السودان: هل يحاول العسكر تشكيل حاضنة سياسية بديلة عن التحالف المدني؟

السودان: هل يحاول العسكر تشكيل حاضنة سياسية بديلة عن التحالف المدني؟

02 أكتوبر 2021
مخاوف من وجود مؤامرة بقيادة المكون العسكري في السودان (محمود حجاج/الأناضول)
+ الخط -

يعقد عدد من الأحزاب والقوى السياسية مؤتمراً، اليوم السبت، تحت اسم "الحرية والتغيير" تقليداً للاسم المختصر للتحالف المدني الحاكم في السودان "قوى إعلان الحرية والتغيير"، وهي الخطوة التي فسرها البعض بأنها تأتي في سياق المواجهة بين العسكريين والمدنيين وخلق ارتباك في المشهد السياسي.
وتطالب المجموعة الجديدة، التي سمت نفسها في وقت سابق باسم "اللجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير"، وحسب ما صدر منها من بيانات، بالعودة إلى منصة التأسيس في 11 إبريل/ نيسان 2019، وتوسعة هياكل ومؤسسات التحالف المدني الحاكم لتستوعب كل قوى الثورة ولجان المقاومة والأجسام المهنية والنقابية، مع استيعاب كل القوى السياسية في الحكم عدا حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في عهد الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، وهي المطالب ذاتها التي رددها المكون العسكري خلال الأيام الماضية.
 وعلى رأس الأحزاب المشاركة في مؤتمر اليوم "حركة تحرير السودان" بزعامة حاكم إقليم دارفور ميني أركو مناوي، و"حركة العدل والمساواة" بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، وأحزاب أخرى لم تمض أشهر على تشكيلها، وأخرى منشقة عن "قوى إعلان الحرية والتغيير".
لكن التحالف المدني الحاكم يتهم تلك المجموعة بسرقة اسمه والتحرك بشعاراته، ويؤكد أن المكون العسكري، وطبقاً لعدد من المؤشرات، يساند تلك المجموعة بشكل لافت، حيث ظل يطالب بإشراكها في صناعة القرار داخل الحكومة والتحالف، بحجة توسيع قاعدة المشاركة وإنهاء اختطاف التحالف من مجموعة الأربعة.
ويقصد بمجموعة الأربعة أحزاب "التجمع الاتحادي" و"الأمة القومي" و"البعث" و"المؤتمر السوداني". وأصدر المجلس المركزي القيادي لـ"قوى إعلان الحرية والتغيير" بياناً نفى فيه وجود علاقة له بمؤتمر اليوم، الذي يحاول التوقيع على الميثاق الوطني لـ"وحدة قوى الحرية والتغيير". واستبعد القيادي في "المؤتمر السوداني" خالد عمر يوسف الذي يشغل منصب وزير شؤون مجلس الوزراء، في تصريحات صحافية، وجود اختطاف للقرار داخل "قوى إعلان الحرية والتغيير"، مبيناً أنه "لا يصح أن يدعي شخص أن هنالك حرية وتغيير ثانية".

أما حزب "الأمة القومي"، الذي ترددت أنباء عن مشاركة قياديين منه في فعالية اليوم، فقد أصدر هو الآخر بياناً نفى فيه أن يكون جزءا من المؤتمر، مؤكداً أنه سيعمل على مواصلة الحوار البناء مع كل الفاعلين فيه من "قوى إعلان الحرية والتغيير"، وصولا إلى الوحدة المنشودة التي تحقق المصلحة الوطنية، من أجل حماية الفترة الانتقالية واستكمال كافة مهامها، وصولاً إلى التحول الديمقراطي المنشود.
وأضاف الحزب أن مشروع الإصلاح السياسي هو مشروع الحزب الاستراتيجي الذي يسعى إليه بجد مع كافة أطراف العملية السياسية في البلاد، حتى أمكن الوصول، مطلع الشهر الحالي، إلى مرحلة الإعلان السياسي الأخير، الذي ضم أوسع قاعدة سياسية في البلاد لقوى الثورة الحية، عبر حوار طويل. وشدد على أنه يسعى لاستكماله بانضمام كافة أطرافها التي لم توقع على الإعلان السياسي الأخير بالحوار الوطني البناء، وعبر مؤتمر تأسيسي يحقق وحدة قوى الثورة كافة.
وتستدل الفرضية التي تقوم على دعم المكوّن العسكري للتمرد السياسي الجديد بخطاب وجهه الأمين العام لمجلس السيادة الانتقالي الفريق الركن محمد الغالي يوسف لوزارة الخارجية، يطلب فيه منها توجيه الدعوات إلى السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية لحضور مؤتمر اليوم. لكن مجلس السيادة، وتحت ضغط الرأي العام، أصدر بياناً قال فيه إنه بعث بالخطاب بناء على طلب من حاكم دارفور ميني أركو مناوي، عراب التحالف الجديد، لكن الأخير نفى ذلك، ما دفع مجلس السيادة للتراجع،وتوجيه خطاب جديد إلى وزارة الخارجية يطلب إلغاء دعوة السفراء ورؤساء البعثات إلى المؤتمر.
في هذه الأثناء، نفت المجموعة الجديدة أن يكون لديها أي ارتباط بالعسكريين أو التحرك بأوامر منهم، مشيرة إلى أن هدفها هو "إصلاح الحرية والتغيير وإنهاء اختطافها بواسطة مجموعة الأربعة، وأن الأزمة الحالية ليست بين المكون العسكري والمكون المدني، إنما هي أزمة داخل الحرية والتغيير الذي افتعل المواجهة في العسكر هروباً من أزمته".

وحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن خلافات ضربت المجموعة في اللحظات الأخيرة حول النتائج التي يمكن أن يخرج بها مؤتمر اليوم، ما بين بيان يدعو إلى حل الحكومة الحالية ومراجعة قرارات لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 (انقلاب البشير الذي قاده للحكم)، على أن تكون المجموعة بديلاً لـ"قوى إعلان الحرية والتغيير"، في حين ترى مجموعة أخرى الاكتفاء ببيان يعطي مهلة لـ"قوى إعلان الحرية والتغيير" للقيام بإصلاحات داخل التحالف لتكون المجموعة جزءاً من القرار.
وبدأت نذر المواجهة بين المكون العسكري والمكون المدني منذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، عقب محاولة انقلابية فاشلة، حمل كل طرف المسؤولية بشأنها للطرف الآخر، ووجد المكون المدني دعماً دولياً واسعاً خلالها، خاصة من الولايات المتحدة، التي لوحت بوقف الدعم للسودان، وتوقيف عمليات اندماجه مع المجتمع الدولي حال أي إعاقة للتحول الديمقراطي في البلاد وتكرار المحاولات الانقلابية.