السلطات الجزائرية تحاصر الأحزاب الرافضة للدستور وتعاقبها بالمنع

السلطات الجزائرية تحاصر الأحزاب الرافضة للدستور وتعاقبها بالمنع

16 أكتوبر 2020
"حركة مجتمع السلم" انتقدت قرار السلطات منعها (العربي الجديد)
+ الخط -

تشنّ السلطة السياسية في الجزائر حملة حصار سياسي وإعلامي ضد الأحزاب والقوى، سواء تلك التي أعلنت رفضها للدستور المطروح للاستفتاء في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، رغم دعوتها الناخبين للمشاركة في الاسفتاء، أو تلك التي دعت إلى المقاطعة، عبر منعها من عقد اجتماعاتها وأنشطتها السياسية، وغلق المنابر الإعلامية أمامها. 

ومنعت السلطات "حركة مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في البلاد، من عقد تجمعين مع مناضليها وكوادرها في كل من مدينة وهرن غربي الجزائر، وسطيف شرقي البلاد، رغم حصولها على موافقة الهيئة العليا للانتخابات لعقد التجمعات الانتخابية التي تدخل في إطار الحملة الانتخابية للاستفتاء على الدستور. 

وأعلنت الحركة باستياء اضطرارها لإلغاء تجمع وهران بسبب "عدم ترخيص السلطات الولائية، رغم موافقة هيئة الانتخابات واستيفاء كل الإجراءات، مما يطعن في تعهدات الحكومة بضمان المساواة وشفافية الاستفتاء، ويطعن في مصداقية السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات في ضمان الحرية والنزاهة أثناء الحملة الدستورية، وضمان حرية الرأي والرأي الآخر". 

منعت السلطات "حركة مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في البلاد، من عقد تجمعين مع مناضليها وكوادرها في كل من مدينة وهران غربي الجزائر، وسطيف شرقي البلاد

وتشترط السلطات الجزائرية للسماح بعقد تجمعات انتخابية الحصول على ترخيص من الولاية، بعد ترخيص أول بالنشاط تسلمه هيئة الانتخابات، لكنه يبقى غير كاف وغير ملزم للسلطات الإدارية لمنح الحزب ترخيصا بالتجمع في قاعة أو أي مكان آخر، ويستدعي هذا، بحسب متابعين، مراجعة في المستقبل لآليات الحملة الانتخابية، بإبعاد الإدارة تماما عن تسييرها، ووضع كل القاعات والأماكن المخصصة لتنشيط الحملة الانتخابية بيد سلطة الانتخابات، التي تتولى إصدار ترخيص واحد أو منع التجمع. 

واتهمت الحركة، في بيان ثان، السلطة المستقلة للانتخابات بعدم الحيادية والانحياز إلى الأطراف المؤيدة للدستور، بسبب التماطل في منح الحزب الترخيض لعقد تجمعه في منطقة سطيف شرقي الجزائر.

لم تكن "حركة مجتمع السلم"، التي سبق منعها من عقد دورة لمجلس الشورى قبل أسبوعين أيضا، وحدها التي تتعرض لـ"عقاب سياسي" بسبب موقفها، إذ تتعرض "جبهة العدالة والتنمية" (إسلامي) هي الأخرى للمنع من عقد تجمعات

وذكر البيان: "في الوقت الذي كنا ننتظر أن تقوم سلطة الانتخابات بدورها المتمثل في تنظيم عملية الاستفتاء بكل حيادية ومهنية، بعيدا عن الإدارة وبيروقراطيتها، نتأسف لهذا الرفض التعسفي وعدم الترخيص لنا، رغم استيفائنا لجميع الشروط القانونية والإدارية".

وأضافت الحركة: "نسجل عدم حيادية المنسق الولائي للسلطة المستقلة للانتخابات، وعدم تحمله مسؤولياته القانونية"، ودانت "تلاعبات إدارية لعرقلة نشاطها السياسي"، ووصفت ذلك بـ"التعسف"، واعتبرت أن "مثل هذه التصرفات كنا نعتقد أنها ذهبت مع النظام السابق، وهي تشكك في تعهدات النظام القائم بضمان المساواة والنزاهة"، وجددت تمسكها بموقفها الرافض للدستور. 

ولم تكن "حركة مجتمع السلم"، التي سبق منعها من عقد دورة لمجلس الشورى قبل أسبوعين أيضا، وحدها التي تتعرض لـ"عقاب سياسي" بسبب موقفها، إذ تتعرض "جبهة العدالة والتنمية" (إسلامي) هي الأخرى للمنع من عقد تجمعات، ولم تحصل على رد إيجابي على طلبات بالتدخل في القنوات التلفزيونية كانت قدمتها إلى هيئة الانتخابات. 

وجرى، اليوم الجمعة، منع الجبهة من تنظيم لقاء حول الدستور بولاية عنابة، بسبب موقفها الرافض له.

كما تم الأسبوع الماضي منع كتلة "قوى البديل الديمقراطي"، التي تضم "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"الحركة الديمقراطية الاجتماعية" وحزب العمال" وحزب "العمال الاشتراكي"، من عقد ندوة نقاش سياسي على خلفية موقف مقاطعة الاستفتاء الذي أعلنته، وسبق ذلك أيضا منع "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" من عقد دورة لمجلسه الوطني قبل أسبوعين.

كما تتعرض أنشطة هذه القوى الرافضة وبياناتها للإقصاء الإعلامي، إذ ترفض مجموع القنوات بث وتمرير بياناتها للرأي العام، ولا يستقبل ممثلوها في البرامج السياسية والحصص المخصصة لمناقشة الدستور. 

وقال المحلل السياسي محمد ضيف إن استمرار أساليب منع المعارضة من مساحة رأي "لا يخدم مطلقا التوجهات السياسية التي يعلنها الرئيس عبد المجيد تبون ، بل إنها تشكك كثيرا في صدقية الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن بناء جزائر جديدة تتسع لكل الآراء والمواقف، فلا يوجد ما يبرر منع الرأي المخالف، خاصة بعد حراك شعبي كانت أبرز مطالبه احترام الحريات". 

وأضاف أن "هذه السلوكات بغض النظر عما إذا كانت صادرة عن سلطة سياسية أو إدارية، لا تؤسس للحريات وتعمق الشعور بعدم وجود تغيير سياسي حقيقي في البلاد". ويأتي منع الأحزاب الرافضة للدستور من عقد تجمعاتها متناقضا مع تعهدات كانت أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات بالسماح لكل القوى التي تتوفر لها كتلة في البرلمان، أو تمثيل موثق في 25 ولاية، بممارسة حقها في التعبير عن موقفها من الدستور. 

ويحدث منع أحزاب سياسية معتمدة وممثلة في البرلمان والمجالس النيابية، في الوقت الذي تسمح السلطات بشكل مثير للانتباه لائتلافات مدنية غير معتمدة، وظهرت إلى الوجود قبل أسبوعين فقط، مؤيدة للدستور ولخيارات الرئيس تبون، بالنشاط وعقد تجمعات انتخابية في قاعات رسمية. وأظهر الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية وجود اتجاه واحد فقط للقوى المؤيدة للدستور، والتي فتحت لها السلطات المنابر والساحات والتغطيات التلفزيونية. 

المساهمون