استمع إلى الملخص
- تسعى السعودية للضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي للسماح بعقد جلسات البرلمان اليمني في عدن، حيث تجري مشاورات لاستئناف الجلسات المتوقفة منذ 2022، وسط ضغوط من رئاسة مجلس النواب.
- يعاني البرلمان اليمني من تعطيل منذ الحرب، ولم يعقد سوى جلستين منذ 2019، ويعتبر تفعيله خطوة ضرورية لتعزيز الشرعية رغم التحديات السياسية.
تشهد جبهة الأطراف ضمن السلطات اليمنية المعترف بها دولياً حراكاً لافتاً تقوده السعودية، يبدو أنه يستهدف توحيد هذه الجبهة المنقسمة بين كيانات متناقضة الأهداف والولاءات. وبرز في هذا السياق اللقاء الأول من نوعه الذي جمع الأسبوع الماضي في الرياض رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي بقيادة التجمع اليمني للإصلاح (الذي يعتبر بمثابة الفرع اليمني من الإخوان المسلمين)، بعد سنوات من القطيعة والخلافات بين الطرفين. أيضاً، وبدفع من السعودية، أجرت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني الموالي للشرعية مشاورات بهدف التحضير لانعقاد جلساته في العاصمة المؤقتة عدن، عبر إقناع "الانتقالي" الذي يسيطر على عدن بالسماح بعقد الجلسة وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف الجلسات المتوقفة منذ العام 2022.
لقاء بين الزبيدي و"الإصلاح" لتوحيد السلطات اليمنية
وعن لقاء الزييدي وقيادة "الإصلاح"، أفاد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، بأن "اللقاء كان جيداً، وتم التطرق فيه إلى التحديات القائمة، وأهمية توحد المكونات في إطار مؤسسات الشرعية، وترحيل القضايا الخلافية، وكان هناك تطابق في وجهات النظر حول خطورة مليشيا الحوثي الانقلابية وما خلّفته من كوارث اقتصادية وإنسانية لليمنيين". وأشار المصدر إلى "إجماع وجهات النظر على أهمية توحّد المكونات السياسية حول مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية"، لافتاً إلى وجود ضغوط شديدة من رئاسة مجلس النواب بخصوص انعقاد جلساته في عدن، معبراً عن أمله في أن يتم ذلك قريباً.
ويحول الانتقالي"، الذي يسيطر على العاصمة المؤقتة عدن منذ 2019، دون عقد جلسات البرلمان، ويبدو أن الجانب السعودي بدأ أخيراً بممارسة ضغوط على "الانتقالي" من أجل السماح بعقد جلسات البرلمان في العاصمة المؤقتة. وفي هذا السياق جاء اللقاء بين الزبيدي ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني وهيئة رئاسة المجلس، يوم الثلاثاء 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، في العاصمة السعودية الرياض.
مصدر مطلع: بحث الزبيدي وقيادة "الإصلاح" أهمية توحد المكونات في إطار مؤسسات الشرعية، وترحيل القضايا الخلافية
هذا اللقاء جاء بعد يومين من اجتماع هيئة رئاسة مجلس النواب برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لبحث استئناف جلسات البرلمان في عدن، وأطلعت الهيئة العليمي خلال اللقاء على خطة المجلس لاستئناف عقد جلساته، ومشروع جدول أعمال دورته المتعثرة منذ سنوات، وفقاً لما ذكرته وكالة "سبأ" في نسختها الموالية للشرعية. كما عقدت هيئة رئاسة البرلمان لقاءً لمناقشة الترتيبات الخاصة باستئناف جلسات المجلس. وتضمن اللقاء مناقشة الترتيبات اللازمة لاستئناف انعقاد جلسات المجلس للقيام بمهامه التشريعية والرقابية، وفقاً لـ"سبأ".
وكشف عضو الكتلة البرلمانية لـ"التنظيم الناصري" عبد الله المقطري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك مشاورات من أجل انعقاد جلسات مجلس النواب في عدن، وأن المشاورات تجري في إطار هيئة رئاسة المجلس التي لم تفصح للنواب عن نتائج المشاورات على الرغم من طلب بعض النواب الإفصاح عن نتائجها، مضيفاً أن القضية مرتبطة بموقف "الانتقالي الجنوبي". وتزامنت هذه المشاورات مع لقاءات أجراها السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر بهيئة رئاسة مجلس النواب، ولقاء آخر مع رئيس "الانتقالي" للدفع بالجهود الرامية لاستئناف جلسات مجلس النواب من عدن. وتواصلت "العربي الجديد" مع عدد من قيادات "الانتقالي" للتعليق بشأن هذه اللقاءات، إلا أنها اعتذرت عن الإدلاء بأي تصريح.
البرلمان اليمني معطل
ومنذ بدء الحرب في اليمن لم يعقد مجلس النواب سوى جلستين، إحداهما في سيئون في العام 2019، وخصصت لانتخاب هيئة جديدة لرئاسة المجلس برئاسة الشيخ سلطان البركاني، والذي يشغل منصب الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، وجلسة أخرى في عدن في إبريل/ نيسان 2022 بهدف منح الثقة لمجلس القيادة الرئاسي، الذي تم تشكيله بالتوافق، ونقل صلاحيات الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي إليه، ومنح الثقة للحكومة.
ويعد مجلس النواب الحالي الهيئة الوحيدة المنتخبة من الهيئات القائمة في اليمن، وعقدت آخر انتخابات نيابية لانتخاب البرلمان المكون من 301 عضو في إبريل 2003 وتم التمديد له في العام 2006 باتفاق سياسي بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك حينها. وتعرقل إجراء انتخابات نيابية بعد ذلك بسبب أحداث ثورة فبراير/ شباط 2011 حيث تم التمديد للبرلمان مجدداً وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ليتعرقل الأمر مرة أخرى بسبب انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم على صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014. ويعيش مجلس النواب اليمني حالياً حالة من الانقسام، حيث التحق عدد من البرلمانيين بالحكومة الشرعية ويمثلون الأغلبية التي تمنحهم النصاب القانوني، فيما بقي عشرات البرلمانيين في صنعاء تحت سلطة الحوثيين، وخلال الفترة منذ آخر انتخابات برلمانية توفي أكثر من 35 برلمانياً لتبقى دوائرهم الانتخابية شاغرة.
وقال المحلل السياسي آدم الحسامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحروب وحالات الطوارئ لا ينبغي أن تعطّل كافة الأطر القانونية للدولة، وهناك مفهوم خاطئ وشائع أن الحروب ترتبط بالفوضى القانونية الكاملة، إذ تمارس بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية المستجدة سلوكيات بحجة أن الوضع القانوني معطّل، بينما الحقيقة أن المبادرة الخليجية وهذا الظرف المستمر منذ عشر سنوات يعطّل آلية انتقال السلطة"، مضيفاً: "أما بقية الأطر القانونية فينبغي تفعيلها لأن معركتنا القانونية ضد المليشيا التي تحاول خلق منظومة قانونية جديدة تنسف التراكم الذي ينبغي استثماره في بناء الدولة، ولا يمكن بأي حال أن نبدأ من الصفر".
آدم الحسامي: البرلمان لا يقوم بدوره، واجتماعه خارج اليمن حالة مهينة للشرعية وممثلي الشعب
وحول إمكانية نجاح المشاورات الهادفة لانعقاد البرلمان، قال الحسامي: "لا نستطيع أن نجزم بأي توقع، لكن ينبغي أن تنجح هذه المشاورات، ومن المهم أن نخرج من هذه الحالة المائعة، فمنذ بداية الحرب والبرلمان لا يقوم بدوره، واجتماعه خارج اليمن هي حالة مهينة للشرعية وممثلي الشعب الموالين للشرعية في البرلمان، وحضورهم في عدن هو إجراء أساسي وبديهي تأخر كثيراً".
ورأى المحلل السياسي أن "الإصلاح والانتقالي كيانات قديمة عفا عليها الزمن، ولا توجد لديها مشروعية مستقبلية، وتنتمي للماضي، لكن لا ينبغي أن نلجأ إلى العدمية ورفض الجميع بحجة عدم صلاحيتهم للمستقبل، ومن المهم أن نتعامل مع كل الكيانات الموجودة إلى أن تُخلق كيانات تنتمي إلى اليمن الجديد". وأضاف: "ما لدينا الآن هي مكونات سياسية لتسيير الحياة السياسية في هذه الفترة الانتقالية التي طالت، وبالتالي أي تقارب وأي خصومة هي جزء طبيعي من المشهد السياسي، لكن المعمول هو تجاوز هذه الحالة في تكوينات سياسية جديدة تعطي اعتباراً للأجيال التي لم تعرف أسباب الخصومات القديمة ولم تعايشها وليس لها علاقة بكل أسباب الخصومات من الماضي".