الدبيبة حقق أهدافه... ماذا بعد؟

الدبيبة حقق أهدافه... ماذا بعد؟

01 ابريل 2021
توفرت لحكومة الدبيبة كل الظروف لتحقيق أهدافها (محمد الشيخي/فرانس برس)
+ الخط -

ما إن تسلّمت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة مهماتها حتى توفرت لها الظروف لتحقيق أهدافها من دون جهد، فالمؤسسات توحدت، وعلى رأسها مجلس النواب، وانتهى الانقسام الحكومي والسياسي تبعاً له، وبات الحل العسكري بعيداً جداً، وأسدل الستار على الماضي الدموي. كل هذا واقع ملموس اليوم، فماذا بعد؟

يُظهر الواقع أن الحكومة شُكّلت وفق منطق محاصصة المناطق والأقاليم، ما جعلها خالية من الخبرات، ولذلك يُستبعد أن تحقق أكثر مما فعلت، والنظرة الواقعية تحتم عليها أن تتحوّل إلى ما يشبه حكومة طوارئ لتسيير الأعمال والتعامل مع الأزمات الحادة المتصلة بالوضع المعيشي، عبر حزمة معالجات قصيرة المدى، والاعتراف بأنها حكومة أوجدتها الظروف الاستثنائية بعمر قصير لا يتجاوز بضعة أشهر. وعلى عكس مضمون مسماها، فالحكومة إذا تجاوزت إمكانياتها بالانخراط في ملفات شائكة لوضع حلول تتطلب فترات طويلة، قد تعيد سيناريوهات وقعت فيها الحكومات السابقة، وتتحوّل فترتها الانتقالية القصيرة إلى فترة تمهيدية يعاد فيها خلط الأوراق والاستعداد لفصل جديد من الاحتراب. فمعسكر خليفة حفتر لا يزال قائماً ومتشبثاً بالبقاء في المشهد، وحليفه الروسي أيضاً لا يزال يراكم المعدات العسكرية والمرتزقة ضمن سياسات ومصالح تتجاوز ليبيا وواقعها.

من بين القرارات المقلقة التي سارعت الحكومة لاتخاذها، دعوة الشركات الأجنبية للعودة إلى البلاد لمواصلة مشاريعها، وبتعبير لا وجود له في قواميس الدبلوماسية خاطب الدبيبة الدول الأجنبية بقوله "اعتبروا ليبيا مثل بيتكم"، في إطار حثها على إقناع الشركات الأجنبية لاستئناف أعمالهما، بل ووعدها بأعمال تنموية في البلاد، وكأنه لا يدرك أن الخطوات التي يتطلع لها تتجاوز عمر حكومته القصير، بل وكأنه لا يعي أن النفط والمال والمصالح الاقتصادية كانت المحرك لكل الحروب التي عاشتها البلاد.

واقع الأزمة ومستجداتها لا يفرضان على الحكومة أكثر من تجميد الأوضاع الحالية، والعمل فقط على استحقاق كبير في ملف المصالحة الوطنية ضمن مسارات دعم السلام وقطع الطريق أمام المتمسكين بالسلاح. أحد أهم أسباب خسارة مشروع العسكر إدراك القبائل أن أبناءها كانوا الوقود الذي أشعل الحرب، وتعالت أصواتها اليوم للتحقيق في الانتهاكات، في مؤشر جديد على ارتفاع مستوى الوعي بأهمية المصالحة الوطنية وتأسيسها على مبدأ عدم الإفلات من العقاب. فهل يدرك الدبيبة ذلك؟

المساهمون