Skip to main content
الرئاسة التونسية تنفي الوثيقة المسربة: "نترفع عن هذه الأساليب"
العربي الجديد ــ تونس
المصدر: الرئاسة تترفع عن هذه الممارسات التي أصبحت أغراضها معلومة للجميع (الأناضول)

نفى مصدر في الرئاسة التونسية صحة الوثيقة المسربة التي تداولتها مواقع إعلامية في تونس وخارجها، والتي تتحدث عن انقلاب مزعوم تقوم به الرئاسة التونسية.

ونفى المصدر نفياً تاماً ما ورد في هذه الوثيقة، مؤكداً أن رئاسة الجمهورية لا تتعامل بهذه الأساليب التي وصفها بالتافهة والسخيفة، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الرسالة المذكورة ليست صادرة عن الرئاسة، وليست موقعة، ولا تحمل حتى اسم مرسلها، معتبراً أنها مسرحية سيئة الإخراج هدفها للتشويش على الوضع في تونس، والرئاسة تترفع عن هذه الممارسات التي أصبحت أغراضها معلومة للجميع.

وكان التونسيون، تداولوا منذ أمس الأحد، الوثيقة التي حصل عليها موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، وتدعو الرئيس قيس سعيّد إلى انتزاع السيطرة على البلاد من الحكومة، ووضع الخصوم السياسيين تحت الإقامة الجبرية.

وأثارت الوثيقة المتداولة، والتي حملت عنوان "حول تفعيل الفصل 80 من الدستور"، والموجهة إلى مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة بتاريخ 13 مايو/أيار الحالي، من دون أن تحمل أي توقيع، وتتضمن تفاصيل الإجراءات التي يمكن للرئيس أن يتخذها؛ ردود فعل كبيرة اليوم في تونس، وسط تشكيك واسع فيها وفي قدرة أي طرف على تنفيذ ما ورد بها، لا سيما أن أغلب ما ورد فيها يبدو غير واقعي ويتناقض مع التطورات على الأرض، ولا يعدو كونه محاولة من قبل البعض للاستثمار في الأزمات وإشاعة أخبار زائفة.

وتجدر الإشارة إلى أن كلاّ من الرئيس قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي حضرا معاً أمس الأحد جنازة المناضل الديمقراطي الراحل أحمد المستيري، وعاد رئيس الحكومة هشام المشيشي من ليبيا إثر زيارة مهمة للغاية في وفد كبير ضم رؤساء منظمات رجال الأعمال والفلاحين والعمال.

ولم تحمل الوثيقة المتداولة أي توقيع، ولا يُعرف عن أي جهة صدرت، ولكنها موجهة كما تبينه إلى مديرة الديوان الرئاسي، من شخص يقول إنه لا معرفة له بالقانون الدستوري، ويحذر من إمكانية قيام رئيس الحكومة هشام المشيشي، بتفعيل التعديل الحكومي الذي أقره البرلمان ورفضه الرئيس سعيد، خلال زيارة هذا الأخير إلى فرنسا، مع العلم أن الرئيس سعيد أنهى الزيارة وعاد من فرنسا ولم يحدث شيء كما رجّح كاتب التقرير.

وبحسب الوثيقة، تتمثل الخطة في دعوة رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي وشخصيات أخرى إلى القصر الرئاسي لحضور اجتماع لمجلس الأمن القومي، والإعلان عن الانقلاب المزعوم في وجودهم، مع عدم السماح لهم بالمغادرة، وإلقاء القبض على كبار السياسيين ورجال الأعمال، ومن بينهم قيادات حركة النهضة، مثل نور الدين البحيري ورفيق عبد السلام وعبد الكريم الهاروني وسيد الفرجاني، ونواب من كتل أخرى ورجال أعمال ومستشارون في الحكومة. ثم يلقي الرئيس قيس سعيد خطاباً تلفزيونياً بحضور المشيشي والغنوشي للإعلان عن تفعيل الإجراءات الجديدة وتعيين اللواء خالد اليحياوي وزيراً للداخلية بالنيابة، ونشر القوات المسلحة "على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية".

ويقترح صاحب الوثيقة أن يتم الإعلان عن تأجيل جميع مدفوعات فواتير الكهرباء والمياه والهاتف والإنترنت والقروض المصرفية والضرائب وتعليقها لمدة 30 يوماً، وتخفيض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20 في المئة، لكسب التأييد الشعبي.

ويعود صاحب الوثيقة ليقترح تغييراً على كل أعضاء الحكومة بشرط أن يبقى المشيشي رئيساً لها، برغم أنه تحت الإقامة الجبرية في القصر الرئاسي بحسب الوثيقة.

وفي السياق، نقل الموقع عن مصدر قال إنه مقرب من مستشاري الرئيس، أن الخطة كانت تناقش في الدوائر المقربة من سعيّد منذ إبريل/نيسان 2021، لكنه لم يتم تسليمها له مباشرة.

على الرغم من ذلك، أكد الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي في تصريح لـ"العربي الجديد" أننا وصلنا إلى مرحلة أن "جهات تعمل على الاستثمار في الأزمات، وعندما يكون هناك صراع ظاهري في السلطة فإن هذه الجهات تعمل على تأجيج الصراع وترويج الأخبار الزائفة وبث الخوف في صفوف التونسيين وتحريض جهة على جهة باعتماد منشورات لا تمت للواقع بصلة"، مضيفاً أن "هذه الوثيقة لا تتضمن مصدراً ولا أسماء، وهي صادرة عن مرضى نفوس في السياسة وأناس لا يريدون خيراً للبلاد"، بحسب قوله.

وأوضح الشابي أنه وللأسف "هناك رعاة في الخارج ومتعاونون في الداخل، يحاولون ضرب تونس وتأجيج الوضع غير المستقر، خاصة عندما تبرز البوادر الإيجابية، وهناك محاولة لإرساء ثقافة الهدم بدل البناء"، مؤكداً أنه "لابد من التصدي لمثل هذه الادعاءات لأن ما ورد في الوثيقة هو أضغاث أحلام لبعض الانقلابيين ممن يبحثون عن طريق اختراع مقترحات ورسالة لمديرة ديوان الرئاسة لتوريط الرئاسة، وحقيقة لابد من الوقوف أمام مثل هذه الممارسات التي تحاول تأجيج التوترات".

وتابع أن "تونس في وضع صعب ولا يوجد أفق لحل الأزمة، وهذا ما شجع هذه الأطراف على الدخول على الخط لإرباك الوضع، لأن مثل هذه المشاريع تخفي مشاريع استبدادية ومضادة للانتقال الديمقراطي ووراءها جهات لا رغبة لها في نجاح المسار الديمقراطي والثورة، وهو ما يجب الانتباه له. فزيارة تونس الناجحة إلى ليبيا والتي تنبأ بمؤشرات جيدة قد تدفع جهات لترويج إشاعات بنزعة تهديمية".

وبيّن النائب المستقل حاتم المليكي، أن "ما تطرحه الوثيقة غير وارد، فالانقلاب غير ممكن في تونس وغير مطروح ولا إمكانية لانقلاب رئاسة الجمهورية على المؤسسات، فهذا غير مقبول لا داخلياً ولا خارجياً".

وبيّن أن ما حصل "يعود إلى حال الضعف والانسداد الذي تمر به تونس، فأغلب البلدان التي تعيش وضعاً مماثلا تكون مستهدفة، وأرضاً للأخبار الزائفة"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "هذه الشائعات بدأ الترويج لها منذ فترة، والحديث عن إمكانية حصول انقلاب من رئيس الجمهورية للاستيلاء على السلطات"، مؤكداً أن "مسألة الانقلابات في تونس غير مطروحة فالثقافة التونسية، وهيكلة وتقاليد المؤسسات والجيش لا ينخرط في الانقلابات، كلها عوامل تمنع هذا التوجه".

وتابع أن "ما يطرح بشأن النظام السياسي والأزمة الدستورية مفهوم، وسببه النظام السياسي الهجين الذي يخلق عديد الإشكاليات"، مبيناً أن "الإشكال أن عناصر الضعف في تونس زادت، وانسداد الأفق يعمق الشعور بضعف الدولة، فتداعيات أزمة كورونا وضعف قرارات الحكومة وغياب الحلول في التنمية، والبطالة، والتراجع في المجال الاجتماعي والاقتصادي والمؤشرات المالية، والانقسام داخل البرلمان وبين الأحزاب وتصديرها إلى الشارع وتنامي خطابات العنف، كلها عوامل تخلق مناخاً عاماً يؤشر إلى عديد الإشكاليات ويهدد السلم الاجتماعي".

وعلق رئيس كتلة حزب "قلب تونس" أسامة الخليفي، على الوثيقة المسربة قائلاً إن "عهد الانقلابات انتهى والدولة محصنة بشعبها ومؤسساتها".

وبين الخليفي في تصريح لإذاعة "موزاييك" الخاصة أن "الهدف من هذا التسريب هو إرباك عمل الدولة"، مشدداً على "ضرورة التصدي لهذه المحاولات".

وأشار الخليفي إلى أن "حزب "قلب تونس" لا يعطي أهمية لمثل هذه الوثائق المسربة رغم أنها تساهم في مزيد تأزم الوضع وتقدم صورة عن عدم وجود استقرار في تونس خاصة على المستوى المؤسساتي والسياسي".