبالمقابل تكون لديه أدواته في الشأن الأمني". 

أي اقتتال داخلي سيكون ذريعة للنظام وحلفائه بإنهاء حالة العصيان المدني في السويداء، والذي بدأ في عام 2014، عبر استنكاف عشرات ألاف الشباب عن الخدمة العسكرية

وأضاف "قد يسأل البعض وهل يعقل أن يتنازل النظام عن السويداء؟ وهناك معلومات مؤكدة أن ممثلي النظام في المحافظة، سبق وقالوا في أزمات سابقة أنهم على استعداد أن ينسحبوا من المحافظة ولتتحمل القيادات المجتمعية والدينية المسؤولية، وكان الجواب أن أهل السويداء متمسكون بمؤسسات الدولة، ولكن عمل الأجهزة الأمنية غير مقبول".  

ورأى أن "النظام يدفع بالوضع في السويداء إلى الانفجار، حيث إنه يزيد من الضغوط المعيشية اليومية على الأهالي، في حين يدفع بقيادات البعث إلى مواصلة مسرحية أن الشعب يريد الأسد، عبر بعض النشاطات التي يتم إجبار الموظفين على المشاركة فيها  تحت التهديد بالفصل واتخاذ إجراءات أمنية بحقهم، وبالرغم من ذلك، لم يستطيعوا أن يلزموا الناس بالبقاء في تلك النشاطات أكثر من نصف ساعة". 

ولفت إلى أن "هناك أشخاصا موتورين داخل الأجهزة الأمنية يحاولون الدفع بالنظام إلى استخدام القوة لإعادة السيطرة على السويداء، وهم من دفعوا إلى القيام بعملية عسكرية في صلخد العام الماضي للتخلص من مجموعة مسلحة محلية، كانت تقف ضد مرور طريق تهريب المخدرات من منطقتهم، والذي يتم برعاية حزب الله اللبناني، مستخدمة أدوات محلية، أبرزها مجموعة مهران عبيد ومجموعة راجي فلحوط، بدعم من القوات النظامية، وقبل أسابيع، كان هناك محاولة للنيل من مجموعة مسلحة في الريف الغربي متورطة بقضايا خطف، لتكون هذه العملية ذريعة للبدء بقضم بلدات السويداء والسيطرة عليها بلدة بعد الأخرى، بحجج مثل انتشار المخدرات والخطف، والكل يعلم أن أبرز المتهمين بهذه الجرائم هم مرتبطون بهذه الأجهزة ويعملون بالتنسيق معها، وفي الأمس هناك معلومات عن وجود تعليمات باستخدام الرصاص الحي لمحاولة توجيه ضربة قوية للقوى في السويداء، وخاصة أنه جرى خلال الأشهر الماضية تعزيز مواقع النظام في المحافظة".

المساهمون