السويداء... قتيل من الأمن السوري بغارة إسرائيلية والاشتباكات مستمرة

14 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 22:11 (توقيت القدس)
دبابة تابعة للجيش السوري تحترق في السويداء، 14 يوليو 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت السويداء تصعيدًا خطيرًا بعد غارة إسرائيلية على موقع مشترك لقوات وزارة الدفاع والأمن الداخلي، مما أدى إلى مقتل وإصابة عناصر أمنية، وتزامن ذلك مع اشتباكات بين فصائل درزية محلية وقوات الحكومة السورية.
- دعت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين إلى وقف إطلاق النار، بينما ألقى وزير الإعلام السوري باللوم على قوى محلية، مؤكدًا على أهمية استعادة السيطرة وفتح مسار سياسي.
- أكدت إسرائيل على موقفها من خلال تصريحات وزير الأمن، مشيرة إلى أن الضربات الجوية تحذير للنظام السوري، ودعت وزارة الخارجية السورية لضبط النفس وتسليم السلاح غير المشروع.

قُتل عنصر من قوى الأمن الداخلي السورية، مساء اليوم الاثنين، إثر غارة جوية نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على موقع مشترك لقوات وزارة الدفاع والأمن الداخلي في قرية المزرعة بريف محافظة السويداء، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات على محاور عدّة داخل المحافظة بين فصائل درزية محلية من جهة، وقوات الحكومة السورية من جهة أخرى، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الطرفَين.

مصادر محلية أفادت لـ"العربي الجديد" أن الغارة الإسرائيلية أدت إلى مقتل يوسف حمدي عوض المسالمة، وهو عنصر ينحدر من محافظة درعا ويعمل ضمن جهاز الأمن العام، فيما أُصيب عناصر آخرون بجروح متفاوتة. ووقعت الغارة في وقت كان فيه الموقع يضمّ قوات أمنية وعسكرية مشتركة تابعة للحكومة السورية.

وفي خضم التصعيد، أصدرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين بياناً مساء الاثنين، دعت فيه إلى وقف فوري لإطلاق النار، مجدّدة رفضها للعنف وسفك الدماء، ومؤكدة على أن "أيادي الصلح لا تزال ممدودة لمداواة الجراح والعودة إلى الأصول بسلام"، وشدد البيان على أن الرئاسة "لا تقبل بأي فصائل تكفيرية أو منفلتة أو خارجة عن القانون"، وأكدت تمسكها بـ"سيادة الدولة النظامية القانونية"، مشترطة أن يكون تنظيم شؤون المحافظة من خلال أبنائها الشرفاء، وليس عبر القوة أو الإقصاء.

وأضافت أن "من يقاتلون أبناءنا لم يكونوا أعداء لنا ولن يكونوا، وليست هذه معركتنا"، موضحة أن الرئاسة "مع السلم والحلول الدبلوماسية التي تحفظ كرامة وحقوق أهلنا"، كما أشارت إلى أن العلاقة مع الحكومة في دمشق "لم تنقطع، ولن تنقطع"، معتبرة ذلك "في مصلحة الجميع".

في المقابل، حمّل وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، بعض القوى المحلية مسؤولية ما يجري، قائلاً في تصريحات نقلتها قناة "الإخبارية السورية" إن "الدولة وافقت على جميع المطالب، لكن بعض القوى تراجعت، ولجأت إلى التحريض حول تدخل خارجي"، وأضاف الوزير أنه "بعد استنزاف كل الحلول، بدأت قوات الدفاع والداخلية بعملية جراحية لكل من لا يرضى أن تكون سورية دولة واحدة"، معتبراً أن "السويداء جزء من الوطن، ورافعة أساسية، وستكون جزءاً من مستقبل البلاد"، في إشارة إلى تمسّك الحكومة بالسيطرة الكاملة على المحافظة. ولفت إلى أن "هذه العملية ستسهم في فتح مسار سياسي عقلاني قادر على احتواء كل المشكلات"، مبرراً تدخل القوات الحكومية بـ"صبر الدولة الطويل"، الذي رأى أنه أدى إلى "تفشي المليشيات بسبب غياب دور الدولة"، على حد قوله.

وكانت طائرات حربية إسرائيلية، قد شنّت مساء اليوم الاثنين، غارات جوية استهدفت محيط قرية المزرعة وبلدة كناكر في ريف محافظة السويداء جنوبي سورية، وذلك بالتزامن مع توغل قوة إسرائيلية في أطراف قرية عين زيوان بريف القنيطرة جنوب غربي البلاد. وقال الحقوقي عاصم الزعبي، لـ"العربي الجديد"، إن الغارات الجوية جاءت بعد تحليق مكثف للطيران الحربي الإسرائيلي وطيران الاستطلاع فوق محافظة درعا منذ ساعات الصباح الأولى، مشيراً إلى أن القصف تزامن مع تحركات لقوات الجيش السوري وقوى الأمن العام في المنطقة، وأوضح الزعبي أن التوغل الإسرائيلي في قرية عين زيوان ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن شهدت المنطقة عمليات توغل مماثلة، لكنّه أكد في الوقت نفسه عدم تسجيل أي توغل جديد ضمن مناطق أخرى في ريف القنيطرة.

من جانبها، بثت وسائل إعلام إسرائيلية تسجيلاً مصوراً يُظهر استهداف الطائرات الإسرائيلية دبابة تابعة للجيش السوري في محافظة السويداء ظهر اليوم. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان مقتضب على منصة "إكس"، أنه استهدف دبابات عدّة تابعة للجيش السوري في قرية سميع جنوب سورية، على خلفية إرسال دمشق تعزيزات أمنية إلى السويداء بهدف احتواء الاشتباكات الدائرة بين العشائر البدوية وبعض الفصائل الدرزية المسلحة، وقال جيش الاحتلال إنه هاجم "مؤخراً دبابات عدّة في المنطقة الواقعة قرب قرية سميع جنوب سورية"، دون أن يقدم تفاصيل إضافية.

في السياق، نقلت "رويترز" عن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قوله إن ضرب أهداف في سورية "تحذير واضح للنظام السوري"، مضيفاً أن "إسرائيل لن تسمح بإلحاق الأذى بالدروز في سورية".

وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً أعربت فيه عن "بالغ أسفها وقلقها" إزاء التصعيد الخطير في محافظة السويداء، وذلك عقب اندلاع اشتباكات مسلحة بين مجموعات وصفتها بـ"الخارجة عن القانون" من داخل المحافظة، ومسلحين من مناطق مجاورة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم مدنيون، ونشر الذعر بين الأهالي.

وأشار البيان إلى أن قوى الأمن السورية تعرضت أثناء محاولتها احتواء التوتر لهجمات وكمائن مسلحة وعمليات خطف، معتبراً أن "هذا المشهد يؤكد وجود جهات منظمة تسعى لجرّ المحافظة إلى فوضى أمنية خطيرة، ومنع مؤسسات الدولة من القيام بدورها السيادي". ودعت الخارجية السورية "الأطراف المحلية كافّة إلى تحكيم العقل والتوقف الفوري عن أعمال العنف، وتسليم السلاح غير المشروع، وتفويت الفرصة على من يسعون إلى تفكيك النسيج الوطني وزرع الفتنة والانقسام"، مؤكدة تمسّك الدولة بخيار "الحكمة وضبط النفس".

وشدّدت الخارجية على أن جميع الملفات الأمنية والعسكرية، وعلى رأسها مسألة حمل السلاح، يجب أن تبقى تحت سلطة الدولة السورية حصراً، بما يضمن سيادة الدولة ووحدة أراضيها، ويحول دون تحول أي منطقة إلى ساحة للفوضى أو النفوذ الخارجي، كما جدّدت الوزارة دعوتها للدول والمنظمات لاحترام سيادة الجمهورية العربية السورية والامتناع عن دعم أي حركات متمردة أو انفصالية، معربة عن شكرها للدول "الصديقة والشقيقة" التي وقفت إلى جانبها في هذه "الظروف الدقيقة"، واختتم البيان بتأكيد "ثقة الدولة السورية بوعي أبناء محافظة السويداء وحرصهم على وحدة وطنهم"، مشددة على استمرار الدولة في "حماية الطائفة الدرزية واحترام حقوقها، وبسط الأمن والاستقرار، وتفعيل مؤسسات الدولة، وحماية جميع المواطنين دون استثناء، في إطار دولة القانون والسيادة الوطنية".

وتشهد محافظة السويداء منذ يومين مواجهات عنيفة بين عشائر البدو ومجموعات محلية مسلّحة، كانت وزارة الدفاع السورية قد وصفتها بأنها "خارجة عن القانون". وتركزت الاشتباكات في مناطق المزرعة وعتيل وظهر الجبل، وسط استخدام مكثف للأسلحة الثقيلة، ما يزيد من المخاوف من توسع النزاع وارتفاع الخسائر البشرية.

المساهمون