الديمقراطية تواجه نكسات في العالم رغم مساعي بايدن

الديمقراطية تواجه نكسات في العالم رغم مساعي بايدن

31 أكتوبر 2021
أعلن بايدن قمة للديمقراطيات تبدأ في كانون الأول (بريندان سميالوفسكي/ فرانس برس)
+ الخط -

تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن إعطاء دفع كبير لتعزيز الديمقراطية في أنحاء العالم. لكن منذ توليه منصبه، واجهت الديمقراطية نكسات متكررة.

من بين ثلاث دول كانت تحولاتها الديمقراطية ملهمة، إذ شهدت بورما والسودان عودة العسكريين إلى السلطة وإقالة القادة المدنيين وقمع الاحتجاجات في الشوارع، بينما في تونس، التي كانت مهد "الربيع العربي"، وسّع الرئيس سلطاته فيها.

كذلك، استولت المجموعات العسكرية على السلطات في غينيا ومالي وتشاد، بينما في أفغانستان، سيطرت حركة طالبان على البلاد بعد انسحاب القوات الأميركية الذي أدى إلى انهيار سريع للحكومة المدعومة من الغرب.

وفي حين أن عوامل محلية تؤدي دورا في كل بلد، يرى خبراء أن توجهات مشتركة، بما فيها انعدام الأمن الاقتصادي الذي تفاقم بسبب كوفيد-19 وتغير المناخ ووجود نخب حاكمة فشلت في تلبية التطلعات، يمكن أن تدفع الصين إلى دعم الدول المنبوذة من الغرب.

وقال ديريك ميتشل أول سفير للولايات المتحدة لدى بورما بعد تحولها الديمقراطي قبل عقد "هناك زيادة في الهجمات على الديمقراطية في كل أنحاء العالم، وليس في المطالبة بالديمقراطية".

وأوضح ميتشل وهو رئيس المعهد الديمقراطي الوطني الذي يروج للديمقراطية في كل أنحاء العالم "إنها مسألة عقليات قديمة متعنتة، خصوصا في السلك العسكري حيث لا يتخلى الناس عن السلطة والامتيازات بسهولة".


حل سحري 
وفاء بوعده الانتخابي، أعلن بايدن قمة للديمقراطيات تبدأ في كانون الأول/ديسمبر.
وتتناقض مواقف الرئيس الأميركي بشكل كبير مع تلك التي تبنّاها سلفه دونالد ترامب الذي تودد علنا لقادة استبداديين.

وباستثناء حالة أفغانستان، حيث كان قرار بايدن بإنهاء الحرب الأميركية التي استمرت عقدين محل جدل حاد، فإن القليل من الناس يربطون النكسات التي تواجهها الديمقراطية بالرئيس الأميركي الحالي.

وقالت فرانسيس ز. براون التي عملت على دعم الديمقراطيات في البيت الأبيض خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، "تستغرق الديمقراطية عقودا لتترسّخ وسنوات لتتآكل. لذلك أعتقد أنه لا يمكن لأي حكومة فعل الكثير في الأشهر التسعة الأولى".

واتّخذ بايدن موقفا حاسما عبر مسارعته في الرد على الانقلابيين في بورما والسودان، بما في ذلك تعليق المساعدات، كما أضافت براون الباحثة لدى مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

وتابعت "يظهر (بايدن) أن الولايات المتحدة تراقب وأنها مهتمة. لا يوجد حل سحري، لكن أعتقد أن كل ذلك لديه أهمية".

كذلك، ابتعد بايدن عن حلفاء ترامب بحيث علق بعض الدعم العسكري للسعودية، وجعل جزءا من المساعدات الأميركية لمصر منوطا بالتقدم في مجال حقوق الإنسان، رغم أن الناشطين يقولون إنه يجب أن يذهب أبعد من ذلك.

وقال سكوت وارن من معهد أغورا في جامعة جونز هوبكنز، إن دعوة بايدن إلى القادة لحضور قمة، غير كافية، ويجب أن يعطي الأولوية للمجتمع المدني والشباب.

وأضاف "أحيانا، قد تكون استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الديمقراطيات قائمة على ردود الأفعال بدرجة كبيرة. أعتقد أن وجود استراتيجية أكثر استباقية (تحدد) الشروط التي ستكون مطلوبة على المدى الطويل، أمر مهم فعلا".

وأقر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، بوجود "نكسات في بعض البلدان" في ما يتعلق بالديمقراطية، لكنه أضاف "سنواصل قيادة هذا الكفاح".

صدمة للنظام

صدمة للنظام صنف مؤشر "ذي إيكونوميست للديموقراطية" وضع الديمقراطية العالمية في العام 2020 عند أدنى مستوياتها منذ بدء الاستطلاع في العام 2006، ليس بسبب الانقلابات فحسب بل أيضا بسبب صعود شعبويين يمينيين في بلدان ديمقراطية.

وقال جوناثان باول، الخبير في العلاقات المدنية العسكرية في جامعة "سنترال فلوريدا"، إن الضربة الاقتصادية التي تسبب بها كوفيد-19 عجلت في تدهور الديمقراطية.

وأوضح "عندما تكون هناك بلدان تحاول الحفاظ على توازن هش بين الاستبداد وشكل من أشكال الديمقراطية، أي صدمة للنظام قد يكون لها تأثير خطير".

وهناك عامل آخر محتمل هو ظهور الصين كقوة قادرة على دعم الأنظمة التي يهملها الغرب.

واستدرك باول قائلا "ليس بالحجم الذي كنا سنشهده خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، لكنها ديناميكية مماثلة بحيث إذا قطع أحد الجانبين المساعدة العسكرية أو الاقتصادية، سيكون هناك إمكان للذهاب إلى الجانب الآخر".

وأقر ميتشل بعامل بكين لكنه وصفه بأنه مبالغ فيه، قائلا إن القادة الصينيين تصرفوا بشكل انتهازي.

لكنه قال إن الولايات المتحدة، باستقطابها المكثف والعنف الذي حصل في 6 كانون الثاني/يناير عندما هاجم أنصار ترامب مقر الكابيتول، لم تعد تقدم النموذج القوي نفسه.

وأضاف ميتشل "من المؤكد أن أولئك الذين يناضلون من أجل حقوقهم الديمقراطية لن يستسلموا لمجرد أن الولايات المتحدة ليست على مستوى المهمة".

وختم "لكن سيكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تثبت كيف تعمل الديمقراطية".
 

(فرانس برس)