يخوض مقاتلون من العشائر اشتباكات مع الفصائل المسلحة في عدد من قرى محافظة السويداء، جنوبي سورية، وسط أنباء عن اقترابهم من المدينة، فيما قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز، اليوم الجمعة، إن قوات الأمن تستعد لإعادة الانتشار في السويداء لفض الاشتباكات، نافياً دخولها إلى المدينة حتى اللحظة. وشنّ مقاتلو العشائر هجوماً واسعاً، ليل الخميس الجمعة، "لنجدة أبناء البدو بعد تعرضهم لمجازر على يد مسلحين من الطائفة الدرزية" غداة انسحاب قوات الحكومة من المدينة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع مشايخ الطائفة. وذكر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أن مقاتلي العشائر سيطروا على بلدة الصورة الكبرى وبلدة الثعلة ومطارها العسكري في ريف السويداء، بعد اشتباكات عنيفة مع الفصائل المسلحة. كما تمكن مقاتلو العشائر من دخول قرية المزرعة القريبة من مدينة السويداء. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة سيطرة مقاتلي العشائر على قرية ليبين في ريف المحافظة.
وأعلنت العشائر في سورية، مساء أمس الخميس، النفير العام وبدأت إرسال أرتال من مقاتليها نحو محافظة السويداء، جنوبي البلاد، في تصعيد ميداني غير مسبوق قالت إنه يأتي رداً على "المجازر والتهجير الذي طاول عشائر البدو صباح الخميس"، على يد فصائل مسلحة تابعة للشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن الآلاف من مقاتلي العشائر انطلقوا على شكل أرتال من مناطق متفرقة في سورية، ووصل قسم كبير منهم إلى الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء.
وقالت الرئاسة السورية في بيان لها، مساء أمس الخميس، إنّ القيادة السورية قررت، في إطار حرصها على تجنيب البلاد مزيداً من التصعيد واستجابةً للوساطة الأميركية والعربية، سحب القوات العسكرية من السويداء إلى مواقعها لإتاحة الفرصة أمام جهود التهدئة في المحافظة. وتابعت الرئاسة في البيان أنّ "القوات الخارجة عن القانون (مقاتلي الفصائل الدرزية) باشرت بعملية عنف مروّعة، وثّقها العالم أجمع، تضمّنت ارتكاب جرائم مروّعة تتنافى كليّاً مع التزامات الوساطة، وتهدّد بشكل مباشر السلم الأهلي وتدفع باتجاه الفوضى والانهيار الأمني". كما حذّر البيان من "استمرار التدخّلات الإسرائيلية السافرة في الشؤون الداخلية السورية، والتي لا تؤدي سوى إلى المزيد من الفوضى والدمار، وتزيد تعقيد المشهد الإقليمي". وإذ شدّد البيان على دعوة "جميع الأطراف إلى التهدئة وضبط النفس"، أكّد "الالتزام الكامل بمحاسبة كل من تورّط في ارتكاب الجرائم وتجاوز القانون، أيّاً كانت الجهة التي ينتمي إليها". كما جدّدت الرئاسة التأكيد على "التزامها الثابت بحماية جميع أبناء الشعب السوري، بمختلف طوائفهم ومكوّناتهم"، مشيرة إلى أنّ "الحكومة السورية ستواصل اتخاذ كل ما يلزم لحماية مواطنيها وصون كرامتهم، دون تهاون مع أي تهديد للسلم الأهلي أو السيادة الوطنية".
وتتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة إلى تطورات المعارك في الريف الغربي للسويداء، وإلى مدى قدرة القوى السياسية والمدنية على احتواء الأزمة، وسط دعوات محلية وأممية لضبط النفس والتحقيق في الانتهاكات التي طاولت المدنيين من عشائر البدو. وكانت مصادر محلية قد قالت لـ"العربي الجديد"، إن فصائل مسلحة في محافظة السويداء، جنوبي سورية، نفذت عمليات إعدام ميدانية انتقامية بحق عائلات من عشائر البدو، في تصعيد غير مسبوق يعمّق حالة الفوضى والانقسام في الجنوب السوري. وفي ظل هذا التصعيد، اضطرت عائلات بدوية إلى النزوح من المحافظة بحثاً عن مناطق أكثر أماناً، حيث وصلت عشرات العائلات بالفعل إلى محافظة درعا المجاورة، الواقعة هي الأخرى جنوبي البلاد. وتأتي هذه التطورات على خلفية سلسلة من الحوادث الدامية التي شهدتها السويداء في الأيام الأخيرة، والتي تتردد تداعياتها في مختلف أنحاء سورية.
وأكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد"، أمس الخميس، أن منظمته وثّقت مقتل عشرات المدنيين من أبناء عشائر البدو في السويداء خلال عمليات انتقام نفذتها مجموعات مسلحة تابعة للشيخ حكمت الهجري. وأوضح عبد الغني أن حصيلة الضحايا قد تصل إلى نحو 250 شخصاً منذ 13 يوليو/ تموز الجاري، بينهم سبع نساء وستة أطفال واثنان من الكوادر الطبية، فيما لا تزال عمليات التوثيق تواجه صعوبات بالغة بسبب عزلة المناطق المتضررة وانقطاع الاتصالات.
"العربي الجديد" ينقل التطورات في السويداء أولاً بأول..