الدورة الـ 76 للجمعية العامة: كورونا والمناخ والصراعات السياسية

الدورة الـ 76 للجمعية العامة: كورونا والمناخ والصراعات السياسية

18 سبتمبر 2021
الاجتماعات ستعقد بشكل خليط بين الافتراضي والشخصي (دانيال سليم/فرانس برس)
+ الخط -

يتوافد أكثر من مائة مسؤول، من قادة ووزراء خارجية، من حول العالم، إلى مدينة نيويورك، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة رفيعة المستوى، التي تفتتح الثلاثاء المقبل وتستمر لقرابة الأسبوع. على رأس الحضور الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي. ومن أبرز الغائبين بشكل شخصي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جينبينغ. وعلى عكس اجتماعات الدورة الـ75 في العام الماضي، التي كانت افتراضية بسبب جائحة كورونا، ستكون اجتماعات الدورة الـ 76 خليطاً بيت الحضور الشخصي والافتراضي. ومن بين العناوين الرئيسية التي تعقد هذه الدورة تحت مظلتها، جائحة كورونا وأزمة المناخ والتصدي لهما، إذ سيعقد أكثر من اجتماع رفيع المستوى حول القضيتين، من بينها اجتماع حول المناخ يترأسه رئيس الوزراء البريطاني.
وكانت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربارا ودوارد، قالت لـ"العربي الجديد" في نيويورك في وقت سابق، إن "تغير المناخ على رأس أولوياتنا، واجتماعات الجمعية العامة ستكون الأخيرة المهمة قبل اجتماعات قمة المناخ "كوب 26" (في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في غلاسكو). ونحن بحاجة إلى إحراز تقدم وبشكل عاجل". وأضافت: "هذا يعني أنه يجب جمع 100 مليار دولار لتمويل عمليات التكيّف والمرونة في البلدان المعرضة لتغيّر المناخ. إنه يعني الحصول على خطط طموحة من البلدان التي لم تحدد بعد كيف ستخفض الانبعاثات الدفيئة، لا سيما التخلص التدريجي من الفحم، وتنشيط الطبيعة وحمايتها".

ستعقد اجتماعات لمناقشة مواضيع ساخنة تتعلق بليبيا وأفغانستان واليمن وسورية وإيران

لكن هناك مواضيع ساخنة أخرى على جدول أعمال الجمعية العامة، وستشهد اجتماعات حولها من بينها ما يتعلق بملفات ليبيا وأفغانستان واليمن وسورية وإيران، على الرغم من بقاء مجابهة تحديات المناخ وكورونا على رأس الانشغالات الكبرى لأعمال الجمعية العامة لهذا العام، بالإضافة إلى العودة للعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وللمرة الأولى، سيعقد اجتماع رفيع المستوى، يوم الخميس المقبل، حول النظام الغذائي العالمي، ومجابهة ما يفرضه من هدر وتلوث، إذ إن النظام الغذائي العالمي الحالي مسؤول عن قرابة ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قد دعا لهذا الاجتماع، وقال عند إعلانه عن عقده، إن النظام الغذائي المتبع عالمياً هو "واحد من الأسباب الرئيسية لفشل العالم في البقاء ضمن الحدود البيئية للكوكب". هذا التحرك بالنسبة لغوتيريس هو جزء من أجندته التي أطلقها أخيراً حول التعاون متعدد الأطراف لمجابهة التحديات العالمية وفي إطار أجندة أعمال الأمم المتحدة للدورة الـ 76 للجمعية العامة والتي تستمر حتى سبتمبر/أيلول من العام المقبل.

وفيما توفي أربعة ملايين ونصف المليون شخص منذ مارس/آذار من العام الماضي بسبب جائحة كورونا، فضلاً عن أكثر من مئتي مليون مصاب بالفيروس، فإن نسبة الذين تلقوا اللقاح في الدول النامية تبقى متدنية جداً. وحتى اللحظة، لم تأت مبادرة "كوفاكس" المتعلقة بتأمين اللقاحات للدول الفقيرة، والتابعة لمنظمة الصحة العالمية، بثمارها، ولم يحصل صندوقها على التمويل اللازم لتغطية الاحتياجات حول العالم. وقد خلفت الجائحة تبعات اجتماعية واقتصادية خانقة حول العالم مع شكوك جدية بإمكانية تخطيها بسهولة في ظلّ مخاطر بيئية لا تحصى، وهو ما يجعل موضوع كورونا عنواناً رئيسياً على أجندة اجتماعات الأمم المتحدة، ولكن يبقى السؤال عما إذا كانت ستُتخذ التحذيرات من التداعيات التي خلفها الفيروس بجدية.

وعلى الرغم من قدوم عدد لا بأس به من المسؤولين رفيعي المستوى وبشكل شخصي لنيويورك، يبقى الرقم محدودا نسبياً إذا ما قورن بسنوات ما قبل تفشي كورونا. غير أن أغلب الاجتماعات متعددة الأطراف على المستوى الرفيع، ستعقد بشكل خليط بين الافتراضي والشخصي بسبب إجراءات كورونا التي تفرضها مدينة نيويورك. وفي هذا السياق، أعلنت نيويورك عن إقامتها مراكز تطعيم بالقرب من مبنى مقر الأمم المتحدة للراغبين في أخذ اللقاح، لكن هناك حاجة لأيام وربما أكثر للاستفادة من فعالية هذه التطعيمات وتكوين الحصانة المطلوبة.

مخاوف من أن يتحول مبنى الأمم المتحدة إلى مصدر من مصادر تفشي الوباء

وقبل أن تبدأ أعمال الجمعية العامة رفيعة المستوى، الثلاثاء المقبل، فإن السجال حول قضايا التطعيم وما إذا كان يجب السماح لغير المطعمين بالتجمع بأعداد كبيرة داخل مقر الأمم المتحدة قد بدأت مبكراً. وهناك مخاوف من أن يتحول مبنى الأمم المتحدة والوفود واجتماعاتها إلى مصدر من مصادر تفشي الوباء. وقد قلصت الأمم المتحدة عدد الأفراد من كل وفد المسموح لهم بالتواجد داخل قاعة الجمعية العامة، ولكن هذا لا يشمل المبنى ككل. كما منعت التنقل داخل المبنى من دون كمامات، لكنها إلى الآن لم تفرض إجراءً يمنع دخول غير المطعمين. وهذا يتناقض مع سياسات مدينة نيويورك التي تطلب أن يثبت أي شخص يرغب بدخول مبنى اجتماعات، كمركز مؤتمرات مثلاً، إثبات تلقيه اللقاح. وتعتبر مدينة نيويورك، مقر ومبنى الأمم المتحدة كمركز مؤتمرات، بحسب رسالة بعث بها مسؤول الصحة في المدينة إلى رئيس الجمعية العامة عبد الله شاهد. إلا أنه تم التوصل لـ"حل وسط" بحيث لا يطلب من الداخلين إلى مقر الأمم المتحدة إثبات التطعيم والاعتماد بدلاً من ذلك على مبدأ "نظام شرف". ومن المتوقع أن يستمر النقاش حول الموضوع وقد يثيره ساسة في المدينة لديهم مخاوف بشأن تفشي الفيروس، خاصة أن نيويورك تفرض جزاءات مادية على المطاعم والمقاهي ومراكز المؤتمرات إذا سمحت بدخول غير المطعمين أو الذين لم يتمكنوا من إثبات أنهم تلقوا اللقاح عن طريق البطاقات الخاصة بذلك.