الرئيس الجزائري يزور إيطاليا: لشراكات اقتصادية وتفاهمات سياسية

الرئيس الجزائري يزور إيطاليا بعد تركيا: لشراكات اقتصادية وتفاهمات سياسية

18 مايو 2022
يسرّع الرئيس الجزائري في الفترة الأخيرة من وتيرة زياراته إلى الخارج (Getty)
+ الخط -

يقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة إلى ايطاليا في 26 مايو/ أيار الجاري تدوم يومين، تلبية لدعوة وجهها له الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، كان قد حملها رئيس الوزراء ماريو دراغي، الذي زار الجزائر في السادس من شهر إبريل/ نيسان الماضي.

ويسرّع الرئيس الجزائري في الفترة الأخيرة من وتيرة زياراته إلى الخارج، ضمن بحث حثيث عن شراكات اقتصادية أكثر نجاعة وتفاهمات سياسية حول قضايا إقليمية تهم الأمن القومي للجزائر. فبعد سلسلة زيارات قادته إلى دول عربية، ثم إلى تركيا، الأحد الماضي، تأتي الزيارة المرتقبة للرئيس تبون إلى إيطاليا ضمن هذا السياق.

 وتبرز الزيارة إلى إيطاليا حماسة لافتة للجزائر لتعزيز علاقاتها مع روما، كأبرز شريك ومرتكز لعلاقاتها مع الضفة الشمالية للمتوسط، في مقابل توتر لافت للعلاقات السياسية والاقتصادية مع دول أخرى، على غرار فرنسا وإسبانيا، وتلمس هذه الحماسة في تصريحات أخيرة للرئيس تبون، قال فيها إن "هناك أسبابا تقف وراء ذلك، تاريخية تخص وقوف إيطاليا مع الجزائر في الظروف الصعبة"، حيث أكد أنها "الدولة الوحيدة التي لم توقف رحلات طائراتها إلى الجزائر خلال الأزمة الأمنية في التسعينيات، واقتصادية لكون الاقتصاد الجزائري يشبه الاقتصاد الإيطالي المبني على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة".

تبرز الزيارة إلى إيطاليا حماسة لافتة للجزائر لتعزيز علاقاتها مع روما

وأبدى تبون في السياق إعجابه بتجربة الاقتصاد الإيطالي، وقال إنه يشبه الاقتصاد الجزائري، وحث الحكومة الجزائرية على التنسيق مع القطاعات الوزارية في إيطاليا، لنقل تجربة إنشاء المؤسسات الصغيرة والناشئة.

وكان وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب قد زار إيطاليا، الخميس الماضي، تمهيدا للزيارة المرتقبة للرئيس تبون، خاصة في الشق المتعلق بالقضايا والاتفاقات الاقتصادية، كما سبق للأمين العام لوزارة الخارجية شكيب أحمد قايد أن زار روما قبل فترة قصيرة لتحضير الملفات والاتفاقات السياسية التي سيتم التوقيع عليها في هذه الزيارة.

على الجانب الآخر، كان عدد من المسؤولين الإيطاليين قد وفدوا إلى الجزائر منذ الإعلان عن مشروع هذه الزيارة في شهر فبراير/ شباط الماضي، على غرار وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الذي زار الجزائر في نهاية شهر فبراير الماضي، مباشرة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، لمناقشة قضايا تخص الطاقة وضمان إمدادات الغاز، والرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالتسي، ورئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي.

ويحمل الرئيس الجزائري في زيارته المقبلة إلى إيطاليا نص قانون جديد للاستثمار ستتم مناقشته يوم غد الخميس في اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، لعرضه على رجال الأعمال والمستثمرين الإيطاليين ومدراء الشركات والمؤسسات الإيطالية، يتضمن تسهيلات وامتيازات للمستثمرين، وضمانات استقرار تشريعي، وخاصة أن الجزائر تسعى إلى تجاوز ملف الطاقة في علاقاتها مع إيطاليا.

وعلى الرغم من أن ملف الطاقة وإمدادات الغاز الجزائري إلى ايطاليا يأتي على رأس أبرز الملفات في العلاقات بين البلدين حيث بلغت صادرات الغاز الجزائري إلى إيطاليا مليارا و500 مليون متر مكعب في غضون شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، ويتوقع أن تصل إلى 800 مليون متر مكعب بعد اتفاق مارس/ آذار الأخير، إلا أن الجزائر تراهن بالأساس على شراكة أوسع مع إيطاليا في مجالات الصناعة العسكرية والصيد والزراعة والمؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة والطاقات المتجددة.

 وستكون زيارة الرئيس تبون إلى روما في نهاية الشهر الجاري، والتي تأتي مباشرة بعد أسبوع من زيارته إلى تركيا، الأولى له إلى دولة غربية والسابعة إلى الخارج (خمس منها إلى دول عربية) منذ اعتلائه سدة الحكم، لكنها تحمل إشارة سياسية واضحة باتجاه فرنسا تحديدا.

ويُعتقد أن اختيار تبون لروما بدلا من باريس مدخلا إلى التواصل السياسي مع المنطقة الأوروبية ربما يكون مقصودا لبعث رسالة واضحة تتضمن وجود تحول جدي في علاقات الجزائر الإقليمية، تزامنا مع توترات سياسية واقتصادية مع كل من فرنسا وإسبانيا، وإعادة ترتيب جديد لشركائها الاقتصاديين، اعتبارا لمصالحها الداخلية.

المساهمون