السفير البريطاني مودّعاً مسؤولي لبنان: انفجار بيروت مثال للدناءة

السفير البريطاني مودّعاً مسؤولي لبنان: في قلب البلاد شيء عفن وانفجار بيروت مثال للدناءة

05 يوليو 2021
أهالي الضحايا ينتظرون محاسبة المسؤولين (حسين بيضون)
+ الخط -

شنَّ رئيس بعثة السفارة البريطانية في لبنان مارتن لنغدن، اليوم الاثنين، هجوماً غير مسبوقٍ بحدّةِ عباراته على المسؤولين اللبنانيين، بسبب طريقة تعاطيهم مع انفجار مرفأ، بيروت والملف الحكومي والأزمات الاقتصادية المعيشية، موجهاً الانتقاد المباشر للنظام اللبناني، الذي يهدف على حدّ تعبيره إلى "موازنة مصالح الفئات المتنافسة ونتائج اللعبة"، مضيفا أن "مليشيا حزب الله تعمل بحريّة من دون حسيب إلاّ نفسها".
وبالتزامن مع الحديث عن بدء دخول القيود والعقوبات الدولية الأوروبية على مسؤولين لبنانيين حيّز التنفيذ، صعّد لنغدن موقفه من الأزمة اللبنانية، وشدد على أن "لبنان اليوم على أهمّ مفترق، وعلينا أن نختار في أي اتجاه نريد الذهاب، إذ لا يمكن إطلاق مستقبل أفضل إلا إذا تحرّرتَ من أغلال تاريخك وغيّرت بشكل بنيويّ طريقة العمل السياسي والحكومي"، مضيفاً في المقابل "لا أظنّ أنّ الممارسات البالية والفاسدة ستقدر على الصمود أمام نفاد صبر الشباب المتحمّس لمستقبل أفضل".
ونشر لنغدن مقالة وزعتها السفارة اليوم الاثنين باللغتين العربية والإنكليزية قبيل مغادرته لبنان هذا الأسبوع لانتهاء مهامه، كتب فيها "أعذروا أسلوبي الجاف: ولكن في قلب لبنان شيء عفن. ففشل سَوق (تقديم) أيّ كان للمحاسبة وتحميله مسؤولية الانفجار الكارثي للمرفأ، الصيف الماضي، هو أكثر الأمثلة الدراماتيكيّة للدناءة وعدم المسؤولية التي تتميّز بها الكثير من الحياة اللبنانيّة. مؤسّسات الدولة في حالة خراب، والمصالح الخاصّة محميّة ومليشيا حزب الله تعمل بحريّة من دون حسيب إلاّ نفسها. والنتيجة؟ تزداد النخبة غنى في حين يدفع الشعب في الخسارة عند كلّ منعطف".
وأضاف "ناقشت مع كافة أطياف النخبة السياسية موضوع الطريق المسدود في السياسة اللبنانية والوضع المتردّي، وحذّرت من المخاطر التي يأخذونها والضرر الذي ينتج عنها في حياة الشعب، وأصررت على ضرورة المساومة من أجل تشكيل حكومة شاملة لها سلطة القيام بالإصلاحات وضرورة تأمين دعم بنك النقد الدولي، ولكن للأسف صدى كلماتي، كما كلمات أصدقاء لبنان الدوليين الآخرين، يصل إلى آذان صمّاء".
وكرّر المسؤول البريطاني الرسالة الأهم خارجياً بأنه "لو استمرّت المملكة المتحدة ببذل جهدها دوماً في الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني (...) فلا يمكن لهذه المساعدة أن تكون البديل عن المسعى الطارىء للسياسيين اللبنانيين بهذا الخصوص. لا يستطيع المجتمع الدولي وقف انحدار لبنان نحو الهاوية".
وأشار إلى أنه "من السهل تحييد النخبة السياسية اللبنانية ووضعها بمنأى عن المحاسبة والفساد، والكثير من اللبنانيين للأسف يقومون بذلك، ولكن المشكلة أعمق، بحيث إنّه وبكلّ بساطة لا يمكن لنظام متجذر بانقسامات طائفيّة أن يشكّل أساساً لنموذج بلد ناجح في القرن الواحد والعشرين".


وعلى صعيد التطورات في قضية انفجار مرفأ بيروت، أحال النائب العام بالتكليف القاضي غسان الخوري طلبات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار برفع الحصانة من قبل مجلس النواب عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق.
كما أحال الأذونات من نقابة المحامين في طرابلس، شمالي لبنان، في حق وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، ونقابة المحامين في بيروت بحق خليل وزعيتر، كذلك رئيس مجلس الوزراء لجهة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزير الداخلية لجهة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كل إلى مرجعه المختصّ.
وقال المحامي رفيق غريزي لـ"العربي الجديد" إنّ مسألة الحصانة النيابية أتى على ذكرها الدستور اللبناني في مادتيه 39 و40، بأنه لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدّة نيابته، كما أنه لا يجوز أثناء دور الانعقاد اتخاذ إجراءات جزائية نحو أي عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلاّ بإذن المجلس، باستثناء حالة التلبّس بالجريمة.
وأضاف غريزي أن النظام الداخلي لمجلس النواب ينصّ على الحصانة النيابية في الفصل الثالث عشر منه، حيث تشير المادة 89 منه إلى أن مبدأ الحصانة النيابية متعلق بالانتظام العام، و"هذا ما يفسر المسرحية التي حاول كلّ من النائبين زعيتر وعلي حسن خليل القيام بها في بيانهما المشترك بأنهما على استعداد للمثول ولو قبل إعطاء الإذن أمام المحقق العدلي".
وأوضح المحامي أن "الجواب سيكون حتماً بالمادة المذكورة بأن الحصانة ليست ملكاً شخصياً للنائب، فيما نصّت المواد الأخرى على إجراءات طلب الإذن"، مضيفا أن "الملفت أيضاً عدم وجود مهلة لمنح الإذن المذكور ورفع الحصانة من قبل مجلس النواب، ما يرفع علامات الاستفهام حول كيفية تعاطي مجلس النواب مع الطلبات الواردة من المحقق العدلي".

وعلى صعيد حصانة المحامي، يقول غريزي: "لا بد من الاستحصال على إذن من مجلس نقابة المحامين من أجل ملاحقة محامٍ، الذي حدد له القانون مهلة شهر للبتّ تحت طائلة اعتبار الإذن واقعاً ضمناً، خلافاً لحصانة النائب التي يبدو أنها مطبقة ومحكمة"، لافتاً إلى أنّ "مفوض قصر العدل في بيروت ناضر كسبار كان قد أعرب عن أنه من المرجح إعطاء الإذن لأن المطلوب ملاحقتهما أصلاً قد علقا قيدهما في نقابة محامي بيروت".
ولفت غريزي إلى أنه "من الطبيعي أن تعطي نقابة المحامي، التي أعلنت الانتفاضة الكبرى، الإذن بملاحقة كل من يشتبه به، لا سيما أن الفعل الملاحق به لا علاقة له بممارسة المهنة، هذا من جهة، ومن ناحية ثانية كونهما علقا قيدهما، أي خليل وزعيتر، وكذلك انسجاماً مع الخط الذي انتهجته نقابة المحامين، ولكن التخوف من الجهات الأخرى التي قررت أن تكون مرتعاً لطمس الحقيقة والخارجين عن القانون".