السوريون يرفضون خطة نتنياهو للجنوب

26 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 04:18 (توقيت القدس)
تظاهرة في السويداء ضد تصريحات نتنياهو، 25 فبراير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استغلت إسرائيل سقوط نظام الأسد لفرض احتلال على مناطق سورية حدودية، مثل القنيطرة ودرعا، وتأجيج النزاعات الطائفية، مع تثبيت مواقع دائمة داخل الأراضي السورية ونزع السلاح من مناطق تهديدية.

- أكد مؤتمر الحوار الوطني السوري على وحدة وسيادة سوريا، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية، وشهدت درعا والسويداء تظاهرات تندد بتصريحات نتنياهو وتطالب المجتمع الدولي بموقف واضح.

- انتقدت دول مثل تركيا ومصر وإيران الوجود الإسرائيلي، مشددين على وحدة الأراضي السورية وضرورة عملية سياسية شاملة، مع تقارير عن استراتيجية إسرائيلية جديدة تشمل احتلال أراضٍ في سوريا ولبنان وغزة.

منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، واستلام إدارة جديدة الحكم في سورية، وجدت إسرائيل فرصتها لفرض احتلال على مناطق سورية حدودية معها، وتحديداً في منطقة القنيطرة وأجزاء من درعا، وذلك بالتوازي مع السعي لتأجيج نزاعات طائفية بين مكونات الشعب السوري ومحاولة زرع الفتنة بين السوريين، وذلك من دون أن تخفي عداءها للسلطات السورية الجديدة ووصفها بـ"الإرهابية". بالتوازي، تأتي التسريبات الإسرائيلية عن سعي الاحتلال لتثبيت مواقع دائمة له داخل الأراضي السورية كجزء من "الدفاع" المتقدم عن الأراضي التي يعتبرها جزءاً من دولته، وذلك مع المطالبة بنزع السلاح من المناطق التي "تشكّل تهديداً لإسرائيل"، ومنها في السياق السوري الجولان ومناطق تصل حتى السويداء، مع اشتراط عدم وجود قوات من الجيش السوري الجديد في تلك المناطق.

رفض خطة نتنياهو للجنوب السوري

وفي ظل التغوّل الإسرائيلي على السيادة السورية، برز موقف لافت من دمشق، إذ أكد مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عُقد أمس "الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها على كامل أراضيها ورفض أي شكل من أشكال التقسيم أو التنازل عن أي جزء من أرض الوطن"، كذلك دان "التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية باعتباره انتهاكاً للسيادة"، مطالباً بانسحابه الفوري، ورفض التصريحات الاستفزازية من رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودعوة المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه الشعب السوري في هذا السياق. من جهته، قال الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال افتتاح مؤتمر الحوار، إن "السلم الأهلي واجب على أبناء الوطن جميعاً، وإن الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف ما وتعرض نفسها الحامية والمنقذة دعوات فارغة لا تنطلي على الوعي السوري".

دان مؤتمر الحوار السوري التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية باعتباره انتهاكاً للسيادة، مطالباً بانسحابه الفوري

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد قال الأحد "لن نتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سورية"، علماً أن وسائل إعلام إسرائيلية كشفت أن الاحتلال يخطط للمساح لمواطنين سوريين دروز بالعمل في بلدات إسرائيلية بمرتفعات الجولان. والتقى الشرع، أول من أمس الاثنين، وجهاء وأعيان الطائفة الدرزية في سورية. وفي السياق، شدّد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في كلمة له أمس بمؤتمر الحوار، على عدم قبول دمشق "أي مساس بسيادتنا أو استقرار قرارنا الوطني، وسنبقى نعمل وفق سياسة تحفظ مصالح الشعب السوري، بعيداً عن أي ضغوط أو إملاءات خارجية".

وبعدما كان نتنياهو قد طالب الأحد الماضي "بجعل المنطقة إلى الجنوب من دمشق منزوعة السلاح"، قائلاً "لن نسمح للجيش السوري الجديد بالانتشار في هذه المنطقة"، عاد أمس الثلاثاء ليقول في تصريحات صحافية "سنبقى في جنوب سورية في المستقبل المنظور". جاء ذلك بعدما كان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، خلال كلمة في اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في بروكسل أول من أمس الاثنين، إن "سورية المستقرة لا يمكن أن تكون إلا سورية فيدرالية تضم مناطق حكم ذاتي مختلفة وتحترم طرق الحياة المختلفة". وتابع: "أسمع حديثاً عن انتقال للسلطة في سورية، وبالنسبة لي هذا سخيف"، مدعياً أن الحكومة الجديدة "هي جماعة إرهابية إسلامية جهادية، استولت على دمشق بالقوة. نحن جميعاً سعداء برحيل الأسد، لكن يجب أن نكون واقعيين بشأنهم". ومضى قائلاً: "الكل يعرف من هو الشرع، إنهم ينتقمون من العلويين، ويؤذون الأكراد، ونحن لن نتنازل عن الأمن على حدودنا"، واتهم حركتي حماس والجهاد الإسلامي بالعمل في سورية لإنشاء جبهة إضافية ضد إسرائيل، وفق ما نقلت صحيفة جيروزاليم بوست.

سياسياً أيضاً، انتقد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الوجود الإسرائيلي في سورية، مؤكداً في تصريحات لقناة الجزيرة أمس أن الشعب السوري "لن يسمح لإسرائيل باحتلال أراضيه". من جهته، جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأكيد أهمية "إنهاء الاحتلال للأراضي السورية"، مشدداً خلال أمس لقائه رئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم في القاهرة على "ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سورية، وحتمية إطلاق عملية سياسية تشمل كافة أطياف الشعب السوري، تنتهي بإقرار الدستور وإجراء الانتخابات". في السياق، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، بعيد لقاء بينهما في طهران أمس، إن البلدين تربطهما "مواقف متقاربة" بشأن الملف السوري، مؤكداً أن إيران تريد استقرار سورية والحفاظ على وحدة أراضيها واحترام حق شعبها في تقرير مصيره. من جهته، قال لافروف إن الوضع في سورية يتطلب اهتماماً مستمراً من المجتمع الدولي، مؤكداً أهمية سلامة الأراضي السورية ووحدة شعبها بالنسبة لروسيا، وداعياً إلى الانتظار لمعرفة نتائج المؤتمر الوطني السوري وأهداف الحكومة السورية. وقال إن الاشتباكات ما زالت مستمرة في بعض المناطق "ونحن ندعم الهدوء" في سورية.

توغلت قوة إسرائيلية مدعومة بدبابات في بلدة السويسة في ريف القنيطرة

على الأرض، توغلت قوة إسرائيلية مدعومة بدبابات في بلدة السويسة في ريف القنيطرة، أول من أمس الاثنين، استمراراً لعمليات التوغل داخل الأراضي السورية. وتظاهر أهالي البلدة وطالبوا بخروج القوات الإسرائيلية من المنطقة. كما ادعى الجيش الإسرائيلي مصادرة وتدمير أسلحة خلال عمليات نفذها جنوبي سورية. وقال في بيان على موقعه الرسمي إن قواته واصلت "أنشطتها" في المنطقة العازلة والجولان بشكل خاص، و"نفذت حتى الآن عشرات المداهمات، وعثرت على أسلحة متنوعة وصادرتها ودمرتها"، معتبراً أنها "تشكل خطراً على أمن إسرائيل وقواتها".

تقارير عربية
التحديثات الحية

تظاهرات ضد تصريحات نتنياهو

في غضون ذلك، ورفضاً لتصريحات نتنياهو، تظاهر المئات من أبناء محافظتي درعا والسويداء أمس الثلاثاء، في ساحة 18 آذار بمدينة درعا، وساحة الكرامة بمدينة السويداء، منددين بخطاب نتنياهو الأحد، ومؤكدين رفضهم أي وصاية خارجية، ومعتبرين أن الغاية من هذه التصريحات زرع الفتنة وشق الصف بين أبناء الوطن الواحد. ورفع المحتجون العلم الفلسطيني إلى جانب علم الثورة السورية، كما أطلقوا شعارات تدين التدخلات الإسرائيلية في الجنوب السوري، وتطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح تجاه التدخلات الإسرائيلية في الجنوب السوري. وفي السياق، أحرق المتظاهرون أعلاماً إسرائيلية، ورفعوا العلم السوري وخريطة بلادهم، وطالبوا بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي توغل إليها. كما تظاهر عشرات الناشطين السوريين أمام مكتب الأمم المتحدة في دمشق احتجاجاً على التصريحات الإسرائيلية حول الجنوب السوري.

تظاهر المئات من أبناء محافظتي درعا والسويداء، في ساحة 18 آذار بمدينة درعا، وساحة الكرامة بمدينة السويداء، منددين بخطاب نتنياهو الأحد

وخلال الاعتصام في ساحة الكرامة بمدينة السويداء ألقى الشيخ سليمان الهوارين، إمام جامع مدينة شهبا، كلمة أكد فيها وحدة الصف وتضافر الجهود في مواجهة مخططات إسرائيل، مشيراً إلى أن أبناء السويداء بجميع مكوناتها يقفون موقفاً وطنياً واضحاً ضد هذا الخطاب العدائي. كما أكد عروبة أبناء المنطقة ونضالهم التاريخي في وجه كل الاحتلالات التي مرّت، مذكراً بتاريخ الأجداد وسلطان الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى ورفضه تقسيم سورية ومقارعته للاستعمار، وكذلك الهزائم التي مُني بها كل استعمار وكل مضطهد وصولاً إلى تحرير سورية من حكم آل الأسد.

وقال الناشط السياسي ناظم سلوم، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة الإسرائيلية غالباً ما عملت على زرع الفتنة بين مكونات الشعب السوري وأججت النزاعات الطائفية والعشائرية وسعت لتفكيك البنى الاجتماعية للشعب السوري تماماً كما نظام الأسد. وأضاف: "منذ نشأتنا نُدرك أن إسرائيل دولة احتلال وتهدف للتوسع على حساب الشعب العربي وإلى تهجير الشعب الفلسطيني إلى الدول العربية ومنها سورية، وكل السوريين يعلمون أن نظام الأسد عمل في خدمة مشاريعها لأكثر من خمسين عاماً ودمر سورية أرضاً وشعباً تحت شعارات الممانعة والمقاومة وغيرها".

كما قال الناشط المدني محمد العاسمي، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات نتنياهو هي انتهاك واضح لسيادة الوطن، وعلى كامل الشعب السوري والقيادة أن يتصديا لها بالتظاهر والاحتجاج بعيداً عن المواقف الذاتية والشعبوية، مضيفاً "نحن أمام استحقاق بناء وطن يتعرّض لأبشع حالات الانتهاك، فقد وصلت آلة الحرب والاعتداء الإسرائيلي إلى بلداتنا وقرانا في القنيطرة وحوض اليرموك ومناطق درعا الغربية، وبات واضحاً أن مشروعاً تقسيمياً تسعى إليه إسرائيل والعديد من الدول قد بدأ على أرض الواقع، ولن تردعه إلا وحدة الشعب السوري والضغط الدولي والعربي إن وُجد". وتابع: "أي مشاريع احتلال أو تقسيم ستكون مفتاحاً لنزاعات أهلية وحروب مناطقية وعشائرية لن تعود إلا بالجحيم على أبناء المنطقة".

في موازاة ذلك، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أمس الثلاثاء أن إسرائيل تتجه نحو ترسيخ استراتيجية جديدة لـ"الدفاع" على الحدود، تقوم على احتلال أراضٍ في سورية ولبنان وغزة، من خلال منظومة دفاعية ثلاثية الطبقات. ووفق الصحيفة، ففي الحدود التي لا تزال تشهد حرباً نشطة أو شبه نشطة، مثل حدود قطاع غزة، وحدود لبنان وهضبة الجولان السوري المحتل، سيكون هناك نظام دفاع أرضي ثلاثي الطبقات. الطبقة الأولى من نظام الدفاع ستشمل مواقع عسكرية ثابتة. وعلى الحدود السورية، وتحديداً في هضبة الجولان المحتل، فهناك بالفعل حاجز ومواقع دفاعية مأهولة، في المناطق التي يعتبر الاحتلال أنها تحت سيادته. الطبقة الثانية من "نظام الدفاع" ستكون "داخل أراضي العدو". وسيكون ذلك بمثابة جزء من "الدفاع" الأمامي المتقدّم، والذي كان قائماً في فترة الشريط الأمني في لبنان من عام 1984 حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي ومليشيا لحد في مايو/ أيار 2000. وفي هضبة الجولان، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي المنطقة العازلة، واستعدت للبقاء فيها لفترة طويلة. ويدور الحديث عن المنطقة العازلة التي نصّ اتفاق فضّ الاشتباك مع سورية عام 1974. وكما في لبنان، يعتمد الاحتلال في هذه المناطق على مواقع مراقبة، ومواقع عسكرية في المناطق المرتفعة ودوريات. الطبقة الثالثة للدفاع المتقدّم، التي حددها الاحتلال، تتمثل في نزع السلاح من المناطق التي تشكّل تهديداً لإسرائيل. وعلى مستوى سورية، أوضح نتنياهو أنه يطالب بنزع السلاح من منطقة الجولان السوري حتى الحدود مع الأردن، جنوباً وشرقاً حتى منطقة السويداء. ويطالب نتنياهو بألا يكون هناك وجود للجيش السوري الجديد، معتبراً أنه يتكوّن من نفس التحالف من التنظيمات الإسلامية المسلّحة التي انضمت إلى "هيئة تحرير الشام".