"الدعم السريع" تعتقل قيادات تيارات إسلامية ومحسوبين على نظام البشير

"الدعم السريع" تنفذ حملة اعتقالات بحق قيادات تيارات إسلامية ومحسوبين على نظام البشير

18 مايو 2023
أُُسست قوات الدعم السريع في سنة 2013 على يد نظام البشير (Getty)
+ الخط -

تستمر قوات الدعم السريع في الخرطوم، بتنفيذ حملة اعتقالات في صفوف المدنيين المحسوبين على نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والمؤيدين للجيش في معركته الحالية، وأيضاً ضباط متقاعدين، وقيادات أخرى موالية لتيارات إسلامية.

وكان آخر المعتقلين رئيس تحالف التيار الإسلامي العريض، محمد علي الجزولي، وهو تحالف يضم عدداً من الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية ومحسوبة على النظام السابق، حيث داهمت قوة من الدعم السريع مكونة من 4 سيارات عسكرية، أمس الأربعاء، مكان وجود الجزولي بالخرطوم، حسب ما صدر من مكتب الجزولي، وهددت بضرب المبنى، ما اضطره إلى الخروج، واعتُقِل ومعه 4 آخرون من أقربائه.

والجزولي واحد من الشخصيات السياسية التي تدعم بقوة الجيش في عملياته العسكرية ضد قوات الدعم السريع، وعارض تحالفه بشدة الاتفاق الإطاري السياسي الموقع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بين الجيش والدعم السريع وقوى مدنية أخرى لحل الأزمة السياسية في البلاد، ودعا في أكثر من مرة الشعب السوداني للقتال بجانب الجيش.

وأمس الأول، أوقفت قوات الدعم السريع كذلك رئيس حزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، أنس عمر، من منزله بضاحية المعمورة شرق الخرطوم، واقتادته إلى مكان مجهول، طبقاً لأسرته.

وعمل أنس عمر، وهو ضابط رفيع في جهاز الأمن والمخابرات في عهد البشير، والياً لولاية شرق دارفور، واحتفظ في ذلك الوقت بعلاقة جيدة مع قوات الدعم السريع، التي كانت تدير المعارك ضد الحركات المسلحة في إقليم دارفور.

كذلك سبق للدعم السريع أن أوقفت، قبل أسبوع، النائب السابق للرئيس المعزول عمر البشير، الحاج آدم يوسف، في منزله بضاحية الأزهري، جنوب الخرطوم. وتشير الأنباء أيضاً إلى اعتقال قوات الدعم السريع لعدد آخر من ضباط الجيش المتقاعدين ممن تعتقد أنهم ينتمون إلى نظام البشير وحزب المؤتمر الوطني، واعتقلت أيضاً ضباطاً عملوا سابقاً في صفوف الدعم السريع، وانسحبوا مع بدء الحرب.

وكانت قوات الدعم السريع قد أُسست في سنة 2013 على يد نظام البشير الذي تولاها بالرعاية والعناية حتى وصلت إلى مرحلة من القوة والتأثير عسكرياً وسياسياً، وسنة 2019 لعبت دوراً في إطاحة النظام، ما اعتبر وسط أنصار النظام خيانة لهم، وتزايد التوتر بين الفريقين في أعقاب انقلاب قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان، العام قبل الماضي، وهو الانقلاب الذي ذكر قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" أنه بوابة لعودة النظام السابق إلى السلطة، وخطوة لعرقلة التحول الديمقراطي. 

وفي الوقت الراهن، تعتقد قوات الدعم السريع، أن قرار الحرب ضدها وما سبقه من تصعيد من جهة الجيش، يقف وراءه ضباط بالجيش محسوبون على النظام السابق يخططون لإعادة تنظيمهم إلى السلطة.

ويقول الناطق الرسمي باسم تحالف نداء السودان، هشام عثمان الشواني، إن ما حدث لأنس عمر وغيره، يعتبر جريمة اختطاف قامت بها مليشيا متمردة لا تتبع القانون ولا تراعي الأخلاق ولا تعرف القيم السودانية الكريمة، مشيراً إلى أن ما تعرض له أنس عمر ومن معه من المدنيين العزل من مداهمة منازلهم واختطافهم وترويع أسرهم أمر مرفوض وجريمة كاملة الأركان.

وأضاف الشواني، في حديث لـ"العربي الجديد": هذا النوع من الجرائم غير معروف في السياسة السودانية، رغم ما مرت بها من لحظات صراع متنوعة، مؤكداً أن اختطاف المليشيا المتمردة عدداً من المواطنين العزل وارتكابها كل أنواع الانتهاكات حتى القتل والاغتصاب والاختطاف تأتي كمحاولة يائسة لترسيخ أكاذيب حول الفلول والنظام السابق وإلى آخر ذلك. 

وتابع: "الشعب السوداني عموماً يستنكر مثل هذه السلوكيات، فهي تعبّر عن جبن وغياب للمروءة، وتلك شيم التمرد الغادر"، داعياً الحقوقيين كافة للعمل على كشف ومقاومة تلك الانتهاكات ضد أي مواطن سوداني.

وتوقع استمرار اعتقال مدنيين "لأن المليشيا المتمردة تهاجم كل الشعب السوداني، ويمكنها أن تفعل أي شيء، متوقع مع استمرار عجزها الميداني وغياب فرص النصر عنها وتريد أن تزيد من وتيرة الانتهاكات، بما في ذلك اختطاف واعتقال السياسيين المدنيين من الإسلاميين ومن غيرهم"، مبيناً أن "رد فعل الإسلاميين لن يكون بغير المصابرة والحكمة والتركيز على موقف دعم القوات المسلحة مع كامل الشعب السوداني حتى يتحقق النصر".

وفيما يقول المحلل السياسي يعقوب الدموكي، إن العلاقات بين قائد الدعم السريع حميدتي، والإسلاميين، وبخاصة المؤتمر الوطني، وصلت إلى حد العداء، خصوصاً من جانب قائد الدعم السريع الذي يتهم الإسلاميين بالانقلاب والتآمر عليه وتعطيل التحول الديمقراطي. في المقابل، يتهم الإسلاميون قائد الدعم السريع بدعم مجموعة الأحزاب اليسارية، وخصوصاً جماعة الاتفاق الإطاري.

وأشار الدموكي لـ"العربي الجديد" إلى أن "اعتقال القيادات المحسوبة على التيارات الإسلامية، أمر يحمل أكثر من مدلول، فالدعم السريع تريد أولاً بذلك خطف ود بعض الدول التي تسعى بشتى الطرق لكي لا يصل الإسلاميون إلى السلطة، كذلك إن "الدعم السريع" ترغب في هذه الخطوة توجيه رسالة للشعب السودان، وبخاصة اليسار المناهض للإسلاميين".

وتوقع الدموكي إطلاق سراح جميع الموقوفين حتى لا تزداد عزلة "الدعم السريع" بعد التجاوزات التي جرت من قبل بعض منسوبيها، وحتى لا يدخل الإسلاميون مباشرة في الحرب بجانب القوات المسلحة.

من جهته، يقول مستشار قوات الدعم السريع، أحمد عابدين، إن قواته منذ اليوم الأول للحرب أوضحت وصنفت أسباب اشتعال الحرب، محدداً الجهات التي أشعلتها وتصنيفاتهم السياسية، وعلى الدوام تعلن في بياناتها أن قوائم الإسلاميين المطلوبة لدى الدعم السريع، الهدف منها تحجيم أدوارهم في زيادة رقعة الحرب وتحويلها إلى حريق أكبر. 

وأوضح عابدين لـ"العربي الجديد" أن قوات الدعم السريع تعتقد أن "التنظيم الإسلامي داخل الجيش وبالتنسيق مع الجناح السياسي المتشدد في الحركة الإسلامية هم من أشعلوا هذه الحرب، وبالتالي، فإن الاعتقالات نفذت بناءً على هذه الفرضية".

المساهمون