السلاح لا يكفي... الوحدة أهم

السلاح لا يكفي... الوحدة أهم

10 اغسطس 2022
كل فعل مقاوم هو انتصار لجهة رفض الإقرار للاحتلال بحقه في الوجود (Getty)
+ الخط -

في كل جولة من جولات المواجهة بين الكيان الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية، وبغضّ النظر عن نتائجها، ثمة نخر في تفاحة التطبيع الفاسدة، وحفر تحت القواعد التي يتأسس عليها هذا المسار القبيح، وإعادة تحفيز قوي لضمير الشعوب الحية إزاء الحكومات الوظيفية التي تفتش في جيب كيان قائم على الدم والاحتلال عن مفتاح السلام الذي لن يأتي.

وحده نموذج الاحتلال الاستيطاني الفرنسي للجزائر هو ما يتكافأ مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين، من حيث غريزة القتل واغتصاب الأرض وتحويل المقدسات والفصل العنصري، وفي الامتداد الزمني أيضاً. لذلك فإن نموذج التحرر الجزائري من هذا الاحتلال، بعد تجارب مقاومة متواصلة، هو الأكثر قرباً للفلسطينيين، ليُمثّل نموذج مقاومة تحررية تنجز المهمة الوطنية، وتصد هذا الطغيان الفاشي.

ليس هناك خلاف على أن السياقات والظروف مختلفة، والجغرافيا أيضاً، بل إن المقاومة الفلسطينية تملك من الأدوات أكثر بكثير مما كانت تملكه المقاومة الجزائرية، لكن يغيب عن الأولى عامل رئيس ومفصلي، وهو وحدة القيادة والموقف والمشروع. لم تنتصر المقاومة والثورة الجزائرية إلا لأنها كانت موحدة في المبدأ والهدف والمشروع والقيادة، وهذا الذي تفتقده المقاومة والشعب الفلسطيني في الوقت الحالي، خصوصاً في ظل وجود مشروعين على طرفي نقيض في الواقع الفلسطيني، مشروع سلطة ما زالت مخمورة بسَكرة أوسلو، ومشروع يقوم على تحرير الأرض بسواعد المقاومة متعددة الأبعاد.

لعل هذا الذي يحفز الجزائر للبحث بكل السبل والوسائل في دفع مجموع القوى والفصائل الفلسطينية إلى إنجاز الوحدة والمصالحة الوطنية، خلال مؤتمر الوحدة الفلسطينية المقرر في الجزائر قبل القمة العربية المقبلة (تعقد في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل)، ضمن إطار يحقق الحد المقبول من التوافق الفلسطيني حول المشروع الوطني ويستوعب تطلعات الشعب الفلسطيني، والعودة إلى المبادئ التي يتأسس عليها المشروع التحرري.

وسواء نجحت الجزائر في تحقيق هذا المبتغى النضالي الحاسم أو فشلت في ذلك لاعتبارات وتدخّلات لا تخفى على عين مراقب فإن المسألة لا يجب أن تتوقف عند حدود المبادرة الجزائرية، لكونها ستبقى العامل الأساس الذي سيحسم مصير الشعب الفلسطيني وقضيته المظلومة.

إلى وقت قريب كانت دولة الاحتلال مزهوة بتثبيت خريطة سياسية، وواقع على الأرض يخدم مشروعها، لكنه لا يخدم سبل المقاومة، عندما أمكن لها الفصل بين فلسطينيي الداخل والخارج أولاً، وعندما استقر لها بعض الوضع عمدت إلى تقسيم الداخل الفلسطيني نفسه بين مدن 48 والأرض المحتلة. وعندما أحكمت قبضتها على الأرض المحتلة، قسمت بين غزة ورام الله. وتحت هذا الواقع المرير والانقسامي، سيكون من الصعب على الشعب الفلسطيني مجابهة مشاريع الاحتلال، وستصعب المهمة على سواعد المقاومة.

لكن هذا التدبير الصهيوني بدأ يتساقط، فقد أعادت الجولات الأخيرة بين المقاومة والكيان المحتل ربط الخريطة الفلسطينية ببعضها، شعبياً على الأقل، وظهر أن كل الأرض الفلسطينية معنية بالمقاومة وبأشكالها المختلفة، وأن وحدة أكبر للموقف على الصعيد السياسي، ستضيف قيمة كبيرة للمقاومة الفلسطينية التي لا تلام على شيء، سواء انتصرت في معركة أو خسرت في جولة. كل فعل مقاوم مهما كانت طبيعته، ولو كانت زغردة نسوة على تشييع شهيد، هو انتصار لجهة رفض الإقرار للاحتلال بحقه في الوجود.

المساهمون