الرئاسي الليبي يسعى للاضطلاع بدوره الخارجي... فهل ينجح؟

الرئاسي الليبي يسعى للاضطلاع بدوره الخارجي... فهل ينجح؟

31 يوليو 2021
يستوجب حراك المجلس الرئاسي خبرة سياسية قد لا يمتلكها القادة في الوقت الحالي (تويتر)
+ الخط -

يسعى المجلس الرئاسي في ليبيا للاضطلاع بمهام السياسات الخارجية، وفقاً لصلاحياته التي حددتها خارطة الطريق المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي، وذلك في محاولة لإعادة رسم خارطة المصالح الخارجية، وضبط إيقاعها بما يتوافق مع الجهود الرامية للوصول بالبلاد إلى مرحلة الانتخابات، كمقاربة ليبية جديدة بعد فشل نسبي في الدور الذي لعبه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، من خلال عمله على رؤية تقوم على مقاربات اقتصادية للأطراف المتنافسة في الملف الليبي، خصوصاً في ملف إعادة إعمار البلاد، لمحاولة ضمان مصالحها جميعاً.

وتأتي الزيارتان اللتان أجراهما رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إلى الكونغو والجزائر وزيارات مقبلة في هذا الإطار، وفقاً لمصادر ليبية مطلعة، كشفت النقاب عن أن حقيبة المنفي تحمل رؤية خاصة بالمجلس الرئاسي تتضمن مقترح حل شامل، يركز في أولوياته على خفض حدة التوترات في علاقات الدول الإقليمية المعنية بليبيا، واستثمار مواقف دول أخرى في إحراز تقدم جديد في أكثر الملفات تعقيداً، لا سيما في ملف القوات الأجنبية والمقاتلين المرتزقة.

وكشفت المصادر أن المنفي ناقش خلال زيارته للكونغو، الثلاثاء الماضي، مع رئيسها دينيس ساسو، المشاركة الأفريقية في لجنة دولية مرتقب تشكيلها من الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا، وطلب أثناء اللقاء من ساسو، بصفته رئيساً للجنة الأفريقية الخاصة بشأن ليبيا؛ دعم الاتحاد الأفريقي لرؤية ليبية خاصة تتضمن حلاً شاملاً لأزمة الجنوب الليبي التي تتقاطع فيها مشكلة المهاجرين غير الشرعيين والحدود والمقاتلين المرتزقة، إضافة لتحوله لبؤرة مقلقة لعدد من دول الجوار العربي والأفريقي. وأشارت المصادر إلى أن المنفي حصل على وعود من جانب ساسو بشأن مضاعفة جهوده لدى دول أفريقية لبحث إمكانية عودة المسلحين المتمردين المتواجدين في الجنوب الليبي إلى بلدانهم.

وأشارت المصادر إلى أن الوضع الأمني في الجنوب كان الملف الأكثر حضوراً في زيارة المنفي للجزائر، التي دامت ليومين واختتمها الخميس الماضي، محاولاً خفض حدة المخاوف الجزائرية من اقتراب مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر من حدودها الجنوبية الشرقية، وإقدامه على غلق منفذ حدودي بين البلدين.

وقالت المصادر إن المنفي أعلم الجانب الجزائري أن حراك حفتر في تلك المنطقة جرى بعلم المجلس الرئاسي وأوامره، وأنه يأتي ضمن غرفة العمليات المشتركة لتأمين الجنوب، التي أمر المجلس الرئاسي بتشكيلها في يونيو/حزيران الماضي، بالإضافة لمناقشته إمكانية فتح منفذ الدبداب الحدودي عند مدينة غدامس بدلاً من منفذ إيسين أقصى الجنوب، والذي أقدمت مليشيات حفتر على إغلاقه لاعتبارات أمنية.

وفيما أشارت المصادر إلى ارتباك شاب زيارات المنفي مؤخراً؛ بسبب التغير الحاصل في تونس، ما اضطر عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي إلى إجراء زيارة عاجلة للعاصمة التونسية التقى خلالها الرئيس التونسي قيس سعيّد، الخميس، وأبدى موقفاً مؤيداً لقراراته الأخيرة، وأكدت المصادر أن المنفي تلقى رسائل قلقة من الجانب التركي حيال موقف المجلس الرئاسي من الأحداث في تونس خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء وجوده في الجزائر.

ويطمح المجلس الرئاسي إلى استثمار التقارب الحاصل بين عدد من الدول المتدخلة في الشأن الليبي؛ لبناء رؤية تتضمن حلولاً شاملة للقضايا العالقة، في محاولة لإفساح المجال للجهود الرامية للتوافق على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات المقبلة، ومن بينها ملف القوات الأجنبية والمقاتلين المرتزقة، وقالت المصادر إن "المنفي شجع ضباطاً من قادة طرفي الصراع وعلى رأسهم خيري التميمي من معسكر شرقي ليبيا ومحمد الحداد من جانب معسكر غربي البلاد لزيارة موسكو؛ تلبية لطلب الأخيرة، للتباحث بشأن ضمانات بقاء التوازن العسكري الحالي في حال جمود".

ولفتت المصادر إلى أن المجلس يحاول الحد من التدخلات الدولية في المسار الدستوري الهادف لتهيئة الظروف للانتخابات المقبلة، ويسعى رئيسه المنفي لزيارة عدد من العواصم الإقليمية، ومن بينها الرياض قريباً، قبل أن يعود لليبيا ليستأنف جولته بزيارة عواصم أخرى من بينها القاهرة وأنقره وباريس التي سبق أن زارها.

ورغم القلق الذي يشوب العلاقات الجزائرية المصرية في الملف الليبي؛ يرجّح الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق أن يكون المجلس الرئاسي أكثر تقبلاً للسياسات المصرية في ليبيا، خصوصاً أنها نجحت في توجيه مواقف حفتر الرافضة للانخراط في أي تقارب مع قادة الأطراف الليبية وبشكل خاص رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، كما أنها لم تظهر موقفاً مؤيداً للحراك المعرقل الذي يقوده رئيس مجلس النواب عقيلة صالح للمسار الدستوري وتهيئة الأوضاع للانتخابات المقبلة.

وإلى جانب الموقف المصري المتغير جذرياً حيال المساعي الإماراتية المصرة على إغراق ليبيا في الفوضى ودعم استمرار وجود المرتزقة الأفارقة؛ يرى البرق في حديث لـ"العربي الجديد" أن الرئاسي يسعى لحشر أبوظبي في الزاوية بعد مستجدات المواقف السعودية منها، خصوصاً أن الأخيرة تملك علاقات وثيقة بموسكو التي أبدت مرونة في قضية تواجدها العسكري في ليبيا، علاوة على مسؤولية الرياض عن فتح الطريق أمام فاغنر الروسية للتواجد في ليبيا؛ فهي من مولت تواجدها في صفوف مليشيات حفتر أثناء العدوان على طرابلس.

لكن البرق يرى في الوقت ذاته أن حراك المجلس الرئاسي يستوجب خبرة سياسية لا يبدو أن قادة الرئاسي في العمل الدبلوماسي يمتلكونها، وأضاف: "الدبيبة من قبلهم حاول إغراء كل الأطراف بالأموال الليبية والعقود الضخمة، لكنه فشل بسبب سياسته الداخلية التي أعادت حفتر ليكون طرفاً أساسياً ومناوئاً له"، ويرى أن "العواصم ستنظر إلى مساعي المجلس الرئاسي بأنها أضغاث أحلام كونه انطلق إلى الخارج قبل أن يترتب الداخل الذي يعاني من انسداد دستوري واستقطاب سياسي حاد، وكذلك وضع حفتر الذي لا يزال مصدر قلق للجميع، بما في ذلك الدول التي تورطت في دعمه عسكرياً وسياسياً".

المساهمون