السلطة تصعّد ضد المعارضة التونسية والاحتجاجات تتواصل

22 ابريل 2025
مظاهرة احتجاجاً على الأحكام بحق المعارضين، تونس 21 إبريل 2025 (الشاذلي بن إبراهيم/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت تونس اعتقالات قاسية ضد المعارضين، أبرزها اعتقال القاضي السابق أحمد صواب، مما أثار احتجاجات واسعة واعتبر تهديدًا لحرية التعبير.
- أكدت شخصيات معارضة أن هذه الاعتقالات جزء من محاولات لضرب المعارضة، داعين إلى مواصلة المقاومة لبناء تونس ديمقراطية ومدنية.
- انتقدت منظمات حقوقية الأحكام ضد المعارضين ووصفتها بالتصعيد الخطير، داعية للإفراج الفوري عن المحتجزين واحترام التزامات تونس الدولية في حقوق الإنسان.

لم تستفِقْ أوساط المعارضة التونسية من صدمة الأحكام القاسية الصادرة ضدّ عشرات المعارضين، حتى فوجئت بخبر اعتقال القاضي السابق أحمد صواب، أمس الاثنين، وهو أحد أبرز الحقوقيين المعروفين بدفاعهم عن الحقوق والحرّيات منذ عقود. وجرى منعُ صواب من لقاء محاميه على خلفية تصريحات كان أدلى بها في وقت سابق.

وخرج عدد من الناشطين، مساء الاثنين، في مسيرة احتجاجية وسط العاصمة تونس، تنديداً بإيقاف صواب وتوسع دائرة استهداف المعارضين، وقالت عضوة جبهة الخلاص عنايات مسلم، على هامش مشاركتها في المسيرة، لـ"العربي الجديد" إن "ما يحدث ضربٌ من الجنون واللامنطق، فإنْ يُوقَفَ القاضي صواب لمجرد تصريح ورأي فتلك تعتبرُ فضيحةً كبيرة"، وأضافت "أعتقد أننا نسير كلّنا إلى نفس المصير وسيجري إيقاف الجميع وفراغ البلاد، لمجرد تصريحات".

وقالت مسلم عن أثَر هذه الاعتقالات على نشاط المعارضة التونسية إن "محاولات ضرب المعارضة لم تبدأ الآن، وإنما انطلقت منذ سنوات عبر إيقاف قادة الأحزاب السياسية والنشطاء المعارضين"، مشدّدة على أن "هذا الوضع مؤقت، والأحكام الصادرة مهما بلغت قيمتها فستنتهي مع انتهاء حكم سعيد، وتاريخ هذه البلاد يؤكد أن الظلم لا يدوم منذ حكم البايات ومن ثم بورقيبة وبن علي، ولذلك فالظلم لن يدوم".

ومن جهته، اعتبر عضو ائتلاف صمود أحمد الحامي، الذي شارك في مسيرة الأمس، أن "إيقاف القاضي الفاضل، الرجل الوطني المستقيم المناضل بسبب تصريح يكشف منظومة قيس سعيد التي تقوم على تكميم الأفواه وضرب الحرّيات، والظلم والقمع وحرمان الناس من التعبير عن رأيهم"، وشدّد في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن "المقاومة مستمرة وسنواصل حتى تذهب هذه المنظومة الفاشلة، ونبني معاً تونس الديمقراطية مدنية اجتماعية كما يحلم بها التونسيون"، مضيفاً: "هذه سحابة صيف وستنقشع، وسنعود إلى ما كان ينادي به التونسيون".

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير، لـ"العربي الجديد" إن "إيقاف القاضي الشريف أحمد صواب رسالة واضحة من النظام بأنه سيجري استهداف كل من ينتقد النظام أو يعارضه، وكل من يرفع صوته بالدفاع عن الحق سيلقى نفس المصير، وهي رسالة واضحة في هذا الاتجاه، والقاضي صواب كان يعرف أنه قد يدفع هذا الثمن، لكنه لم يتراجع عن الدفاع عن الحق"، وأضاف أن "هذا ليس غريباً وقد أصبحت الاستهدافات والاعتقالات خبزنا اليومي، لكنّنا سنقف ضدّ هذه المنحى المتواصل للسلطة في التنكيل واستهداف النشطاء".

وطالبت حركة النهضة، مساء الاثنين، بـ"إطلاق سراح المحامي أحمد صواب"، ودعت في بيان "كل القوى الحية بالبلاد إلى توحيد جهود التصدي إلى حملات القمع وتقسيم المجتمع والوصم بالخيانة والعمالة، التي تأتي استجابة لحملات التحريض والتشويه التي يشنّها أشباه الإعلاميين ودعاة الانتقام والتشفي والتنكيل بكل نفس معارض".

واعتبر الحزب الجمهوري من ناحيته أن "تصريح الأستاذ صواب الذي تضمن تعبيراً مجازياً لتوصيف ما شهده داخل قاعة المحكمة، ولا يعد بأي حال من الأحوال جريمة بل هو ممارسة مشروعة لحق التعبير وخطاب قانوني صادر عن رجل عرف باستقلاليته وجرأته ومبدئيته"، واعتبر الجمهوري أنّ "استهداف رجال القانون والدفاع عبارة عن محاولة بائسة لإسكات من تبقّى من الأصوات الحرّة في البلاد" ودعا "كل القوى الديمقراطية والمدنية إلى الوحدة والتحرك الفوري لمواجهة هذا النهج القمعي المتصاعد والدفاع عن ما تبقّى من دولة القانون".

وكانت منظمة العفو الدولية انتقدت الأحكام التي صدرت بحق معارضين تونسيين، مساء يوم الجمعة الماضي وقالت، السبت الماضي، في بيان: "تعبر منظمة العفو الدولية عن صدمتها الشديدة إزاء الأحكام القاسية التي أصدرتها المحكمة الابتدائية بتونس في 19 إبريل 2025 في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، التي شملت العشرات من المعارضين"، وقالت إن "هذه المحاكمة تمثل تصعيداً خطيراً في استهداف الأصوات المعارضة، وانحرافاً غير مسبوق عن مبادئ الإنصاف والعدالة"، مطالبة بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأشخاص المحتجزين بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم، بما في ذلك حرية التعبير، وحرية التجمع، وتكوين الجمعيات، تماشياً مع التزامات تونس بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

وكانت محكمة تونسية أصدرت، في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة الماضي، أحكاماً بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاماً على زعماء من المعارضة التونسية ورجال أعمال ومحامين، في ما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.