استمع إلى الملخص
- تبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بارتكاب جرائم حرب، مع دعوات للتدخل الدولي والتحقيق في الانتهاكات لضمان محاسبة الجناة.
- أجرى رئيس مجلس السيادة السوداني محادثات خارجية حول التحديات التي تواجه السودان، مؤكدًا على وجود مؤامرات تستهدف وحدة البلاد، مع دعم موريتاني لاستقرار السودان.
أفاد مسعفون في السودان بمقتل أكثر من 120 شخصاً، أمس الاثنين، في قصف استهدف منطقة في أم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى. وقالت "غرفة طوارئ أمبدة"، إنه "نتيجة للقصف العشوائي على منطقة دار السلام، كان الحصر الأولي للضحايا 120 شهيداً من المدنيين"، من دون أن تحدد الجهة التي تقف وراء القصف. وذكرت الغرفة في بيان نشرته، اليوم الثلاثاء، أنّ هناك شحاً كبيراً في الإمدادات الطبية المتعلقة بأدوية الاسعافات الأولية، مع وجود عدد كبير من المصابين تتفاوت درجات إصابتهم.
وتتزايد هذه الأيام، شراسة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث ينفذ الجيش عمليات عسكرية واسعة بعدد من محاور القتال بغرض إعادة السيطرة على مناطق فقدها في الأشهر الأولى من الحرب التي اندلعت العام قبل الماضي، وطبقاً لشهود عيان فإن الجيش يحقق المزيد من التقدم بولاية الجزيرة، وسط السودان، وذلك بعد تمكنه من السيطرة على مدينة ود مدني، عاصمة الولاية، يوم السبت الماضي.
من جهة أخرى، قال الجيش السوداني إنه "يدين التجاوزات الفردية التي جرت مؤخراً ببعض المناطق بولاية الجزيرة عقب تطهير مدينة ود مدني"، وأكد، في بيان له اليوم الثلاثاء، "تقيّده الصارم بالقانون الدولي وحرصه على محاسبة كل من يتورط في أي تجاوزات تطاول أي شخص بمناطق وقرى وولاية، طبقاً للقانون".
وأكد البيان الصادر من مكتب الناطق الرسمي باسم الجيش، متابعته اللصيقة للحالة الأمنية في المنطقة بالتنسيق مع لجنة أمن ولاية الجزيرة، وذلك لـ"تأمين كافة المناطق وتفويت الفرصة على الجهات المتربصة بالبلاد التي تحاول استغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة لها في الوقت الذي تلوذ فيه بالصمت حيال جرائم الحرب المستمرة والمروعة التي ترتكبها "مليشيا آل دقلو الإرهابية حيال المدنيين".
لكن قوات الدعم السريع، أصدرت في المقابل بياناً اتهمت فيه الجيش والقوات المتحالفة معه بـ"مواصلة ارتكاب جرائم التطهير العرقي والقتل على أساس الهوية واللون، وذلك لليوم الرابع على التوالي منذ دخولها إلى مدينة ود مدني وبعض المناطق"، مشيرة إلى أن الحملات تلك "أسفرت عن تصفية وإعدام المئات، بجانب عمليات الاحتجاز القسري والتعذيب والاعتداء على النساء وإذلال كبار السن، وعدت ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وقالت إن "عمليات التطهير العرقي المرتكبة من قبل عناصر الجيش ومليشياته، تماثل جرائم الإبادة الجماعية التاريخية في العالم، كما تتعدى في وحشيتها جرائم الإبادة السابقة التي ارتكبها نظام المؤتمر الوطني الإرهابي في كل السودان".
وتابعت: "تدرك قواتنا، أن القانون الدولي الإنساني يحمي المدنيين بشكل مبدئي في الحروب، لكن النتائج تأتي كارثية عند تجاهل الاتفاقيات الدولية أو تقاعس الجهات المعنية عن القيام بدورها في تأمين الحماية، وأحيانا بفعل التواطؤ، ما يفتح الباب لمزيد من الانتهاكات بالقتل والتدمير والتجويع والنزوح والتهجير القسري. ودعت قوات الدعم السريع، جميع المنظمات الدولية إلى الاضطلاع بواجبها تجاه هذه الفظائع.
من جهتها، أصدرت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية بيانات حذرت فيه من تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين عقب تحرير مدينة ود مدني. وعبّر مؤتمر الجزيرة، وهو جسم يرصد الانتهاكات في الولاية، في بيان له، عن قلقه إزاء الأحداث المؤسفة التي شهدتها منطقة "كمبو 5" بمحلية شرق الجزيرة، والتي أسفرت عن مقتل سبعة مواطنين عزل، نتيجة لهجمات انتقامية مدفوعة بخطاب الكراهية والتحريض على العنف، على حد ما جاء في البيان، الذي قال إنّ "تلك الجرائم تشكل انتهاكاً صارخاً للقيم الإنسانية والشرائع السماوية، إلى جانب خرقها للقوانين الوطنية والدولية التي تجرّم القتل خارج نطاق القانون". ودعا المؤتمر، الجهات المختصة إلى التحقيق العاجل والشفاف في تلك الجريمة، وضمان تقديم الجناة إلى العدالة، وبسط سيادة القانون.
وأعلن الجيش السوداني، السبت، استعادة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد، في أكبر إنجاز له منذ اندلاع الحرب بينه وبين قوات الدعم السريع في إبريل/ نيسان 2023. والسبت، أقر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" بتلقي قواته هزيمة في مدينة ود مدني، لكنه ذكر أنهم خسروا معركة ولم يخسروا الحرب، وأكد استعدادهم لمواصلة القتال لأطول فترة ممكنة، وتوعد باستعادة كل المناطق التي خسروها في الآونة الأخيرة.
في غضون ذلك، يواصل رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، جولة خارجية، حيث وصل إلى موريتانيا، أمس الاثنين، وأجرى مباحثات مع نظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أبلغه فيها بأنّ السودان يواجه مؤامرة تحيكها أطراف دولية وإقليمية للنيل من وحدته.
وأكد البرهان، طبقاً لبيان من مجلس السيادة، أن الشعب السوداني "سيقف في وجه هذه المؤامرة لإفشال تلك المخططات"، لافتاً إلى أن "المليشيا الإرهابية" ارتكبت جرائم وإبادة جماعية بحق الشعب السوداني، وتجاوزت كل الأعراف الإنسانية، فيما نقل البيان عن الرئيس الموريتاني تأكيده دعم بلاده لأمن واستقرار السودان، لتجاوز التحديات التي يواجهها، وإنهاء الحرب وإحلال السلام في البلاد.