السودان: احتجاجات على العنف القبلي في النيل الأزرق

السودان: احتجاجات على العنف القبلي في النيل الأزرق وسط مطالب لمحاسبة المتورطين

18 يوليو 2022
احتج المتظاهرون على عدم تدخل الحكومة المركزية في الأحداث (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت عدة مدن سودانية، اليوم الإثنين، احتجاجات شعبية على أحداث العنف القبلي في إقليم النيل الأزرق، في ظل مؤشرات حول تصعيد محتمل للاحتجاج.

وكان أكثر من ستين شخصاً قد قتلوا، يومي الجمعة والسبت الماضيين، وأصيب أكثر من مائة بجروح متفاوتة في اشتباكات قبلية بين الهوسا والبرتا بإقليم النيل الأزرق المتاخم للحدود السودانية الإثيوبية.

وقررت قبيلة الهوسا تصعيد الاحتجاج، بتسيير موكبين داخل الخرطوم، غدا الثلاثاء، في كل من منطقة مايو، جنوب العاصمة، ومنطقة شارع الأربعين بأم درمان، مع دخول كل من أبناء القبيلة في إضراب عن العمل على مستوى السودان، للضغط على الحكومة المركزية لمحاسبة المتورطين في الأحداث وضمان عدم تكرارها.

كما قررت القبيلة في أكثر من بيان ومقاطع فيديو سجلها أبناؤها تسيير مواكب في مدن أخرى مثل مدينة بورتسودان مركز ولاية البحر الأحمر.

وتنتشر القبيلة في غالب أجزاء السودان وارتبطت أكثر بالمناطق ذات المشاريع الزراعية، حيث يعمل أفرادها في الزراعة والتجارة.

وكانت خريطة احتجاجات يوم الإثنين قد شملت عددا من مدن السودان من بينها كسلا والقضارف وود الحداد، إلى جانب كوستي وربك (جنوب) وود مدني (وسط)، وذلك للتضامن مع الأهالي في مدن النيل الأزرق نتيجة لما تعرضوا له من قتل وتهجير، وتحريض على سحب الجنسية السودانية منهم.

احتجاجات هي الأعنف في كسلا

الاحتجاجات في مدينة كسلا كانت الأعنف نسبة للكثافة السكانية لقبيلة الهوسا، حيث تعرضت مقرات حكومية للحرق الكامل، مثل مبنى التعليم ومقر جهاز الضرائب والغرفة التجارية، فيما استهدف بعض المتفلتين داخل التظاهرات المحال التجارية، ما اضطر بعض التجار لاستخدام السلاح دفاعاً عن ممتلكاتهم.

وتوقفت الحياة تماماً في المدنية، إذ يؤكد شهود عيان أن السلطات الأمنية تأخرت كثيراً في تأمين المنشآت العامة وفي اتخاذ الإجراءات الضرورية، ما أدى إلى حدوث خسائر في الأرواح، لم يعلن عنها حتى الآن بصورة رسمية.

طرق المرور السريع لم تسلم من الاحتجاجات، حيث تم غلق الطريق بين مدني والقضارف وأغلق لفترة محدودة كبري حنتوب بولاية الجزيرة، الذي تعبر عليه الباصات والشاحنات العابرة بين الخرطوم وبورتسودان.

ويستبعد المحلل السياسي أحمد خليل تحول الاحتجاجات على ما جرى في النيل الأزرق إلى حالة عنف وفوضى عامة في البلاد، موضحاً أن القائمين على أمر تلك الاحتجاجات يريدونها أن تكون سلمية وتعبيراً حقيقياً عن التضامن مع ذويهم في النيل الأزرق وإدانتهم لها ولفت أنظار الرأي العام، وضمان عدم تكرارها.

يستبعد المحلل السياسي أحمد خليل تحول الاحتجاجات على ما جرى في النيل الأزرق إلى حالة عنف وفوضى عامة في البلاد

 وأشار خليل في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ما حدث اليوم من بعض التفلتات عبارة عن تصرفات فردية لم تخطط لها القبلية ولن تخطط لها لتعهدها المسبق بعدم الانجرار وراء خطاب الكراهية الذي تضررت منه في النيل الأزرق، لمجرد أنها طالبت بتنظيم إداري قبلي طبيعي قوبل بالرفض والوحشية بمثل ما رأيناه في الأيام الماضية".

ردة فعل متأخرة من السلطة المركزية

السلطة المركزية لم تصدر منها ردة فعل إلا أمس الأحد بعد اجتماع للجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع، وهو الاجتماع الذي ترأسه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وفيه أعلن عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى إقليم النيل الأزرق وتعهد بمحاسبة المتورطين وتوجيه النائب العام بتشكيل لجنة تحقيق وإرسالها إلى هناك.

واليوم، الإثنين، ترأس عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي اجتماعا للجنة الطوارئ الإنسانية بغرض تقديم العون الإنساني للمتضررين من الأحداث.

 وحث الكباشي خلال الاجتماع جميع الأطراف على "إعمال الحكمة وضرورة ضبط النفس وتحكيم صوت العقل، وإعلاء روح التسامح ونبذ خطاب الكراهية والعنف"، مؤكداً على أهمية الحوار، وضرورة الاهتمام بقضايا الإقليم والتنمية المجتمعية، معرباً عن أمله في استتباب الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة.

بيانات إدانة

إلى ذلك، وعلى صعيد الأحزاب السياسية، فقد اكتفت بإصدار بيانات تدين ما حدث وتحمل السلطة الانقلابية المسؤولية.

 وأعلن بيان لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير رفضه "المغلظ لكل أشكال التحشيد القبلي والجهوي، ما يقود لتغذية الضغائن بشكل تترتب عليه زيادة التوترات والاحتقانات وإشعال حرب أهلية في أطراف البلاد وأواسطها".

وأشار إلى أن قوات الشرطة وغيرها من القوات النظامية واصلت في النيل الأزرق فقدان هيبتها وثقتها لدى المواطنين في كافة ربوع البلاد، إذ شكلت غياباً تاماً عن مناطق الأحداث، وتماطلاً في الاستجابة لنداءات المواطنين السابقة في المنطقة للتحرك المسبق لحفظ الأمن.

وحمل البيان السلطة الانقلابية المسؤولية الكاملة عن تجدد هذه الأحداث بصورة متتالية في معظم أنحاء البلاد.

في الوقت نفسه، ذهب رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي إلى المطالبة بإقالة حاكم النيل الأزرق أحمد العمدة، المنتمي للحركة الشعبية لتحرير السودان، إحدى الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا 2020، مشيراً إلى أن المأساة سببها "أخطاء اتفاق جوبا نفسه وإدارة الفترة الانتقالية بتعيين أحد منسوبي حركة مسلحة ليس لديه أي سند قاعدي".